أكاد أجزم أن لا علاقة لـ"الموساد الإسرائيلي" بإغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، كما حاول أن يوحي بهذا حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمقصود، وهذه عادة إسرائيلية قديمة وجديدة، هو إشعار كل من يهمه هذا الأمر بأن الإسرائيليين متفوقون في كل شيء وأن إستخباراتهم أهم إستخبارات في الكرة الأرضية وأنها متغلغلة في نسيج مجتمعات ودول العالم كله وأنها تنام مع بعض المسؤولين العرب في أسرّتهم وتعرف كل صغيرة وكبيرة في المنطقة العربية.

وبالطبع فإنه لا يمكن إنكار أن الإسرائيليين قد أخترقوا بعض الدول العربية وأنهم قد حقّقوا بعض الإنجازات في هذا المجال لكن المعروف والثابت هو أن بعض الإستخبارات العربية قد إخترقت حتى "الموساد الإسرائيلي" بالطول والعرض والمفترض أن قصة "رأفت الهجان"، الذي هو المواطن المصري رفعت علي سليمان الجمال، معروفة وأن المخابرات المصرية كان تفوقها هائلا في هذا المجال وأن من إنجازاته "الهجان" أنه زوّد بلده مصر بمعلومات في غاية الخطورة من بينها موعد حرب يونيو عام 1967 ولاحقاً بتفاصيل وافية عن خط بارليف الإسرائيلي عشية حرب عام 1973.

ثم وإنّ الثابت والمؤكد أن حتى المخابرات السورية في فترة من الفترات، ورغم تلاحق الإنقلابات العسكرية في هذا البلد، قد تمكنت من إختراق الموساد الإسرائيلي وأن أحد إنجازاتها هو إكتشاف حقيقة الجاسوس الإسرائيلي الذي كان قد حمل إسماً عربياً: "أيمن ثابت" وحيث أن إسمه الحقيقي هو : إلياهو بن شاؤول كوهين "إيلي كوهين" والمعروف أنه بعد أربعة أعوام من عام 1961 حتى عام 1965 قد تم إكتشافه وتم إلقاء القبض عليه وإعدامه في إحدى ساحات دمشق الرئيسية في 18 مايو عام1965 .

إنه لا شك في أن إسرائيل دولة مخابراتية وأنه كان ولا يزال لها باعاً طويلاً في هذا المجال لكن ومع ذلك فإن بعض الفصائل الفلسطينية قد تمكنت من مفاجآة "الموساد" بعمليات عسكرية ناجحة جدا من بينها "عملية الشهيد كمال عدوان"، في الرابع عشر من مارس عام 1978، التي كانت قادتها الشهيدة دلال المغربي وأدت إلى مقتل 38 إسرائيلياً في مواجهات دامية وحيث أن "الموساد الإسرائيلي" قد عجز عن إكتشاف هذه العملية قبل تنفيذها وذلك مع أن الإعداد لها قد إستمر في مخيمات بيروت ولفترة طويلة وأن المجموعة الفدائية التي قامت بالتنفيذ كانت قد استقلت زورقين مطاطيين وصلت بهما إلى شواطىء يافا الواقعة إلى الجنوب من مدينة تل أبيب.

والمؤكد أن الأيام المقبلة ستكشف أن "الموساد الإسرائيلي" لا علاقة له بمقتل الجنرال قاسم سليماني وآخرين وأنه إذا كان هناك تورطاً ساعد الأميركيين على القيام بما قاموا به فإنه وبالتأكيد تورط الذين تابعوا رحلته من بيروت إلى دمشق ومن دمشق إلى بغداد وأيضاً بعض الذين كانوا في وداعه في العاصمة السورية والذين كانوا في إستقباله في العاصمة العراقية ثمّ وإنه على بنيامين نتنياهو أن يتوقع، إن هو واصل "تبجحه" هذا ضربة إيرانية موجعة حتى في تل أبيب نفسها.