غياب التيار الكهربائي عن القطاع الصناعي بصورة خاصة، والزراعي بوجه عام بات يُعدّ معضلة حقيقية تواجه المواطن في سورية، وتحاول الحكومة العمل على حلها برغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر البلاد، وتخفيف العبء عن المواطن الذي يعاني الأمرّين نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في عموم القطر ساعات طويلة. هذه المشكلة في الواقع قديمة، ولم تلقَ اذن صاغية لحلها وتركت بالتالي شرخاً كبيراً في الحياة العامة.

وإن كانت المشكلة في مجملها ليست جديدة، إلا أنها تفاقمت وبشكل كبير بعد قيام الحرب التي ابتليت بها سوريا، وتأزّمت في معظم المحافظات التي يغيب عنها التيار الكهربائي الذي لعب دوراً مهماً في اضعاف الاقتصاد في سوريا، وتراجعه إلى أرقام مرعبة!. وفي الفترة الأخيرة سعت الحكومة على حل أزّمة الكهرباء الخانقة من خلال توليد 100 ميغا واط من الكهرباء من الشمس.

في العودة إلى واقع بعض المصانع الحكومية التي لا يمكن أن تدار إلّا من خلال تأمين الطاقة الكهربائية للإقلاع بها، ومثالها مصنع حماه للحديد الصلب الذي يحتاج سنوياً حسب ما أدلى به مسؤولين حوالي 60 ميغا واط، أي حوالي 70% من الحصة المخصصة لمدينة حماه من الكهرباء، وهذا بالتأكيد رقم ليس بالهيّن بالنسبة للطاقة الكهربائية التي تعاني من معضلة الغياب والانقطاع المستمرين، وفي حال علمنا أنّ سكان مدينة حماه لوحدها يصل إلى نحو مليون ونصف المليون بعد عمليات النزوح التي عانت منها المحافظة بسبب قدوم الآلاف من مواطني المحافظات السورية والاستقرار فيها، وعانت من تدفق سكاني مهول باتجاهها هرباً من لعنة القتل والدمار الذي عانى منه أبناء سوريا.

إنّ عدم تشغيل معمل الحديد بكامل طاقته الإنتاجية والتي تقدر بـ 288 ألف طن سنوياً وقادراً على إنتاج بين 50 ـ 60 طن فقط، كل ذلك من أجل تأمين الطاقة الكهربائية الكافية للمواطنين، لجأت الحكومة إلى تشغيل المعمل بنسبة 15% من الطاقة الفعلية لإنتاج حديد البيليت الذي يقوم المعمل بتأمينها للقطاع الحكومي والخاص وبنسب متفاوتة، ورغم ذلك فإن المعمل شكل عائد ربح بحدود 30 مليار ليرة سورية من أصل أكثر من 150 مليار ليرة يمكن أن تشكل عائداً ربحياً في حال اقلاع المعمل بكامل طاقته الإنتاجية المعتادة، ولكن مشكلة الكهرباء، وعدم توافر الإنتاج ظل ضعيفاً، وعائد الربح تقلص كثيراً. وهذا ما يعني أنّ هناك الكثير من المعامل الصناعية في سوريا متوقف أغلبها عن العمل، وبعضها متوقف بشكل جزئي ويتم تشغيلها بنسب ضئيلة، والسبب هو غياب الطاقة الكهربائية عن تلك المعامل الصناعية في سوريا، ما يعني تراجع القطاع الصناعي وانهياره بشكل مرعب!

سعي وزارة الكهرباء جدياً في الوقت الراهن بالعمل على فتح صفحة جديدة، خاصة بتوليد الكهرباء بالطاقة المساعدة، وهذه الطاقة المعروفة سواء أكانت بالشمس أو الرياح، وهذا العمل سيكون تشاركي ما بين القطاع العام والخاص، وستقوم الدولة بدورها ساعية إلى تقديم شبكات النقل، بالإضافة إلى الأبراج والأسلاك الخاصة بالكهرباء للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذا الإطار، فضلاً عن أن الدولة السورية ستقوم بشراء إنتاج المستثمرين من الكهرباء بسعر معقول، وبيعها للمستهلكين في سوريا بأسعار مربحة نسبياً. الأهم من ذلك هو توفير الطاقة الكهربائية للمواطن، والاقلاع عن حالات الانقطاع المتكررة التي قرفها الأهالي في سورية، ناهيك عن محطتي حلب واللاذقية الحرارية والبخارية التي تعمل على النفط أو الغاز اللتان ستكونان في الخدمة في الأيام القادمة، وستضيف تلك المحطتان بدورهما 400 ميغا واط من الطاقة الكهربائية لما هو قائم حالياً.

إنّ فقدان إنتاج الطاقة الكهربائية في سورية اليوم يصل إلى 1900 ميغا واط، وهذا التراجع بسبب غياب توريد الغاز الذي يعتمدُ عليه في تشغيل المحطات الخاصة بإنتاج الكهرباء، والضرورة تقتضي من الحكومة الاهتمام بإنتاج الطاقة بالاعتماد على إنتاجها من الشمس أو الرياح، ما يعني أن حال الطاقة في حلته الجديدة سيكون متاحاً بالنسبة للمواطن بإنتاج ما يصل إلى نحو 1500 ميغا واط من الكهرباء مع حلول عام 2030 وهذا سيكون له دور إيجابي في الخدمة في الحد من تقليص التلوث البيئي الذي يسببه الاشتعال الحراري وبكثافة مخيفة.

وبحسب الخبراء في مجال الطاقة فإن كل طن من الفيول المعد للاشتعال عندما يحترق لتشغيل المحطة الكهربائية، ينجمُ عنه ثلاثة أطنان من الغاز الأسود، وهذا الغاز يبقى ملازماً للغلاف الجوي للأرض لفترة مبعدة من الوقت ولا يغادره. فالحلول كلها تنصب باتجاه هذه القفزة لكسب هذه الجولة في عالم الطاقة الكهربائية، ومعها ستثمر حلول كانت غائبة بالنسبة للمواطن في سوريا وستساعده في حل مشكلة غياب الكهرباء التي طال أمدها في ظل الاعتماد على إنتاجها من الشمس أو الرياح.