تتسارع الأحداث في الساحة السياسية العراقية بفعل تداخل العديد من العوامل، مما يشعر الجميع بالمسؤولية في صياغة مستقبل البلاد. لكن السؤال يطرح نفسه: من يقود ومن يتحكم؟ يظهر سياسيو العراق وكأنهم يلعبون لعبة السلم والثعبان، حيث يصعد البعض ويهبط آخرون، في بورصة سياسية يتحكم بها نافذون يرسمون مسار البلد.

وفي ظل المظاهرات والاعتصامات، يظهر الارتباط الواضح بين مصالح السياسيين والتعيينات الإدارية، ويتساءل الناس عن مصيرهم في وجه التحديات الاقتصادية. يُحاول المسؤولون تهدئة المواطنين بتلبية مطالبهم، لكن التركيز على المصلحة الشخصية يثير شكوكًا حول جدية التغيير. والحديث عن الاعتماد الزائد على التعيينات في مؤسسات الدولة يبرز مشاكل هذه التعيينات وتأثيرها على القطاع الخاص. يظهر التركيز على شراء الولاءات بدلًا من الكفاءات، مما يخلق ترهلًا في المؤسسات ويهدد بزيادة العجز المالي العام مستقبلاً. في المقابل، فإن التعيينات الضخمة في مؤسسات الدولة تعتبر قضية خلافية مثيرة، حيث يثير توظيف الآلاف تساؤلات حول الكفاءة والتأثير على القطاع الخاص.

يعيش المجتمع حالة من الترقب بين المواطنين والمسؤولين، حيث يُرصد كل حدث ويُفتَش فيه عن دلالات النجاح أو الفشل. يبقى التحدي الرئيسي هو البحث عن توازن بين مصالح الفرد والمصلحة العامة، وهو ما يعكس حقيقة الواقع السياسي الحالي. وفي خضم هذا الواقع المعقد، يتعين على الشعب العراقي أن يتساءل ويبحث عن مسار حقيقي لتحقيق التنمية والاستقرار. هنا يأتي دور المواطن الواعي، الذي يتطلع إلى مستقبل أفضل ويطالب بتحقيق تغيير جوهري في النهج السياسي.

التحول الحقيقي لا يأتي إلا من خلال فهم الأوضاع والمشاركة المستدامة في العملية الديمقراطية. يجب على المواطن أن يكون شريكًا فعّالًا في صياغة مستقبله، بدلاً من الاكتفاء بمشاهدة الأحداث من بعيد. من الضروري أيضًا أن يكون هناك تفاعل فعّال بين الحكومة والمواطنين، حيث يتم تحقيق الشفافية والمساءلة. إن إقامة جسور حقيقية بين السلطة والشعب تعزز الثقة وتفتح الباب أمام التعاون البناء.

على الساسة أيضًا أن يعلموا أن الاستماع إلى مطالب المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية يشكلان أساسًا لاستقرار البلاد. يجب أن تكون القرارات مستندة إلى مصلحة الشعب بأسره، بحيث يتم تحقيق التنمية المستدامة وتوزيع الثروة بشكل عادل.

النقاش حول المستقبل السياسي للعراق، يظهر بوضوح أن التحول يعتمد على جهود مشتركة بين الحكومة والشعب. وإن السعي نحو نظام سياسي يعكس تطلعات المواطنين يتطلب التفكير الجاد والتصميم على تغيير الأوضاع الراهنة.

ومع انتهاء هذا الفصل الذي تغلب فيه صدى السياسة على صفحات الحياة اليومية، يظل السائلون يتساءلون: هل يمكن أن يكون للسياسة وجه آخر، وجه يعكس تطلعات الشعب ويعيد الثقة في مؤسسات الحكم؟

لتحقيق ذلك، يجب على الساسة أن يبتعدوا عن الأجندات الفردية ويتحدوا لصياغة رؤية وطنية تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للعراق. يجب أن تكون القرارات مرتبطة بمصلحة البلاد وتعزز الوحدة الوطنية.