جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة من أكبر الجرائم في العصر الحديث، ونضوج المسار القانوني والفهم الدولي لما يعانيه شعبنا ساهم بشكل كبير في الذهاب إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها، وقد وصلت محكمة العدل الدولية إلى نتائج مهمة للقيام بعدد من التدابير التي تؤكد أن دولة الاحتلال ترتكب جريمة الإبادة الجماعية، والتدابير ملزمة لكل الدول الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وتوازي أو تفوق أهمية مجلس الأمن الدولي.
لا بد من استمرار العمل بشكل واسع النطاق وتنسيق المواقف مع مختلف المنظمات الدولية من أجل استمرار محاكمة الاحتلال على جرائمه والوصول إلى عمل تراكمي قانوني وحث دول العالم على مساءلة الاحتلال واتخاذ خطوات مباشرة لمحاسبته واتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية تجاه دولة الاحتلال، ومنها التوقف عن تقديم المساعدات لها وخاصة المالية والعسكرية.
ما من شك في أنَّ محكمة العدل الدولية توجه البوصلة بشكل صحيح، وتؤكد على أهمية تطبيق القانون، وهذا مسار مهم إلى جانب المسارات الدبلوماسية الأخرى، وخاصة أنَّ اتفاقية منع الإبادة هي الاتفاقية الوحيدة التي لم تضع عليها دولة الاحتلال أي تحفظات مطلقاً، وتحقيق العدالة للقضية الفلسطينية مهم للغاية، والمجتمع الدولي بات مقتنعاً بعدالة القضيَّة الفلسطينية، مما يدل على مكانتها وأهميتها السياسية على المستوى الدولي، وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري التي يتعرض شعبنا لها منذ عشرات السنين لا يمكن أن تستمر أو تمر دون عقاب.
وفي ظل ضعف الموقف الدولي الرسمي، وعدم قدرة الأمم المتحدة على اتخاذ موقف واضح من إنهاء حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ضمن المنظومة الدولية، لا بد من مضاعفة العمل وأهمية التوجه إلى القضاء الدولي كون المسؤولية القانونية تقتضي منع ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وواجب دول العالم مقاطعة دولة الاحتلال اقتصادياً ودبلوماسياً.
ما قامت به جمهورية جنوب أفريقيا يشكل خطوة مهمة على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، وليس عابراً بل خطوة استراتيجية يجب البناء عليها، ولديها الفرصة عالمياً للمساهمة في خلق منظمات ومبادئ قانونية في ظل شريعة الغاب الموجودة حالياً في العالم.
ما يحدث في قطاع غزة هو إبادة جماعية علنية، ودعوات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الصريحة إلى تهجير الفلسطينيين قسرياً، وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة، دليل على ذلك، ولا بد من استغلال القرارات التاريخية لمحكمة العدل الدولية، وتطبيق التدابير الاحترازية الصادرة عنها والتي يجب ان تؤدي إلى وقف إطلاق النار، وقرار محكمة العدل الدولية أهم وأقوى من قرار مجلس الأمن الدولي الذي يخضع لسيطرة الفيتو، وبالتالي يصبح القرار مختطفاً لصالح من يتحكم في فرض سيطرة الفيتو على مجلس الأمن، ويبقى خيار السلطة القضائية أهم وأقوى من السلطة التنفيذية.
لا يمكن الخروج من دوامة الحرب دون العمل بمسؤولية من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وإيقاف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، ويجب على المجتمع الدولي - وعلى وجه الخصوص - الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية الإسراع في الاعتراف بها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقق السلام الشامل والعادل للجميع.
التعليقات