أكبر جريمة أرتكبت ولا تزال ترتكب، حسب مصادر مطلعة متعدّدة، إنّ الإيرانيين من خلال أجهزتهم و"ميليشياتهم" قد دأبوا على نهب وسرقة الآثار السورية، من مدنٍ وكهوفٍ وتلالٍ ومقابر تاريخية وبخاصة التي تمتاز بطابعٍ آرامي وروماني وإسلامي وبطابع ما قبل التاريخ القديم والحديث، والتي كانت قد قامت فيها تجمعات سكانية قبل ظهور الإمبراطوريات الكبرى في العالم.
وإنّ من بين هذه الآثار التي دأبت على نهبها والإتجار بها الميليشيات الإيرانية آثار الصالحية في البوكمال التي تعود إلى العصر البابلي الأول وتل طابوس قرب بلدة الشميطية في ريف دير الزور الغربي، ويعود هذا الموقع إلى العصر الفارسي الأول وهذا بالإضافة إلى تل قلعة الرجة في الميادين التي تعود إلى العصر البابلي الأول وإلى السوق المقبي في مدينة دير الزور.
وإنّ ما يوجع القلب فعلاً أنّ سوريا التي تعتبر متحفاً أثرياًّ تاريخياً باتت تتناهبها الأيدي ليس الإيرانية وفقط بل وأيضاً أيدي رموز هذا النظام وأيدي الذين يصفون أنفسهم بأنهم من رموز "البعثيين"، وحقيقة أنّ هذا البلد العربي التاريخي قد نٌهبت معظم "أوابده التاريخية" وأن بعض رموز نظامه هذا، كما يقال، يشاركون هم أيضاً في عمليات النهب هذه وإنّ "حرامية" بعض دول الجوار أصبحوا تجاراً للتاريخ السوري الذي بات يباع في أسواق بعض دول هذه المنطقة وفي العديد من الدول الأوروبية والآسيوية وفي الغرب والشرق.
والمعروف لا بل المؤكد أنّ بعض باقي من تبقى من هذا النظام المستمر بالإصرار على إنتمائه "البعثي" بات يشارك في هذه التجارة التي من المفترض أنها محرمة وممنوعة.. ولقد ثبت أنّ من تخلى عن هضبة الجولان بكل ما فيها وما عليها لـ "العدو الصهيوني" لم يعد يتورّع بعض رموزه عن المشاركة بالإتجار بتاريخ هذا البلد العظيم.. الذي بقي يرافق الحركة التاريخية.. حتى قبل أن يكون هناك تاريخ!!.
والمشكلة أنّ سوريا العظيمة هذه قد باتت مستباحة من قبل كل عصابات النهب والسلب التي جاءت لغزوها والإتجار بآثارها وترابها وبشعبها من أربع رياح الكرة الأرضية وأنّ حتى نظامها هذا لم يعد يتمسّك إلا بذلك الشعار المطل على الفيحاء من فوق قاسيون والقائل: "أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة" .. وأيّ أمة وأيّ رسالة.. لهذا البلد العظيم الذي كان قد إحتضن كل التاريخ العربي خلال المرحلة الأموية وقبلها وبعدها.. وإذا شئتم حتى الآن!!.
التعليقات