نظراً لأن إسرائيل قد تجاوزت الحدود كلها وباتت تفعل في القدس الشرقية كل هذا الذي تفعله فإنّ المفترض أن يبادر العرب، الذين قد "إنفتحوا" على الدولة الإسرائيلية وأقاموا علاقات معها كعلاقاتهم مع بعضهم بعضاً وأكثر، أن يعيدوا النظر بمواقفهم وأن يأكدوا للإسرائيليين أن هذا الذي يفعلونه ويقومون به في المدينة المقدسة وضد الشعب الفلسطيني، الذي من المفترض أنه شقيقاً، لا يمكن تحمله ولا القبول به لا من قريب ولا من بعيد وعلى الإطلاق.

والمستغرب في هذا المجال لا بل والمحزن حقا أن هناك دولاً عربية تدير ظهورها لبعضها بعضاً وأنها وإسرائيل تقوم بكل هذا الذي تقوم به في القدس الشرقية، ثالث الحرمين الشريفين، كل هذا الذي تفعله لا تواجه إلّا بإصدار بيانات "تنديدية"!! خجولة.. وهكذا وكأن هذه المدينة التاريخية العظيمة لا يأتي ترتيبها المقدس بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة.

ثم وحتى بالنسبة للأشقاء المسيحيين فإن ترتيب القدس الشريف يأتي من ضمنه بيت لحم والمعروف أن الصراع مع العدو الصهيوني في هذا المجال ليس دينياً وإنما "قوميا" وهكذا فإنّ هذه المدينة قد بقيت ومنذ البدايات البعيدة مرتبطة بالوجدان العربي وأن العرب بصورة عامة بقوا يعتبرونها من أهم مقدساتهم ومن منهم في هذه المنطقة التي كانت تعتبر سوريا الكبرى ومن منهم في بلاد الرافدين.. والجزيرة العربية كلها.. وحتى من منهم في آخر مكان في القارة الإفريقية.

لقد كان، ولا يزال بالطبع، يعتبر عربياًّ أنّ إحتلال فلسطين والقدس تحديداً من قبل الوافدين من الخارج ومن خلف البحار والمحيطات القريبة والبعيدة أكبر تحدياًّ.. لا بل وإهانة للعرب كلهم المسلمين منهم والمسيحيين على حد سواء وهنا تجب الإشارة إلى أنّ المسألة في هذا المجال تعتبر بالأساس قومية.. ولذلك فإن المعروف أنّ جورج حبش ووديع حداد وأيضاً ميشيل عفلق كانوا في طليعة من وضعوا هذه المدينة المقدسة في عيونهم.. ومثلهم مثل المعممين العرب ومثل كل الذين بقيت قلوبهم تسكن في فلسطين التي جوهرتها تاريخيا القدس الشريف.

ولذلك وعندما يقوم "الصهاينة" بكل هذا الذي يقومون به ويفعلون كل هذا الذي يفعلونه في هذه المدينة المقدسة التي تضم المسجد الأقصى.. وقبة الصخرة المشرفة.. وأيضاً.. نعم أيضا وكنيسة القيامة فإنّ المفترض، على أقل تقدير، أن تغلق الأبواب العربية في وجوه هؤلاء.. وأن يطردوا طرداً من بلادنا التي تاجها القدس هذه المدينة التي تعتبر كل ذرة تراب فيها أمانة في أعناق أبناء هذه الأمة.. من مسلمين ومسيحيين.. واللهم إشهد!!.