الموقف الحكيم الذي خرج به الرئيس العراقي برهم صالح&من خلال رفض مرشح كتلة البناء لمنصب رئيس الوزراء،&جدد&الأمل على الساحة الشعبية&بان البلاد مازال يملك رجالا صالحين، ومازال بقدرة بعض الرجال حمل الراية&ووضع مصلحة العراقيين كأمة&اتحادية&فوق كل اعتبار، ومن خلال الرسالة التي وجهها السيد صالح الى مجلس النواب بين&انه على&استعداد&لتقديم استقالته&ولكنه غير مستعد لتقديم مرشح&لا&يمثل ولا&يلبي&ارادة&ورضا الشعب والمحتجين المنتفضين في ساحات الثورة، وبهذا الموقف الحكيمسجل الرئيس صالح موقفا وطنيا&لصالح كل المواطنين، وذلك&من خلال&وقوفه&الى صف الشعب&واعلان الاحترام والتقدير&لمطالب العراقيين الثائريين المدنيين السلميين.

ولاشك فان&موقف الرئيس صالح&يأتي&بعد المواقف&السلبية&التي&ابدتها&كتلة بناء الاكبر عددا&في مجلس النواب، وذلك&من خلال تقديم&المرشحين&قصي&السهيل واسعد العيداني&غير&المرغوبين&بهمافي ساحات وميادين متظاهري ثورة تشرين، ومن خلال&عدم تقدير واستيعاب&المطالب التي تقدم بها الثوار الاحرار، والمشهد&الذي عبرت عنه كتلة بناء&كان&بعيدا عن مراعاة مصالح العراق،&واشارت تقارير&ان&موقف&ترشيحات&الكتلة&كان خارجا&من دهاليز&خيوط الارتباط بين بعض&القوى السياسية العراقية والجمهورية&الايرانية،ارتباطات&تراعى فيها مصالح&الحكم&القائم في&طهران&على حسابمصالح&الحكم القائم في&بغداد.

وعند تحليل&وقراءة&رفض&الرئيس&العراقي لمرشح كتلة البناء&برئاسة المالكي والعامري، يتبين ما يلي:

(1)&ان كتلة البناء الاكثر عددا في مجلس النواب&مازالت بعيدة عناستيعاب مطالب الشعب الثائر في بغداد والمحافظات الجنوبيةبالتغيير والاصلاح الجذري، ومازالت متمسكة بالسلطة&وفق&نهجالفساد&التسلط.

(2)&الشخصيات التي قدمتها كتلة البناء لم تلبي طموح ومطالب الثوار الاحرار،&لانها&كانت&من&نفس وجوه&العملية السياسية الحاكمةالتي نهبت ثروات&واموال العراقيين،&والتي تحكم البلد&من سنة&2003&والى اليوم.

(3)&بسبب تقارب&المالكي من ايران وحساب العامري من رجال المحسوبين على خامنئي والمقربين لقاسم سليماني، فان تقديم اي مرشح من قبلهم جوبه بالرفض&القاطع&من قبل المتظاهرين&كما حصل بشأن السهيل والعيداني،&لان المنهج المحسوم لدى ثورةتشرين&هو عراقية القرار والارادة&واخراج البلد والنظام السياسيمن بودقة التدخلات الايرانية&والاقليمية.

(4) بالرغم من&التأكيد&المستمر للمتظاهرين على اختيار شخصية مستقلة ونزيهة وغير&مشتركة بالعملية السياسية، فان الكتل النيابية لم تعر اي اهتمام لهذا المطلب الرئيسي، وعلى العكس كانت مواقف الكتل&فيها مطاولة ومخادعة،&ومحاولاتهم&استمرت بتقديم مرشحين من نفس التركيبة الفاسدة الحاكمة،&وحملت&في عين الوقت&استفزازالمشاعر الثوار&واستبعادا&لتلبية مطالب الاحرار المحتجين السلميين.

(5) موقف الرئيس صالح&برفض مرشح كتلة البناء&كان حازما وحاسما،&وكان معبرا&عن&صحوة عراقية&جديدة في اتخاذ القرار الوطني المناسب والملبي لارادة العراقيين،&وكان بمثابة اعلان&رفض&شديد&للمواقف اللاوطنية واللعب السياسية المشبوهة التي&ترسم&من قبل&دوائر&وجهات&محلية واقليمية على&حساب العراق.

(6) الرئيس صالح بموقفه الوطني&هذا، وضح موقف الكرد من ثورة تشرين&ومن الثوار الاحرار ومن المنتفضين السلميين المدنيين، وبدلالة المعنى عبر&ان شعب اقليم كردستان يقف الى جنب العراقيين الثائرين من اجل تلبية الحقوق الوطنية المغتصبة من قبل الحكام الفاسدين المارقين منذ سنة الفين وثلاثة&والى اليوم.

(7)&وضوح رؤية موقف&الاتحاد الوطني الكردستاني&بالوقوف&خلف الرئيس صالح واعلان التأييد&له&بالكامل،&وهو بمثابة انحياز&الاتحاد الوطني&نحو ثورة تشرين&ونحو المتظاهرين&السلميين، بعد ان&ترددموقف حزب المرحوم جلال الطالباني&من&المظاهرات&في بداية انطلاقتها.

(8)&بالرغم من اعلان&استقالة عادل عبدالمهدي،&فان سلطة الاحزاب الحاكمة الفاسدة&ظلت&بمستوى&سابق عهدها،&وراوحت&في مكانها&وقاومت الاحداث&ووقفت بوجه الثورة بقوة&ولم تتعرض الى انحناء،&ولكن&بالموقف الوطني للسيد الرئيس برهم صالح&فان سلطة الاحزاب الحاكمة الرافضة لتلبية مطالب الثورة&سوف تبدأ&بالترنح وستلوح بالانحناء، وسوف&تتجه للانكسار،&وذلك لان&النظام&السياسي&الحاكم&يدأ&يدخل في&نفق&بداية نهايته، وبات ملامح سقوطه وشيكا.

والان وبعد&وضوح المشهد،&وبعد هذا السرد الموجز لقراءة المواقف الناتجة عن الموقف الحكيم لرئيس جمهوورية العراق، فان ثورة تشرين بدأت تدخل في مرحلة&تحريك الخطوات لاحداث التغيير المطلوب في&النظام السياسي الجاثم على صدور العراقيين،&ولكن على&الثوار المدنيين السلميين&التهييؤ والتحسب لردود افعال الكتل والحهات والاطراف&المناهضة لثورة&تشرين، وعلى القوى العراقية التي&تتسم بالوطنية وتؤمن&بالدستور&الوقوف الى جنب الرئيس صالح&والشعب والثورة،&وذلك&من أجل&اتخاذ&خطوات اكثر حكمة&لصالح العراق، خاصة وان البلاد&بامس الحاجة اليها&للخلاص من الظروف المأساوية التي يمر&بها،&وما طريق&التغيير والاصلاح&الا بنجاح&ثورة تشرين&السلمية.

(*) كاتب وباحث سياسي