دائماً ما يحفر الأغبياء قبورهم بأيديهم، هكذا تعلمنا تجارب التاريخ، فغرور القوة الزائف كثيراً مايغري أمثال عبد الملك الحوثي بارتكاب الجرائم الآثمة اعتقاداً منهم بأنهم سيفلتون بجريمتهم في كل مرة، ولكن هذه الميلشيات الطائفية الارهابية ـ وبكل المعايير والحسابات ـ أخطأت تماماً حين فكرت في استهداف منشآت مدنية بدولة الإمارات اعتقاداً من قادتها بأن جريمته هذه ستنضم إلى قائمة طويلة من الجرائم الأخرى التي يرتكبونها كل يوم سواء بحق الشعب اليمني الشقيق ، أو بحق المملكة العربية السعودية الشقيقة التي تمادى المجرم في استهداف منشآت مدنية بها حتى بلغ الأمر حداً لا يطاق ولا يمكن السكوت عليه.


وعدت دولة الإمارات بأن جريمة الحوثي باستهداف منشآت مدنية لن تمر مرور الكرام، وأنها تحتفظ بحق الرد على هذا الانتهاك الآثم للقانون الدولي، ونؤكد أن الإمارات التي تحرص دائماً على التحرك في إطار الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، ستتصرف وفق التزاماتها الدولية وفي إطار موروث إماراتي تاريخي عريق من التمسك بالعمل في إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وبالتالي فإننا ـ كمراقبين ـ نستطيع أن نبشر الحوثي بنهاية فترة الصمت الدولي على جرائمه المستمرة، وأن عليه أن ينتظر مواقف حازمة تتصدى لهذه المسلسل الاجرامي الذي يمثل تحدياً للمجتمع الدولي بأكمله.


تهديدات الحوثي العابرة للحدود لم تعد قابلة للانتظار أو الصمت ليس فقط لأنها تمثل خطراً على دول مجلس التعاون، ولكن لأن هذه الميلشيات تعمل بالتنسيق والتعاون وتبادل الدعم والخبرات مع ميلشيات ارهابية أخرى معروفة في منطقتنا، لذا فإن الصمت يفتح الباب واسعاً أمام تصعيد محتمل للأعمال الإرهابية وحدوث تنسيق ودعم متبادل يمكن أن يتحول إلى فوضى اقليمية عارمة جراء ميل هذه الميلشيات ورغبتها في نقل الصراع والفوضى والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط إلى مربع أكثر سخونة وتوتراً وتأزماً بما يصب في مصلحة أجندة معينة معروفة للجميع.


لقد آن الأوان للتوقف عن الاكتفاء بمواجهة هذه الجرائم بالادانات الكلامية لأن هذا التحدي السافر لسيادة الدول والاستخفاف بالقوانين والمواثيق الدولية، والذي جاء بعد اختبار إرادة المجتمع الدولي والقوى الكبرى في مرات عدة سابقة، آن له أن يواجه بحزم وصرامة تتناسب مع الآثار الاستراتيجية الخطيرة التي يقود الجميع إليها.


خطر الحوثي بات يتطلب ماهو أكثر من رد فعل دولي وقتي، ويستلزم تحركاً جدياً لإجبار هذه الميلشيات المارقة على وقف جرائمها الآثمة ضد الشعب اليمني والدول الخليجية والاذعان لجهود التسوية السياسية للأزمة اليمنية؛ فالحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين يقعان تحت مسؤولية مجلس الأمن الدولي ويمثلان جوهر أهدافه ومهامه، حيث رسم ميثاق الأمم المتحدة للمجلس دوره في هذا الشأن وحدد له الوسائل التي يمكن الأخذ بها لممارسة هذا الدور الحيوي، وبالتالي فإن اعتداءات الحوثي تمثل اختباراً فعلياً مهماً لإرادة المنظمة الدولي الأهم في أداء الدور المنوط به.


الحقيقة أن الاجماع الدولي والاقليمي غير المسبوق على إدانة الجريمة التي ارتكبتها ميلشيا الحوثي ضد دولة الإمارات تؤكد ضرورة ترجمة هذه الحالة من التوحد والاصطفاف الاقليمي والدولي لتحرك مدروس وخارطة طريق واضحة وسقفاً زمنياً ملزماً لردع الحوثي عن مواصلة جرائمه والخضوع لإرادة المجتمع الدولي في البحث عن حل سياسي للأزمة اليمنية، فالحوثي لا يزال يتحدث علناً عن مواصلة العمليات الهجومية وأنها "ستكبر وتتسع" من دون يخشى عواقب الاستمرار في التصعيد الاجرامي المسلح مع كل ما يعنيه ذلك من نتائج كارثية على الأمن والاستقرار الاقليمي فضلاً عن استمرار معاناة الشعب اليمني جراء انهيار الخدمات وتردي الظروف المعيشية والصحية.


من المهم أن يدرك الجميع في المنطقة والعالم أن هذه الميلشيات التي تلعب بالنار قد تتسب في المزيد من الكوارث في منطقة تعاني بالفعل كوارث وأزمات لا حصر لها، ويجب أن ينتبه الجميع كذلك إلى أن انتهاكات ميلشيات الحوثي ليست شأنا يخص هذا الطرف أو ذاك، لأن كرة الثلج يمكن أن تكبر وتتدحرج وتؤثر سلباً في مصالح الجميع وأمنهم واستقرارهم.


نعلم أن هناك غضباً اقليمياً ودولياً عارماً ضد جريمة الحوثي، ولكن ما يجب أن يحظي بالاهتمام الآن ولاحقاً أن من المستحيل ارتهان أمن منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بأكمله إلى أوهام قادة طائفيين يتحركون ويتصرفون وفق خيالات وأهواء مريضة.