رغم أنّ بين دول هذا التحالف، إيران وروسيا وتركيا، ما صنع الحداد إلاّ أنّ كل دولة من هذه الدول تُمرر لحليفتها تجاوزات كثيرة وهذا ما يحدث الآن إذْ أنّ روسيا التي تعتبر نفسها حامية "أرمينيا" والمسؤولة عنها أمنياًّ وسياسيا وكل شيء قد "غرشت" حتى الآن على التدخل التركي السياسي وحتى العسكري في هذا الصراع الآذاري – الأرمني الذي هناك إحتمال وارد وفي أي لحظة أن يتحول إلى حرب إقليمية مدمرة ودامية.

والمعروف أنّ هذا كان قد جرى سابقاً حيث أنّ تركيا قد إلتزمت الحياد، وإنْ على مضض، على التدخل الروسي السافر في الشؤون السورية، إلى جانب نظام بشار الأسد المتأرجح والمهدد بالإنهيار في أي لحظة ضد المعارضة السورية وحيث أن "الرفاق" الروس سابقاً تركوا رجب طيب أردوغان، الذي بات يحتل موقع: "المرشد الأعلى للإخوان المسلمين"، لا يكتفي بتدخلاته السافرة في العراق والدول المجاورة، وبالطبع بإستثناء إسرائيل، لا بل بـ "غزو" إفريقيا وإحتلال العاصمة الليبية طرابلس ومعها بعض المناطق الأخرى.. وذلك في حين أن الحبل لا يزال على الجرار كما يقال!!.

وهنا فإن الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط بما فيه جزيرة قبرص، التي لم تكن قد أصبحت جزأين أحدهما يوناني والآخر تركي وهو الأصغر، كان وبالطبع ولا يزال مجالاً حيوياًّ للولايات المتحدة الأميركية مع "مشاركة" شكلية لـ "بريطانيا العظمى" ولعل ما هو معروف أن الروس قد صمتوا.. صمت أهل القبور على "إستعراضات" رجب طيب أردوغان في هذه المنطقة الحيوية والإستراتيجية التي تدعي اليونان "المسكينة" أن لها حصة مجزية فيها لأسباب متعددة وكثيرة.

وبالطبع فإنّ دولة الولي الفقيه لا علاقة لها بشرقي البحر الأبيض المتوسط ولا بمشاكله وإشكالاته وأنها، كما هو واضح، مكتفية بتمددها الإحتلالي في أربع دول عربية هي: "لبنان وسوريا والعراق واليمن" ومرتاحة جداًّ لصمت شركائها في هذا التحالف الثلاثي كما صمتت هي ولا تزال تصمت على توغل الأتراك في كردستان العراقية وتوغل الروس في سوريا وعلى غرار ما كان عليه الوضع في عهد الإتحاد السوفياتي وربما أكثر بألف مرة .

وهكذا فإنّ هذا هو واقع الحال في هذه المنطقة وأيضاً بالنسبة لهذه الدول الثلاث.. والسؤال هنا هو: هل من الممكن يا ترى أن يستمر هذا التحالف، الذي يصفه البعض بأنه شيطاني، إذا إهتزت هذه "المعادلات" التي تقف الآن على كف عفريت، كما يقال، وإذا تضاربت المصالح والواضح لا بل المؤكد أن مصالح هذه الدول ستتعارض وستتضارب وبخاصة إذا تطور الخلاف الآذاري – الأرمني إلى حرب مواجهة إقليمية سيكون الإصطفاف فيها على أساس أن تركيا ستكون إلى جانب "الآذاريين" وأن روسيا ستكون إلى جانب "الأرمن" ..وعليه فإنه غير مستبعد أن تكون إيران إلى جانب الروس وفي كل الحالات نظراً لأنها ستكون بحاجة إليهم إذا تطورت الأمور وغدت هناك مواجهة عسكرية إيرانية - أميركية!