ودعت الكويت عهداً سياسياً حاسماً في الانتصار للشعب الكويتي في وقت شديد التعقيد والحساسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال الفترة 2013-2020، وزحف الأولى على الأخيرة إلى درجة الهيمنة على مفاصل القرار الحكومي والتشريعي والرقابي، والانحراف في الديمقراطية نحو هاوية الصراعات والاستقطاب!

أنتصر أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الصباح للكويت وطناً وشعباً بشفافية سياسية مطلقة وبقرارات قاطعة ورؤية حاسمة نحو تصحيح مسار العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد تعثر طال الدولة والمجتمع وجعل الكويتيون في شتات اجتماعي وسياسي.

وتوج الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد عهده بالانفراج السياسي تجسيدا لنبض الإرادة الشعبية وتطلعاتها ومصلحة الكويت الوطنية حين تجلى التوجيه السامي بعدم مشاركة الحكومة في انتخابات رئاسة مجلس الأمة ولجانه حتى أصبح مجلس الأمة سيد قراراته في العام 2023.

لم يكن الأمير الشيخ مشعل الأحمد بعيداً عن الشأن البرلماني العليل وانحرافاته وتشوهاته واضطراباته وهزاته قبل الانتخابات الأخيرة، فقد ترجم إلى الواقع السياسي القريب الرؤية الثاقبة للأمير الراحل الشيخ نواف رحمه الله بقرارات حاسمة ورؤية ثاقبة في إعادة الروح لسلطة الشعب الدستورية.

ولم تحد قرارات عهد الشيخ نواف الأحمد عن النظام الدستوري الديمقراطي والتي عبر عنها في أكثر من خطاب وتوجيه وقرار الأمير الشيخ مشعل الأحمد نيابة عن الإرادة السامية حين كان وليا للعهد لحسم القلق الشعبي من العلاقة المتورمة بين رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم والشعب الكويتي ونوابه.

لا شك أن تسمية ولي العهد في القريب الممكن سيحسم كثير من المشكلات والتحديات السياسية ولعل أبرزها الصراع في بيت الحكم والخلافات في الأسرة الحاكمة حتى تنتهي أحلام وأوهام التآكل السياسي والاجتماعي في دولة ذات نظام ديمقراطي دستوري.

لا نبالغ بالقول إن الصراعات السياسية وحالات الاستقطاب والتحالفات غير المشروعة أنهكت الكويت وارهقت الشعب والدولة لعقود لا يمكن حصر بداياتها الفعلية ولا يمكن التنبؤ بنهايتها الزمنية، فقد تعددت مصادر الارهاق للسلطات الثلاث والقضائية قبل التشريعية والتنفيذية.

ثمة قصوراً لا يحتمل اللبس في أداء الحكومة الحالية ولا علاقة ذلك بشخص رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف، ولعل العلة الكبرى تكمن في غياب العمل المؤسسي والفريق الوزاري المتناغم بعمله وأهدافه وآلية اختيار الوزراء والفريق الاستشاري لرئيس الحكومة ومصادر الفتوى والتشريع.

ثمة جملة من الحلول والقرارات الحكيمة التي دشنها الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد ووثقها التاريخ الحديث للمشكلات والأزمات السياسية، وطرق الخلاص منها والعلاج والقضاء عليها بعد استفحالها في المجتمع والدولة والمؤسسة التشريعية خاصة، والتمدد التخريبي نحو دستور الكويت والعبث بإرادة الشعب.

لا ريب سياسي وفكري ولا مبالغة انشائية في التنبيه إلى ظواهر سياسية شاذة في الكويت قبل فوات الأوان حتى لا نكون امام محاولة لاسترجاع فقيد من لحده، ولا السماح لسموم القبيلة والطائفة والفئة المتنفذة والتشدد الديني التوغل في جسد الكويت المدني ودستور الدولة.

يتجدد الأمل في تحقيق اصلاح سياسي شامل في الكويت كالنظام الانتخابي وتكريس مبدأ الحياد الحكومي إلى ما لا نهاية في انتخابات رئاسة مجالس الأمة ولجانه، ووأد تمدد أصحاب النفوذ التجاري والاقتصادي في المؤسسة التشريعية، مجلس الأمة، وأجهزة الدولة.

ثمة قصوراً بيناً في عمل وأداء ومسلك الحكومة ومجلس الأمة تشريعياً ورقابياً، ولا يمكن تصحيح المسار والاعوجاج من دون التدخل الدستوري للمراجع السياسية في الدولة، فالشجون السياسية والدستورية باتت طاغية على المشهد الكويتي.

لعلنا لا نذيع سراً أذا ما قلنا إن تسمية ولي العهد بتوافق واتفاق اجنحة الأسرة الحاكمة في الكويت ودعمها، سيكون خير تحصين للدولة والمجتمع ضد تفشي الفوضى والفساد السياسي والمالي.

نحن أمام أمانة وطنية لا تقل عن غيرها وما تحقق من مكتسبات دستورية عبر التاريخ، فالأمانة التي تركها الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد ليست ثقيلة، بل شرف وطني وفخر واعتزاز للجميع في مواصلة مسيرة الإصلاح السياسي والنهوض في الكويت نحو مستقبل واعد.