لست من المؤمنين بأن الصدفة هي من صنعت المستحيل، وإذا افترضنا ذلك سيكون التاريخ من صناعة المبهم المستحيل! لذلك أميل في حالة التفسير إلى المطلق حيث الأساس ومنه إلى الشعور بشعوب آمنت بحاضرها الذي بناه ماضيها لسرد حقائق قد لا تحتاج إلى تأويل ولا تفسير.

وهنا أثني على الكتب التي تناولت تاريخ الحضارات، ومنها القريب فالأبعد بحكم تراثنا في إقليم كوردستان، وما نشهده الآن من حوادث سجلها المختصون بعلوم الجيولوجيا بعد اكتشاف كهف شاندر في إقليم كوردستان وبقايا جمجمة المرأة التي اكتشف مؤخراً داخل كهف في إقليم كوردستان والتي يعود تاريخها إلى نحو 75 ألف سنة، حيث تم إعادة ترميمها لاستخدامها في إنتاج فيلم وثائقي جديد من إنتاج Netflix تحت عنوان "أسرار النياندرتال".

ونحن ككورد بشهادة العالم أجمع حيث تاريخ نضالنا وحيث مقابر أجدادنا التي وإن رسمتها حدود الأمس القريب من سايكس بيكو إلى معاهدة سيڤر وما تلاها من أحداث سجلتها ووثقتها شواهد الأنفال وحلبچة وما سبقها من ثورات أيلول وگولان وما تلاها حتى مطلع التأريخ الجديد؛ حيث ما عرف بالعراق الديمقراطي الجديد والحقوق حيث التضحيات، ومبادئ القيم حيث الوقوف أمام أقسى دكتاتورية عرفها العالم وشهدتها أميركا لتأتي وتكون محررة للجميع وفق الحقوق من دون تسميات ما زلنا أسفاً نصارع المستحيل!

لا يبدو أنَّ الخلل فيمن قرأ التاريخ يلوح في إشارة إلى أن الكورد كانوا يوماً ضد الحقوق، وضد السلام، على اعتبار أن التوثيق خط بشهادة الجميع والجميع مع حيث الجمع هو العالم الابعد فالقريب!

والإدلاء بشهادة البعيد والقريب يتفق بأن أرض إقليم كوردستان لطالما كانت هدفاً بل أهدافاً لقمع حق الشعب الكوردي على مر تلك السنوات الطوال... سيما أنَّ الثوابت في زمن المتغيرات تؤكدها شهادة التكنولوجيا حيث أعراف الإعلام وما تسجله كاميرات المواقف ثباتاً حيث الحقوق.

قد يكون المدخل هذا وفق الشرح للحالة كافياً بأن بوادر الديمقراطية في العراق الحديث بدأت من إقليم كوردستان، حين تشكل أول برلمان انتخبه الشعب عام 1992 بمشاركة جماهيرية ذاقت الأمرين من حكم دكتاتورية أو دكتاتوريات تعود بنا من حيث التقسيم الأول لما ذكرته من معاهدات دولية سلبت الشعب الكوردي حقوقه... صفة الأحقية تعطى دون شعور لشعب أبيد كل بيت فيه عن بكرة أبيه أو تهجر أو تعرب لأنه كوردي مؤمن بحقوقه وحقوق الجميع.

يأخذنا التاريخ بعد ذلك لقبول شراكة أعطت لقيادة الكورد بصوت الشعب الكوردي للبارزاني والطالباني حق التمثيل لعراق قيل إنه سيكون بعد عام 2005 عراقاً ديمقراطياً فيدرالياً ينصف الجميع... ومرت تلك السنوات من دون تثبيت لحقوق كتبها الدستور بصوت العراقيين ومنهم الكورد المؤسسين لكونفيدرالية أمست بكل ما فيها أضغاث أحلام ما زالت حتى الآن تعاود آمالها حيث الحقوق المغيبة وعلى أقل تقدير إلى من أنيطت بهم مسؤولية القرار بصوت الشعب ومن باب الوفاء بالعهد!

إقرأ أيضاً: علم كوردستان يرفرف في أميركا‎

وقد يستوقفنا التاريخ ذكراً بدور الملا مصطفى بارزاني رحمه الله وهو يقود صفوف البيشمركة وتلك الثورات الطوال منذ أن أسس حزب هيوا (الأمل) عام 1939 ولغاية عام 1946 والذي تحول فيما بعد إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى حيث تكملة المسير ليومنا هذا... بدافع السلام بين الجميع وإحقاق الحقوق بين الأمم... ولا يخفى على القارئ المتعمن دون غيره أنَّ ثمة عوامل خارجية وإقليمية حالت دون أن يتوحد صوت الكورد في إطار واحد، لكنها فشلت في اختبار الاستفتاء بعد دعوة الرئيس مسعود بارزاني عام 2017 وضمن دستورية القرار الذي أقر بصوت العراقيين عام 2005 بمباركة وشهادة العالم به كدستور يحق له أن يمثل عراق ما بعد حكم الدكتاتورية وويلات ما أسفر عنها طوال 35 عاماً... ليكون اختبار الاستفتاء كفيلاً بإيمان شعب إقليم كوردستان بقيادته الممثلة حصراً بالسروك مسعود بارزاني بعد نسبة مشاركة فاقت 94 بالمئة بشهادة منظمات وإعلام العالم، الذي كان يغطي وينقل صورة شعب مؤمن بقيادته وبكل حرية للتعبير عن رأيه وبكل وضوح.

حتمية السرد تعود بنا لقبول الكورد بتلك الشراكة بعد مؤتمرات المعارضة في أربيل والنمسا ولندن ومن الأساس الذي تشكل به العراق الجديد بعد ثورة الجنوب في العراق عام 1991 (الشعبانية) وما اتفق معها توقيتاً وما قابلها في إقليم كوردستان الى أن تشكلت أولى بوادر الحكم الجديد بعد عام 2003 بقبول شراكة أعيد واذكر أنها ولدت لتنصف الجميع!

إقرأ أيضاً: إقليم كوردستان... مشاريع وإنجازات

لعب الديمقراطي الكوردستاني منذ أن تشكلت أولى بوادر الحكم في العراق الديمقراطي الجديد عام 2004 دوراً بارزاً في إضفاء مفهوم الديمقراطية من حيث الالتزام بمبادئ الحقوق وتوزيعها بين الجميع من دون أن يتنازل عن حقوق شعبه التي جاءت بعد تاريخ من الكفاح والنضال لنيل الحقوق ولربما هذا الأساس القوي وفق المبدأ دون القبول بالتنازل كان سببا لعدم فهم الجانب الآخر من سلطات العراق ذات الأربع سنوات المتوالية والمتتالية طوال الدورات الماضية، والتي لطالما كانت تشكل في مصيف صلاح الدين (پيرمام) من أن تتقبل تلك الشراكة من مفهوم ديمقراطي لا مركزي وهو الأساس على أقل تقدير وأوضحه، وقد لا يحتاج إلى تفسير يعود بنا استناداً لكلمات البارزاني الخالد والرئيس مسعود بارزاني في جعل السلام والإيمان بحقوق الجميع هو الغاية ولا تنازل عن المبدأ الأساس، لذلك صار إقليم كوردستان وهو جزء من العراق إقليماً له خصوصيته يؤمه الجميع ويتعايش فيه الجميع بلا استثناء، كورداً وعرباً وتركماناً ومسيحيين وإيزيدين وصابئة مندائيين وكاكئيين ومن يبحث عن السلام في كل زمان.