مهما قيل عن أسباب صعود بوتين وإکتسابه القوة والمناعة الملفتة للنظر، فإنه من المٶکد بأن عهد الرئيس الامريکي الاسبق أوباما، وعهد نائبه والرئيس الحالي بايدن، قد کانا من أهم أسباب جعل بوتين يتمادى في حلمه "القيصري" ويتخطى الحدود المألوفة، ولئن کان هناك عدد کبير من الذين ذهبوا بعيدا في وصف ترامب عند فوزه في الانتخابات الرئاسية الامريکية بالحماقة والجنون والغطرسة (وکان جل هٶلاء من العرب والالمان)، فإن ترامب ليس لم يرتکب حماقة أو يجازف بمغامرة مجنونة کالتي إرتکبها بوتين بغزوه لأوکرانيا، بل وحتى إنه قد ساهم بإنعاش الاوضاع الاقتصادية لبلاده.
المقالات التي تزخر بها الجرائد والمجلات والمواقع العربية والتي تشيد بـ“غزوة" بوتين أو على الاقل تقدم التبريرات المختلفة لها والمتحاملة على الولايات المتحدة ودورها، تذکرني بسيل تلك المقالات التي کانت تمجد صدام حسين وتنفخ فيه وتعتبره رمزا للمقاومة والصمود بوجه واشنطن وحلفائها، وحتى إن الملفت للنظر إن الکثير من هٶلاء المنتشين "طربا" بغزوة بوتين يکتبون وکأنهم أبواق لوسائل الاعلام الروسية الاشبه ماتکون بوسائل إعلام دولة ديکتاتورية ترفض وتصادر الرأي الآخر مهما کان نوعه وشکله.
الاندفاع الجنوني لبوتين في القرم قد بدأ في عهد أوباما مثلما نرى الاندفاع الجنوني له في أوکرانيا في عهد بايدن أو بالاحرى "تابع أوباما"، حيث لا يبدو إن بايدن يصدق لحد الان بأنه رئيس ولا زال تحت تأثير رئيسه أوباما الذي شهدت في عهده الولايات المتحدة الامريکية تراجعا کبيرا في دورها على الصعيد الدولي وعلى صعيد المنطقة، إذ کما أن أوباما ساعد على تغول ملالي إيران فإنه حفز بوتين لکي يتعملق بوجه العالم، واليوم وبعد أن قام بوتين بمغامرته المجنونة وأرضى غروره وطيشه بإجتياحه لأوکرانيا، فإن ما صدر عن ماتي"1" الامريکي أي بايدن من ردود فعل کلامية وإقتصادية محدودة لم تصل الى درجة "السويفت"، يعطي ثمة إنطباع بأنه يفضل سحق ذيل بوتين وليس رأسه عقابا له على مغامرته الطائشة هذه.
على العالم کله أن يعلم جيدا بأنه إذا کان هناك من يجب أن يلام على ما قد أقدم عليه بوتين، فإنه ليس إلا أوباما ومن بعده بايدن الذي يبدو إنه لا يزال في حجم نائب له، ولکن، ومع کل ذلك، فإن حماقة بوتين لن تسفر عن تلك النتيجة التي يحلم بها وإن الايام ستوضح ذلك ذلك إن إنتصاره في حربه المجنونة هذه ستکون بمثابة إنتصار للافکار والقيم الديکتاتورية وإن الجولة الاولى لبوتين على حلبة أوکرانيا لاتکفي للجزم بإنتصاره!
"1" مسرحية بونتيلا وتابعه ماتي تأليف برتولد بريشت.
التعليقات