مع قرب انتهاء العام 2023، حان الوقت للتأمل في هذه السنة، المليئة بالمفاجآت الجيدة والسيئة، وكيف مرت على سوق السلع الرئيسية. حيث لعبت التغيرات المناخية، بالإضافة إلى معدلات النمو الاقتصادي ومخاوف تراجع الطلب التي كان لها تأثير كبير على سوق الطاقة والمعادن الصناعية، دوراً مهماً، مما أدى إلى أداء هو الأفضل في جانب والأسوأ في جانب آخر.

بدأ العام بحالة من التفاؤل نتيجة عودة النشاط الاقتصادي في الصين بعد أشهر من عمليات الإغلاق المرتبطة بانتشار وباء كوفيد التي أسهمت بانطلاقة جيدة للأسواق. لكن الأمور لم تكن جيدة بالمطلق حيث تزايد قلق الأسواق بشأن خطر التداعيات الاقتصادية الناجمة عن سياسة البنك المركزي المستمرة والشرسة في رفع أسعار الفائدة بهدف السيطرة على التضخم. بدأت هذه المخاوف في التراجع في الربع الأخير فقط بعد أن تلقت الأسواق أخيراً إشارات ترجح أن الخطوة التالية هي نحو خفض أسعار الفائدة. كما أدت الحرب في الشرق الأوسط، والحرب الروسية المستمرة في أوكرانيا، والهجمات على السفن في البحر الأحمر مجتمعة إلى زيادة المخاطر الجيوسياسية وتزايد الانقسامات على مستوى العالم.

كما شهد العام الحالي زخماً في التحول الأخضر، خاصة في الصين حيث يبدو أن الطلب على الوقود سيصل إلى ذروته العام المقبل. إلا أن هذا التركيز على التحول الأخضر لم يسهم بشكل كبير في دعم الشركات التي تتطلب الكثير من التمويل للمشاركة في عملية الانتقال حيث واجهت ضغوط بيع شديدة خلال النصف الثاني من العام وسط تقييمات عالية تعرضت لضغوط من الارتفاع السريع في تكلفة الحصول على التمويل نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة والعوائد. تسلط تصنيفات الأسهم في ساكسو بنك الضوء على هذا الضعف حيث كان التحول الأخضر والطاقة المتجددة وتخزين الطاقة هي التصنيفات الأسوأ أداءً في حين تمركزت السلع الرئيسية بالقرب من منتصف الجدول بعد أن حققت عوائد بنسبة تقارب 12 بالمئة.

ومع ذلك فمن المتوقع أن تشهد هذه القطاعات التي تعاني من ضعف الاستثمارات تحسناً في عام 2024، وذلك نتيجة انخفاض تكاليف التمويل في العام المقبل بالإضافة إلى الجهود المستمرة لمواجهة تغير المناخ. ومع استمرار ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، فإن عملية التحول نحو الطاقة النظيفة لا تعد بديلاً مطروحاً في الوقت الحالي، حيث وصل الطلب على الغاز والنفط الخام والفحم أيضاً إلى مستويات قياسية جديدة.