طفا اسم محمد رضا بزشكيان على سطح المشهد السياسي الساخن كأبرز مرشح لرئاسة الجمهورية في إيران في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية قاهرة. يبدو أن نجاحه في الانتخابات لم يكن صدفة، بل نتيجة لإعداد مسبق اعتاد عليه الملالي في إيران. وفقاً للسيناريو المعد سلفاً، لم يكن طريق بزشكيان إلى الفوز خالياً من العقبات، فقد واجهت حملته تشكيكاً استعراضياً من الأطراف المتشددة. وعندما سُئِل عن برنامجه، قال إنَّ خامنئي هو الذي سيقرر البرنامج والسياسة، والعزوف عنه خط أحمر بالنسبة إليه. لذا، تؤكد المقاومة الإيرانية أنه إذا لم يكن هناك خداع وتزوير واسع النطاق وإذا تم نبش قصة الإصلاحات في النظام، وإذا لم يكن بزشكيان على عكس كلماته منصهراً في نظام ولاية الفقيه، فيمكن اليوم اختبار الرئيس الجديد لخامنئي حال تنفيذه بعض الإجراءات الواضحة والمحددة الواردة في خطة السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، المكونة من 10 نقاط.

إصلاحيون داخل نظام الملالي في إيران؟
لطالما شغلت مسألة وجود إصلاحيين داخل نظام الملالي في إيران اهتمام المراقبين والباحثين في الشأن الإيراني. وقد تباينت الآراء حول إمكانية وجود إصلاحيين داخل هذا النظام، ويرى الكثيرون أن وجود مثل هذا التيار وهمٌ لا أساس له من الصحة.

لا ينص نهج الإصلاحية المزعومة في إيران على التخلي عن نظام ولاية الفقيه وطبيعة النظام القائم، ولا يتخطى الأمر كونه توزيعاً للأدوار وتوجهاً للنظام يهدف إلى حمايته وتكييفه مع المتغيرات العالمية. يبقى خامني وزمرته والحرس هم أصحاب القول الفصل داخل كل أروقة النظام.

ما شهدته إيران في السنوات الأخيرة من حركات احتجاجية واسعة تطالب بالإصلاحات كان حراكاً رافضاً لنظام ولاية الفقيه. وقوبل هذا الحراك على الدوام بالقمع الشديد من قبل السلطات، وعلاوة على الشعار، لا يوجد هناك من يرغب بصدق ممن يسمونهم بالإصلاحيين في التغيير. فلم يرَ الشعب منهم إصلاحات، بل يتغيرون ويبقى الشعار. يمكن القول إن وجود إصلاحيين داخل نظام الملالي في إيران خدعة لتضليل الشعب والرأي العام العالمي لأطول فترة ممكنة. لذا يشكك معظم الخبراء في وجود الإصلاحيين ونوايا مسمياتهم، وما هم سوى مجرد أداة في يد النظام للمناورة مع الرأي العام العالمي.

كيف فاز بزشكيان الإصلاحي في مسرحية انتخابات رئاسة جمهورية الملالي؟
يهيمن الولي الفقيه على السلطة والنظام السياسي الإيراني، ويسخر جميع المؤسسات الدينية والإدارية لخدمة توجهه. ينتخب الرئيس بشكل مباشر من خلال انتخابات صورية مهندسة مسبقاً يشرف عليها بيت خامنئي والحرس بشكل مباشر.

بخداع معهود للشعب، ركزت حملة بزشكيان الانتخابية على قضايا تتعلق باللعب على مشاعر الناس، سواء كانوا من الموالين المنتفعين من النظام أو من ضحايا النظام البسطاء، كقضايا تحسين الاقتصاد، وتعزيز الحريات المدنية، والانفتاح على المجتمع الدولي. عمد مهندسو حملة بزشكيان إلى استخدام وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي بالتنسيق مع كافة سلطات نظام الملالي مع خطاب ونغمة جديدة للوصول إلى الناخبين. كما استغلوا الاجتماعات الجماهيرية والمناظرات السياسية لتقديم رؤية بزشكيان وبرنامجه المسمى بـ "الإصلاحي". من خلال تلك السبل المتاحة، أكد بزشكيان في حملته على الحاجة إلى التغيير والإصلاح من داخل النظام، مما جعله يبدو كطرح واقعي يدغدغ مشاعر الناخب ويحفظ النظام.

هل سينجح بزشكيان في إخراج النظام من مستنقعه؟
السؤال المهم الذي يواجهه بزشكيان الآن منذ وصوله إلى الرئاسة هو: هل سينجح بزشكيان في إخراج النظام الإيراني من مستنقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ حيث لم يتمتع الشعب الإيراني بحياته في أي مجال من المجالات في ظل حكم نظام الملالي الفاشي. وهذه هي المأساة التي يعاني منها الشعب منذ قيام الثورة الوطنية عام 1979 حتى الآن. تعاني إيران من أزمة اقتصادية حادة بسبب فساد النظام وارتفاع معدل التضخم، والبطالة، وتدهور العملة الوطنية، كلها مشاكل متراكمة تتطلب حلولاً جذرية وسريعة. فهل سيتمكن بزشكيان، الذي يواجه تحدياً كبيراً، من إعادة الثقة إلى الاقتصاد الإيراني وجذب الاستثمارات الأجنبية؟ ويتطلب الإصلاح الاقتصادي تعاوناً مع المؤسسات المالية الدولية، وهذا يستلزم إصلاحات سياسية شاملة لا ولن تتحقق في ظل وجود نظام الملالي. في ظل واقع المجتمع الإيراني التعددي الذي لا يحتمل وجود واستمرار النظام، وقناعته ببطلان شرعية الانتخابات، هل ستنطلي شعارات النظام ومناوراته على عموم المجتمع وشريحة الشباب المتطلعة إلى الحريات والحقوق المدنية؟ وهل سينجو النظام بهذا السيناريو الاحتيالي الجديد؟

لن يتمكن بزشكيان من تحقيق وعوده الوهمية التي اعتدنا عليها من قبل هذا النظام الدكتاتوري، ولا أمل في التغيير إلا بالإطاحة بهذا النظام الفاشي وإقامة جمهورية ديمقراطية تترأسها السيدة المناضلة مريم رجوي.