الصراع في غزة هو الأكثر فتكاً وخطورة للصحفيين، حيث وصل عدد من قُتِل منهم أثناء الصراع هناك إلى نحو 140 وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، وهو أعلى بكثير من أي رقم سجلته الأمم المتحدة في التاريخ الحديث أثناء النزاعات، ليكون ما يحدث في الأرض الفلسطينية المحتلة بمثابة تدهور خطير للغاية في حرية الإعلام والتعبير وحقوق الصحفيين.

هناك قتل وإفلات من العقاب وغياب لأي نوع من العدالة، فضلاً عن ارتفاع حالات الاعتقال والترهيب وإغلاق الطرق وقمع تغطية الأخبار الانتقادية. ويقول الصحفيون في قطاع غزة الذي يخضعون لحرب إبادة جماعية تمارسها حكومة الاحتلال وجيشها القمعي إنهم عندما يرتدون ستراتهم التي طبعت عليها كلمة صحافة، فإنهم يشعرون بالخطر أكثر مما عليه الحال عندما لا يرتدونها، بينما تزداد أوضاع الصحفيين في الضفة الغربية سوءاً حيث يمارسون عملهم في بيئة قمعية وخطيرة للغاية، وتمارس حكومة الاحتلال عمليات الاعتقال والاحتجاز التي طالت الصحفيين والمواطنين والمدافعين عن حقوق الإنسان، لمجرد انتقادهم وأحياناً لمجرد تبادل المعلومات حول ما يحدث في غزة.

ويواصل الصحافيون في قطاع غزة عملهم ورسالتهم الإعلامية بكل مهنية واقتدار وفضح جرائم الاحتلال أمام العالم، رغم حجم التضحيات الكبيرة التي قدموها ولا زالوا يقدمونها منذ بداية العدوان على غزة في تشرين أول (أكتوبر) من العام الماضي، ما أدى إلى استشهاد 135 صحفياً وصحفيةً وعاملاً في قطاع الإعلام وإصابة واعتقال وفقدان العشرات من الصحفيين وتدمير مقرات أكثر من 80 مؤسسة إعلامية وقصف بيوت الصحفيين على رؤوس ساكنيها، بالإضافة إلى الصعوبات العملية المتمثلة بانقطاع الكهرباء وضعف الاتصالات والإنترنت وتدمير معدات الصحفيين واضطرارهم للعمل من داخل المستشفيات ومراكز وخيام الإيواء.

إقرأ أيضاً: جرائم الحرب وتصدير الأسلحة للاحتلال

الانتهاكات الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته وبحق الصحافيين والإعلاميين في فلسطين تمثل جزءاً من حرب الاحتلال المفتوحة على الحقوق الوطنية والعادلة لشعبنا، ومحاولات متواصلة لفرض القوة وممارسة الغطرسة والقمع ضد حرية الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفرض هيمنة القوة، تحت غطاء ومظلة التبني الأميركي الكامل للمشروع الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن نتائج هذه الانتهاكات التي ترتكب بحق الصحافيين، خاصة في ظل صمت المجتمع الدولي والاستخفاف الأميركي والإسرائيلي بالقانون الدولي، والانقلاب على الاتفاقيات الموقعة الذي يشجع الاحتلال على قمع الصحافيين والتطاول علي حرية الإعلام، في خرق فاضح للقوانين الدولية، وإننا ندعو المجتمع الدولي لضرورة توفير الحماية للصحافيين، وإلى تفعيل آليات المحاسبة والمساءلة وملاحقة مرتكبي الجرائم من قوات الاحتلال.

إقرأ أيضاً: انعدام مصادر الدخل وتدهور الوضع الإنساني في غزة

وما من شك في أنَّ دعم الولايات المتحدة والدول الغربية لدولة الاحتلال وحمايتها وعدم اتخاذ مواقف جدية تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، وعدم احترام حرية الصحافة في ظل مواصلة حرب الإبادة وتصاعد العدوان بالضفة الغربية وممارسة سياسة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، حيث يمارس الاحتلال ويرتكب المزيد من الجرائم، كل ذلك يشكل انتهاكاً للقانون الدولي والقرارات الأممية التي تعتبر الاستيطان "جريمة حرب"، وفعلاً غير قانوني.

المجتمع الدولي ومؤسساته، خاصة مجلس الأمن الدولي، مطالبون بتحمل المسؤولية الكاملة أمام هذه الانتهاكات والتصعيد الخطير والعدوان الإسرائيلي على قرارات الشرعية الدولية وعلى القانون الدولي، والكف عن سياسة المعايير المزدوجة بالتحرك الفوري لاتخاذ إجراءات رادعة لسياسات وقرارات حكومة الاحتلال الاستيطاني والتطرف التي تسابق الزمن في تدمير آفاق السلام في المنطقة.