قتل وسفك دماء وإعدام للأطفال والنساء وانتهاكات لحقوق الإنسان وفقر ودمار اقتصادي في إيران، وحروب وقتل ودمار وتشرد وسلاح ومخدرات وتفتيت وهدم وفوضى عارمة في دول المنطقة... وهذا هو ما تعيشه دول الشرق الأوسط الغارقة في هذه الفوضى التي تزعزع أمنها واستقرارها... الفوضى التي يقف وراءها نظام الملالي في إيران، ساعياً إلى نشر وتوسعة نفوذه وأفكاره المتطرفة في المنطقة. ولقد ساهمت سياسة الملالي العدائية هذه في تأجيج الأزمات بالمنطقة بدعمهم الإرهاب والميليشيات المسلحة ونشر الفتنة الطائفية والمخدرات في العراق وسوريا والأردن، كما دعموا الانقلاب العسكري في السودان، ومارسوا تدخلاً ممنهجاً في الشأن الداخلي للدول العربية الأخرى ولا زالوا.

يرتكز نظام الملالي الإيراني من أجل بقائه على قيد الحياة على عوامل عديدة، منها خطاب الادعاء والحيلة والخداع والفتن، وقمع وإبادة المعارضة في السجون والمنافي، ومنهج الممارسات القمعية ضد كل مكونات الشعب الإيراني من قتل حكومي تحت مسمى الاعدام، وقتل الأطفال والنساء، وإصدار أحكام تعسفية بحق خصوم الرأي، وارتكاب العديد من جرائم انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية داخل البلاد وخارجها، ومن بينها مجزرة الإبادة الجماعية لثلاثين ألف سجين سياسي في صيف سنة 1988 داخل سجون النظام الإيراني، والحصار والمجازر التي ارتكبها عملاء الملالي في العراق ضد سكان مخيم أشرف ومخيم ليبرتي والاغتيالات وجرائم الإرهاب في أوروبا وغيرها، ناهيكم عن تفشي الفساد ونهب مقدرات الشعب وتدمير الاقتصاد الإيراني، وبالتالي زج الشعب في آتون العوز والفقر والبؤس ومطحنة الحياة المميتة التي لم تعد تستحق عناء العيش من وجهة نظر غالبية المجتمع، هذا بالإضافة إلى مشاريع الأزمات والهدم وإشعال الفتن والحروب في المنطقة وتشريد شعوبها.

إقرأ أيضاً: ماذا ينتظر المجتمع الدولي بعد اعترافات الحرس ومحاكمة نوري؟

يعد نظام الملالي من أكثر الأنظمة قمعاً في العالم، حيث يصدر أحكاماً تعسفية بالسجن والإعدام بحق آلاف الأشخاص سنوياً، منهم الأطفال والنساء، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات الإعدامات في إيران بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وبحسب منظمات دولية يتعرض الأطفال والنساء في إيران إلى انتهاكات واسعة النطاق كالعنصرية والعنف وسوء الاستغلال والاضطهاد والقتل والعديد من الجرائم البشعة ضدهم، فضلاً عن أنَّ نظام الملالي يمارس انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان ويحرم المواطنين من حقوقهم الأساسية مثل حرية الرأي وحق التعبير والتجمع وتشكيل المنظمات. كل تلك الممارسات من أجل خلق مناخ من الخوف والرعب في أوساط المجتمع الإيراني لضمان استمرار سلطة النظام غير الشرعية القائمة على ما أشرنا إليه.

يدعم نظام الملالي الإرهاب والميليشيات المسلحة في المنطقة، مما أدى إلى وقوع العديد من الحروب وأعمال العنف التي خلفت مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين، وقد أدى ذلك إلى تدمير المنطقة وزعزعتها. وعلى أيدي الملالي صار العراق مُحتلاً مهدداً بتفتيه وزوال هويته، وصارت سوريا محتلةٌ ممزقة، وبات اليمن بائساً ممزقاً، ويعيش لبنان ضياعاً ويفتقد كل مقومات البقاء والوجود، ومخدرات وأسلحة تتدفق على يد الملالي من سوريا إلى الأردن، وطوفان لم تكن ولن تكن النية من وراءه تحرير فلسطين، فلا الأقصى ولا القدس ولا فلسطين ضمن فكر الملالي الحقيقي ولا يتخطى وضع الإدعاء والشعار الفضفاضين، ولم يحرر الشعار فلسطين ولم يرحم أهل غزة، بل أبادهم وأهدى للصهاينة ما كانوا يحلمون به، ووفر لهم الأسباب، هذا إن لم يكونوا شركاء معهم أو مع حلفائهم بشكل أو بآخر، حتى بات يهدد اليوم كل فلسطين بالزوال، وأضحى مُهدداً لأمن المنطقة بأسرها، وإعادة رسم خريطة المنطقة من جديد تقاسماً مع أفاعي طهران.

إقرأ أيضاً: أرى رؤوساً (في إيران) قد أينعت!

بالطبع، لا يعني النظام الدولي ما يجري ضد الشعب الإيراني على يد الملالي، وما يجري ضد الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية في غزة وعموم فلسطين على يد الصهاينة، وما تسبب فيه نظام الملالي من إرهاب وبلاء وسفك دماء، وكوارث ودمار اقتصادي وانتهاكات لحقوق الإنسان في إيران وعموم المنطقة... لا يعنيه كل ذلك، بقدر ما يعنيه ما قد يحدث للصهاينة من ردود أفعال فلسطينية مقاومة قد تضعهم في موقف حرج يُبطل شرعية ما مضى من إدعاءات ويكشف حقائق الأمور ويهدد كامل المصداقية بالغرب.

سحق دول وشعوب المنطقة، وضرب الملاحة في البحر الأحمر، وتهديد اقتصاد دول المنطقة، خصوصاً المرتبطة بالملاحة بالبحر الأحمر، وكذلك تهديد الاقتصاد العالمي، وانتهاك القوانين والأعراف الدولية على يد نظام الملالي الحاكم في إيران؛ كل ذلك ولا يزال المجتمع الدولي يقف متغاضياً عن جرائم الملالي بل وداعما مشجعاً له. فما السر في هذا التغاضي الدولي عما يجري في المنطقة؟ هل هو مسار توازن يديره الملالي والصهاينة معاً لصالح الغرب على حساب استقلال واستقرار شعوب ودول الشرق الأوسط؟

إقرأ أيضاً: رهائن لدى الولي الفقيه

هل يرجع هذا الصمت الدولي إلى خلافات بين الدول الغربية حول كيفية التعامل مع ملالي إيران؟ أم أنها سياسة المهادنة والاسترضاء التي يتبعها الغرب ونظامه العالمي من أجل الاستمرار في ترويض نظام الملالي وعصاباتهم كبلطجية في المنطقة لابتزازها من خلال الإبقاء على الملالي وزمرتهم كمصدر تهديد وقلق، يقوم بالتوازي مع مشروع الصهاينة بالمنطقة، ويخدم سياسات الدول المصدرة للسلاح في المنطقة، ويضمن استمرار تدفق البترول منها إليهم على النحو الذي يرضيهم!

ترى أغلبية الحكومات في دول النظام العالمي أن الملالي لا يشكلون تهديداً مباشراً لهم، بل للمنطقة، وأن ذلك يصب في خدمة استراتيجيتهم ومخططاتهم على المديين القريب والبعيد. وعليه، لا يتطلب ذلك منهم سوى اتخاذ إجراءات مطاطية مناورة بمسك العصى من المنتصف، والميل بها حيثما مالت الكفة، مع مراقبة عامل الزمن ونتاج مجريات الأحداث على الأرض. وقد يتطلب هذا التلويح الظاهري بنغمة السلام التي لا تُطرب والتي تتضمن ضرورة الحوار من أجل الحوار والكذب من أجل التهدئة، وكل ذلك يستحق التغاضي مرحلياً حتى إنضاج حلّ، وحتى حينها ستتبلور الأمور تلقائياً، ومليار أو ملياري نسمة مُنعمين خيرٌ من ثمانية، ومن لم يمت بكورونا سيموت في الحروب والمجاعات. وبالطبع هناك فئات بشرية معفية من مشاريع الإبادة تلك التي نحن في مقدمة المشمولين بها قبل الغير. فهل من موقف لدينا في مواجهة تلك النوايا المسمومة، موقف بالحد الأدنى يصون الكرامة والوجود على الأقل، وليس مطلوب منه عدواناً ولا سفك دماء؟

إقرأ أيضاً: طوفان الأقصى أم طوفان سليماني؟

الخديعة ركيزة السياسة المُتبعة من قبل القوى الاستعمارية التي لم تتغير بل باتت أكثر جشعاً ووحشية، ويخدمها نظامٌ رجعي قائم باسم الدين في إيران. ويبقى البرنامج النووي والتسليحي الخاص بالملالي العصى التي يلوحون بها للعرب. لا خيار لكم يا عرب سوى الحوار يفصل بين الملالي وصناعة القنبلة الذرية أسابيع، وانتهت الأسابيع، ومن جديد أنظروا وانتبهوا الملالي سيصنعون قنبلة نووية بعد شهر وبضعة أيام وإنني أنا الحل فانتخبوني لأضع حداً لهم، ويتوالى مشروع الخديعة يوماً بعد يوم ومرحلة تلو الأخرى، وعيون العرب على الدرب لعل حلاً قادماً من الغرب... لا حلول تأتي من الغرب.. الحلول في أيديكم يا عرب؛ حلولٌ تصنعها الشعوب وقواها المدنية غير الحكومية.

دور المجتمع الدولي في التصدي لملالي طهران
يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً مهماً، هذا إن رغب، في التصدي لجرائم وفوضى الملالي العارمة في إيران خصوصاً والشرق الأوسط عموماً، ويجب أن يبدأ هذا الدور بتوحيد موقف المجتمع الدولي تجاه التهديد الذي يشكله النظام الإيراني، واتخاذ إجراءات قوية ورادعة للقضاء على نظام الملالي بالاعتراف الرسمي بحق الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية في مقاومة قمع وتعسف النظام من أجل إقامة دولة ديمقراطية غير نووية، تحترم القيم والقوانين والأعراف الدولية، وتتبع سياسة حسن الجوار مع الدول العربية وباقي دول العالم.

إنَّ ما يجري في المنطقة من موت وخراب ودمار وإبادة هو نتاج لأفعال استعمارية غاب فاعلوها عن الميادين، واستمرت بقاياها وأدواتها بأداء الدور المطلوب بإتقان؛ وكذلك هو نتاج صمتنا وتراخينا، حتى بات مصير دول وشعوب المنطقة بيد عصابات من السفاحين يدعمهم الغرب الذي لا يملّ من شعاراته الكاذبة، ويتغاضى عن كل قبيح ترتكبه أدواته في طهران وتل أبيب بالمنطقة.

إنَّ الثورة في إيران تغلي وتفور وتنضج وباتت على الأبواب، وفي جعبتها الحل والخلاص. فهل سنبقى كما كنا متفرجين مكتوفي الأيدي، أم سنكون جزءاً من هذا الحل لأجل الخلاص؟ اسحقوا رؤوس الأفاعي يا عرب قبل أن تفتك بكم سمومها.