جميع شعوب العالم تُريد السِّلْم والأمْن والاستقرار، ولا ترغَب في الحروب، ذلك أنّ نتائج الحروب تُؤَدّي ثمَنَها الشعوب البريئَة، وغالباً تكون فاتورة الحرب باهِظة؛ هُناك تدميرٌ لحضارات بُلدان، وطمس لهويتها، بالإضافة إلى ضحايا من قتلى وجرحى في صفوف الشُّعوب وبالآلاف بل بالملايين، وتشريد للمواطنين الأبرياء من بيوتِهم المُدَمَّرة، ولُجُوئهم إلى مخيّمات داخل وخارج بلدانِهم والتي تفتقِر إلى أبسَط ظروف الحياة الآدميّة، ويُعانون فيها جميع أشكال الويْلات، من جوع وعراء ومرض وتهميش وإذلالٍ وإقصاء... الخ.

السّيّاسيُّ هو الذي يُعلِنُ الحرب والشعب هو الذي يُؤدِي ثمَنَ نتائجِها المأْسَاويّة، هذا السياسي الذي يعلِن الحرب لا يستطيع وَضْع نهايَةٍ لها، مهما حاوَل.

لماذا لا يُفكِّر سياسيّو العالم في نشر السلام بدَل الحرب المُدمِّرة للبشر والحجَر، فَعِوَض صرْف المليارات من الدولارات على الأسلحة ومُختلف العتاد الحربيّ، يتِمّ صرْفُها في مُساعدة المُجتمعات الفقيرة والمُحتاجة من أجل السعيِ بها نحوَ التقدُّم والرُّقي والازدهار سعياً وراء جعْل جميع بُلدان العالم بُلْداناً كُلّها نَماءٌ وتطوُّر في جميع ميادين الحياة ونشْر مبادِئ الإخاء والتّعاوُن والتّآزُر بَدلَ نشْر الكراهيّة والحِقد والبغْضاء.

لقد أمَرَنا الله تعالى بالأُخوّة والتّعاوُن والتّآزُر فيما بيننا قصْد إنشاء مُجتمَع عالميّ واحد لا فرقَ فيه بين الناس، تَسوده العدالة والحقوق والحريّات والعيش الكريم. كُلُّنا من أبينا آدَم. يعني نحن إخوَة من أبٍ واحد وأمّ واحدة، فلماذا النزاعات والخلافات بين الإخوَة؟

قال الله تعالى في القرآن الكريم: "يا أيُّها الناس، إنّا خلقناكُم مِن ذَكَرٍ وأُنْثى وجعلْناكُم شُعوباً وقبائِلَ لِتَعارَفوا".

من واجِب الدول "العُظمى" في العالم أنْ تسعى إلى إيقاف الحروب المُدمِّرة للبشَر وتَجنَح إلى السلام في كلّ ربوع الأرض حتى تعيش البشريّة جمْعاء في أمْنٍ وأَمانٍ ورَخاء واستقرار، كيْ تُكفِّر عن ذنْبِها وتُصلِح ما أفسَدَتْه عبْر سياساتِها التي تسير عكس مصالح بني البشَر؟

إقرأ أيضاً: إسرائيل وأميركا أفضل من إيران وحماس

لقد دأَبَت بعض الدول الغربيّة، وعلى رأسِها الولايات المُتحدة الأميركيّة، على شنِّ حروبٍ طاحنة تأْتي على الأخضر واليابس، تُبادُ فيها الشّعوب وتُدَمَّر فيها البلدان، لا لِشيء سوى للسيطرة والتّحكُّم وبسْط النفوذ من أجل نهْبِ ثرواتِ شُعوبٍ من أجل استفادة شعوبِها منها، كي تعيش عيْشةً كريمَةً ورفاهيَةً مُثْلى وحياةً رغيدةً آمِنةً مُطمَئِنَّةً، على حساب شُعوبِ بُلدانٍ مغلوبَةٍ قد تمّت إبادتُها والقضاء عليها، والأوطان التي تمَّ تخريبِها وتدميرُها، مُدَّعيَةً أنّها دولٌ ديمقراطيّة عادلة، تحترم حقوق الإنسان وتُحاربُ الإرهاب في كلّ بقاع المَعمور، في حين أنّها لا تعرِف معنىً لا للديمقراطيّة ولا لحقوق البشَر، وليس في قاموسها أيّ مفهومٍ للأخلاق الإنسانيّة التي هي أساس وصميم التعايُش والتّراحم والتعاطُف التي عرفَتها المُجتمعات البشريّة الضّاربة في عُمْق التاريخ والتي صنعت حضارات عظيمة مبنية على الإخاء والتعاوُن والتلاحم بين عناصِرِها المُختلفة والمتنوِّعة في دينِها ولُغتها وثقافتِها، أقوام عبارةٌ عن فسيفساء مُتّحدة ومترابِطة ومُتراصّة فيما بينها، تعيش ضمن جماعةٍ كخلية النحل، مُتضامِنَةً مُتحابَّةً ومُوحَّدة الكلِمة خاليَةً من النِّزاعات والقلاقِل والفِتَن التي يغوص فيها اليوم عالمُ الحداثَة والعصرنة، عالمُ القرنِ الواحِد والعشرين، الذي يتباهى بالتَّقدُّم العلميّ والتطوُّر التكنولوجيّ، الذي هو، في حقيقة الأمر، عالَمٌ مُتخلِّفٌ في فكره المُتدهوِر الذي عشَّشَت في أحشائه كلّ أنواع الخُبث والخساسَة ودَناءَة الأخلاق الإنسانيّة.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

عالمٌ يَحكُمُه "قانون الغاب"، القويّ فيه يفتَرِس الضّعيف، عالمٌ خالٍ من أيّ إحساسّ أو شعور إنسانيّ يَتميّزُ به كمَخلوقٍ مُدرِكٍ لسببِ وُجوده في هذه الحياة، إعمار الأرض وليس تخريبها والإفساد فيها.