قرأت مؤخرا نصيحة يحلو لي ان أسميها موعظة عولمية لرجل أميركي يعدّ من الشباب وليس شيخا هرما بعمامة وجبّة وهندام وقور كما اعتدنا ان نسمع النصائح والعظات من كبارنا وموقّرينا الأجلاّء؛ هذا الناصح من أصول هندية اسمه (ساندر بيتشاي) من مواليد / 1972يعمل في شركة غوغل كان قد ألقاها في حيثيات خطاب له أمام زملائه العاملين وقال من جملة ما قاله :

افترضْ ان الحياة عبارة عن لعبة تحوي خمس كرات؛ عليك ان تلاعبها في الهواء كما يفعل الحواة وخفيفو اليد الماهرون وتجهد بكل ما فيك من مهارة ودربة الاّ تقع هذه الكرات على الأرض.

هذه الكرات الخمس أوّلها مصنوعة من مطاط وترمز الى العمل والوظيفة ؛ اما الكرات الأربع فهي زجاجية قابلة للكسر والتشظي حيث ترمز الكرة المطاطية الأولى المشار إليها الى العمل فهي ان وقعت لا تسبب ضررا يذكر لكنها سرعان ما تقفز مجددا وتعود إليك دون ان تصاب بالخدش او الثلم.

اما الكرات الأربع الزجاجية فترمز كلّ واحدة الى العائلة، الصحة، الأصدقاء، الروح.

هذه الكرات الزجاجية قد تكون أهم ركائز سعادتك، وما عليك إلاّ ان تكون فطنا محنّكا ولاعبا ماهرا حتى لا تقع لئلا تتناثر وتتشظى وفي أحسن الأحوال قد يثلم جزء منها او قد تتناثر كل أجزائها اذا بدرتْ منك هفوةٌ ما، وهنا تكمن مسؤوليتك وحرصك المديد في الحفاظ عليها وتديم سلامتها قدر ما تستطيع.

لا تعبأ كثيراً ان سقطت كرتك المطاطية على الأرض فإنها حتما ستعود اليك مرتدّةً دون ان يطرأ عليها عطب أو شرخ ما، وقد تقفز أعلى فأعلى ومن يدري فقد تحصل على وظيفة أكثر سموّا وكسباً ولمعاناً وظيفيا مما كنت فيه لو تعالت هذه الكرة، وفي أقل احتمال انها ستكون بين يديك حتما.

فيا قارئي العزيز؛ حافظ على كرة العائلة وأجهد للاهتمام ورعاية أسرتك وأطفالك ورفيقة عمرك فهم الملاذ الجميل والمأوى الرحب الصدر والسكينة والهدأة، ومثلما قال وليم شكسبير ان البيت والعائلة هي جنة الإنسان في أرض الحياة.

وأيضا عليك الحفاظ على صحتك البدنية والنفسية ومراقبة وضعك الصحي لتجهز بقامتك وأنت بكامل المعافاة وتذكر ان الكثير من الأشياء قابلة للعطاء مثل المال والجاه والحظوة والمركز المرموق والجدارة الوظيفية باستثناء الصحة؛ فلا احد يمكن ان يهبك قلبا سليما وعقلا راجحا وطلعة بهية سواك وانتقِ الطعام المنتخب بلا نهمٍ او شراهة مثلما يقول الهنود الحمر: كلْ النصف من طعامك وأنت تتغذى وامشِ الضعف وأنت تتريّض.

ابق على أصدقائك المنتخبين فهم آصرتك الاجتماعية المحببة حينما تلتئمون على المحبة والصداقة الراسخة وتلتقون على المودة، ومن يكون غير الساعد الأيمن والملجأ الآمن والمتكأ القوي عند العوز والضائقة النفسية سوى الأصدقاء!! .

فالصديق ليس وقت الضيق كما يشاع انما يكون في وقت الضيق والسعة ايضا ليحفظ ما تملك ويكون حارسا صائنا أمينا على ما تحوز من قيمٍ مادية أو معنوية ويقف معك في اليسر كما في العسر.

أما عن شفافية دواخلك ونفسك الكامنة فيك؛ لتكن روحك نقية خالية من نوازع الكراهية والأثرة كي تحبّ بلا حدود، واجعلها هانئة البال راضيةً قنوعة بما تحقق الاكتفاء والستر؛ فالاستغناء أكثر قيمة وأهمية من الغنى دون النظر الى ما يكسبه الآخرون من خيرات واقنع بما يهبه الله الوهّاب الكريم لك، ونم هانئا مطمئنا خالي السريرة من الهموم والقلاقل وليكن الضحك والابتسام بائنا في طلعتك حتى وأنت في أحلك الظروف.

هذا ما ظفرت به من عظةٍ راشدة من هذا العولمي الهنديّ المولد والمحتد والمولد؛ الأميركي الموطن دون ان أكلّف نفسي شدّ المطايا وإنهاكها وأجول في بقاع الأرض كما كان يقول مشايخنا الأوَل وأذرع المسافات بحثا عن مرشد ناصح مهيب الملبس بِعِمّة وقورة وطيلسان يبهر الأنظار، فما هي الاّ نقرة واحدة على الكيبورد يكفي أنها أوصلتني الى هذه النصيحة السليمة.

[email protected]

#فضاءـالرأي