كل المحافل الدولية تشهد لمواقفه وتصريحاته التي تصب في صلب الحقيقة، وفي ثقة وثبات وعزم، ينقل ملك الأردن عبدالله الثاني ما يحدث في فلسطين بدقة متناهية، ويعطي أيضاً نظرته المستقبلية الثاقبة للأوضاع الراهنة من واقع معايشته لها ومتابعته الشديدة لكل التفاصيل الصغيرة منها قبل الكبيرة.

لقد حمل جلالة الملك على عاتقه الوصاية الهاشمية للمقدسات، وهذا الإرث العظيم جاء لأنه من السلالة المحمدية المطهرة، منبع الرسالة الإسلامية العظيمة، ولهذا لم ينسَ يوماً ما يحدث للمسجد الأقصى تحديداً من انتهاكات صارخة ومرفوضة من قبل المتطرفين، ونبه إلى أنَّ هذه الانتهاكات تهز التعايش السلمي بين الديانات الثلاث الأكثر انتشاراً في العالم، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية.

كما أن جلالته عبر مراراً وتكراراً عن رفض فكرة "الوطن البديل" التي تطرح بين فترة وأخرى، وقالها علانية "لا نحن ولا غيرنا" سوف تكون أرضناً وطناً بديلاً للفلسطينيين، مشدداً على أنَّ الحل هو في قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة يحكمها الفلسطينيون بأنفسهم، وهم أصحاب القرار في أرضها، وعاصمتها القدس الشريف.

إقرأ أيضاً: فيزا إلى بلدان الاستعمار

لا أنكر أن المملكة الأردنية تعاني مشاكل كثيرة، كما هو حال كل دول العالم، وخصوصاً منها تلك الواقعة في منطقة الشرق الأوسط، لكنَّ جلالته، وبالرغم من كل شيء، قلبه دائماً ينبض بحب فلسطين، وكما هو معروف للجميع فإنَّ جلالته في كل رحلة يذهب فيها تكون القضية الفلسطينية من الأوليات بالنسبة إليه، ولم ينسها بتاتاً، وبعدها تأتي القضايا الأخرى المختلفة التي تشهدها منطقتنا الملتهبة والمعروفة بالأحداث المتسارعة.

منذ اليوم الأول للأحداث الدامية في قطاع غزة، أصدر جلالته أوامر بفتح جسر جوي لتقديم المساعدات العاجلة، وكان ولي العهد في أول الرحلات يشرف عليها بنفسه، وبادر إلى فتح وتأسيس مستشفى أردني متكامل يستقبل أعداداً كبيرة من الجرحى والمصابين، وتم استهداف هذا المستشفى، ورفض جلالته غلقه واتصل بكادره وطلب منهم الاستمرار وعدم إرجاع أي أحد يطلب المساعدة والعلاج، وكان من أوائل الداعين لوقف الحرب بأسرع وقت، لأن ضحاياها في ازدياد يوماً بعد يوم.

إقرأ أيضاً: صححوا معلوماتكم عن الكورد

لقد حاز جلالته احترام وتقدير قادة العالم كافة لخطابه الداعي للسلام، وتحكيم لغة العقل والمنطق، وقد أدركوا أنَّ مطالبته الدائمة بدولة فلسطينية حرة ومستقلة هي الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع الذي يتجاوز عمره سبعة عقود عجاف، دفعت خلالها المنطقة بأكملها ثمناً باهظا بسببه.