بعد مصادقة الحكومة العراقية على دعم لبنان بالنفط الخام وزيادة هذا الدعم من 500 ألف طن إلى مليون طن , نشر دولة رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه برّي في 9 حزيران الجاري في موقعه الرسمي وفي قسم ( اخبار ونشاط الرئيس ) , نشر برقية شكر موجه إلى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي شاكراً باسمه وباسم المجلس النيابي والشعب اللبناني مصادقة الحكومة العراقية على دعم لبنان بالنفط الخام ,وجاء في نص البرقية : ( ببالغ الشكر والإمتنان تبلغنا موافقتكم وحكومتكم الكريمة على تزويد لبنان بمليون طن من النفط الخام بمعدل يكفي لسد نصف حاجة لبنان من هذه المادة سنوياً .بإسمي وبإسم المجلس النيابي والشعب اللبناني اتوجه بالشكر الجزيل للعراق رئيساً وحكومة ومجلساً وشعباً متمنين لكم التوفيق والسداد وللعراق المزيد من التقدم والاستقرار والازدهار.)(1 ) انتهى الاقتباس
وهنا انتهز هذه الفرصة لأوجه ندائي إلى دولة الرئيس نبيه برّي ,واكتب لسيادته بما يمليه عليّ ضميري كصحفي ومتابع للشان العراقي :
يا دولة الرئيس , إنّ الماكينة الإعلامية الرسمية للحكومة العراقية ، ما زالت تطبل للحكومة التي تورطت ولا تزال بعمليات قتل طالت المحتجين السلميين الذين خرجوا للشوارع بصدورعارية في (25 أكتوبر 2019 ، في العاصمة بغداد وبقية محافظات جنوب العراق احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار افة الفساد والبطالة والفقر والقتل المجاني .
ومن الجدير بالذكر ان الفئة التي تقود المظاهرات اليوم في العراق هي الشباب ، وأكثرهم عاطل عن العمل (حسبَ إحصائيّات رسمية عراقية) , حيث كشف عضو في لجنة العمل النيابية بالعراق السيد فاضل الفتلاوي، عن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في البلاد إلى نحو 15 مليون عاطل أغلبهم من شريحة الشباب بعد ان أغلقت الحكومة فرص التعيين والتعاقد مع مؤسسات الدولة .
ومن المضحك المبكي ان الحكومة لاتزال تزعم أنها تعمل لصالح المواطن العراقي ولبناء دولة ديمقراطية مدنية تحترم حقوق الانسان! ,وهذا يجافي المنطق والحقيقة والأدلة وجميع الوقائع على الأرض، فالخبراء المحليين والدوليين خذروا الحكومة العراقية من الإستبداد والظلم والجوروالطغيان والفساد، وهذا الذي دعا الشبيبة العراقية المنتفظة في جنوب ووسط العراق و بمختلف قومياتهم إلى الخروج ضد الطبقة الفاسدة وحيتانها في انتفاضة شعبية بشعار "نريد وطن "، وإنزال صورالمسؤولين العراقيين ودعسها بالأقدام ثم حرقها.
وقد تزامنت كل تلك المظاهرات مع الانهيار الاقتصادي وشل البنوك والأسواق و شحّ السيولة وانخفاض قيمة الدينارالعراقي مقابل الدولار وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وتفشي البطالة والفقر وسوء الخدمات وإنهيار التعليم وتدمير نسيج المجتمع العراقي في ظل سياسة الاحزاب الموالية للجارة السيئة إيران ,تلك الاحزاب التي ليس فقط لم تفلح في إعادة بناء ما دمرته النظام البعثي الفاشي خلال حكمه المقيت و بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة , وانما قامت بتدمير ممنهج لمرتكزات الدولة الأساسية (الصناعة والزراعة والتجارة والاقتصاد والثقافة ) بعد ان رسخت وعززت الهيمنة الطائفية بدعم من الدول الجوار وتحديداً إيران وتركيا في مؤسسات الحكم ,وتورطت ايضاً في الفساد والنهب والسرقات الكبرى لأموال الشعب وثروات الوطن الجريح .

يا دولة الرئيس :
هل سألتكم انفسكم , لماذا ملايين العراقيين يرزحون اليوم تحت خط الفقر، رغم الثروات الهائلة التي ينعم بها بلدهم، والتي يمكن أن تجعله في مصاف الدول الأغنى في العالم , حيث ياتي ترتيب العراق التاسع عالميا في الثروات الطبيعية، وانه يحتوي على نحو 11% من الاحتياطي العالمي للنفط، و9% من الفوسفات ( حسب آخر دراسة أجرتها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع البنك الدولي، في النصف الثاني من عام 2020)(2 ) , أضافة إلى واردات المطارات والمنافذ الحدودية والسياحة و العتبات المقدسة والمقامات الدينية.
يا سيد برّي, عن اي تقدم واستقرار وازدهارتتحدثون ؟
اسألكم : هل تتضمن مناهج التعليم في لبنان توجهات طائفية وحزبية في مختلف مراحل التعليم كمناهج التعليم في العراق ؟ هل تعرفون إن العراق يحتل الآن مقدمة قائمة الدول (المتخلفة )في مجال التعليم، بعد أن كان من الدول المتقدمة وحصل على جائزتين من اليونسكو قبل عام 2003؟ هل تعرفون , ان العراق هو أول من عرف الكتابة قبل آلاف السنين ، ووضع نظم العدالة وحقوق الإنسان ، إلا أنه يقف اليوم في المرتبة (الأسوأ )في الواقع التعليمي( حسب تصنيف منظمة اليونسكو ) التي صنفت العراق من ضمن البلدان التي تعاني صعوداً كبيراً في نسبة الأمية التي تجاوزت 47% (للأعمار بين 6 و55 عاماً) ؟
هل تعرفون يا سيد برّي ان العراق الذي يحتوي على ثاني أكبر احتياطي لـ( النفط) في العالم, ما زالت فيه حتى اليوم مئات (المدارس الطينية الآيلة للسقوط)، التي تحوي مقاعد دراسية محدودة ورَثَّة، يتكدس فوقها عشرات الطلاب من كلا الجنسين، إضافة الى انها تخلو من المستلزمات الأساسية التي تتوافر في المدارس العادية , فلا مكتبات أو مختبرات أو ملاعب أو مرافق صحية تصلح للاستخدام البشري، ويفتقر الطلاب فيها إلى الرعاية الطبية ( حسب تقارير المنظمات دولية ) ؟

يا سيد برّي :
هل تعلمون بان هناك قرابة 800 مدرسة تداوم دوامًا ثنائيًا وثلاثيًا في جميع مناطق (كربلاء) ,كما أن هناك 90 مدرسة يكون دوامها في 30 بناية فقط، و700 مدرسة يداوم طلابها في 350 بناية، ويصل عدد التلاميذ في الصفوف بالمناطق الشعبية والعشوائيات إلى 70 تلميذًا في الصف الواحد (حسب مديرية تربية كربلاء) ؟
يا دولة الرئيس : هل تعرف ان الديون الداخلية والخارجية للعراق يبلغ اليوم أكثر من 160 مليار دولار غالبيتها ديون خارجية( حسب تصريح عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي السيد عبد الهادي السعداوي )؟
هل تعرف يا سيد برّي ,إن نسبة معدل الأطفال الذين يولدون اليوم بتشوهات في المدن العراقية ، بات يفوق معدل التشوهات الخلقية في هيروشيما بعد العام 1945 ,نتيجة التلوّث السام البطيء والخطير والمستمر في العراق بسبب اليورانيوم المنضّب ( حسب البحوث التي كتبتها الباحثة والكاتبة المعروفة ( Carly A. Krakow عن الإشباع السام في العراق)(3 )

اكتفي بهذه الاسئلة واقول :
يا دولة الرئيس : ارجو منكم ان تراعون مشاعرالعراقيين وهم يعيشون اوضاعاً امنية ومالية واقتصادية صعبة جداً بسبب إستبداد الحكومة وفسادها والاستقطاعات الجائرة من رواتب الموظفين والغلاء الفاحش والتقشف والضرائب الكثيرة التي اثقلت كاهل المواطن العراقي المغلوب على أمره .
ارجو منكم ان ترفضوا دعم الحكومة العراقية التي فقدت شرعيتها لانها تقتل مواطنيها وتسرق وتنهب من قوت الشعب الذي يتلوَّى جوعاً وفقراً وبؤساً .
تضامنوا مع الشعب الذي( يريد وطن و يريد ان يعيش بامان لااقل ولا اكثر ), وارفضوا خيرات وثروات واموال الشعب العراقي المنهوبة والمنتزعة قسراً من أفواه الجياع والفقراء والمحتاجين وما أكثرهم في العراق.
اخيرا اقول :
من لا خير له في شعبه لن يجلب الخير لشعب لبنان .
و من لا خير فيه لأهله لا خير فيه للناس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ اضغط على الرابط التالي لقراءة برقية دولة الرئيس نبيه برّي كاملة :
https://www.nabihberry.com/ابرق-الى-رئيس-الحكومة-العراقية-السيد-م/

2 ـ تبلغ نسبة الفقر في العراق نحو 24.8% وفق آخر دراسة أجرتها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع البنك الدولي، في النصف الثاني من عام 2020، وهذا يعني أن نحو 10 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر. ومن الجدير بالذكر ان محافظات الجنوب ما تزال تتصدر معدلات الفقر، وفي مقدمتها محافظة المثنى بنسبة 52%، وتليها محافظة الديوانية بـ 49%، وذي قار بـ48%، ثم تأتي بقية المحافظات تباعا بنسب مختلفة ,حسب المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي)
3 ـ اضغط على الرابط أدناه لقراءة الجزء الاول من مقالة الباحثة المعروفة Carly A. Krakowباللغة الانكليزية .
https://www.jadaliyya.com/Details/42385/Toxic-Saturation-and-Health-Devastation-in-Iraq-The-Indelible-Damage-of-War-Part-1

ملاحظة : تم ارسال المقال لدولة رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه برّي.