بدأ اجتماع الفيدرالي الثلاثاء وسط آمال بأن يشير جيروم باول، رئيس مجلس محافظي البنك المركزي، إلى توقيت أو عدد مرات خفض الفائدة في الفترة المقبلة – حتى نهاية 2024 على الأقل – وهو ما جاء تزامنًا مع تصاعد توقعات بأن تبدأ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خفض الفائدة في اجتماع أيلول (سبتمبر) المقبل.
تستند هذه التوقعات إلى التراجع المستمر في التضخم على كافة المستويات في الولايات المتحدة، وهو ما يتضح من خلال البيانات التي يتوالى صدورها في الفترة الأخيرة، والتي ألقت الضوء على أن نمو الأسعار في البلاد يشهد تباطؤ في الأشهر القليلة الماضية.
ورغم هذا التراجع في الأسعار، لا تزال قراءات النمو تبعث بإشارات إلى الأسواق تتضمن أن الاقتصاد الأميركي لا يزال صامدًا، مبديًا قدرًا كبيرًا من المرونة في مواجهة المعدلات المرتفعة التاريخية للفائدة الفيدرالية، وهو ما يعزز سيناريو "الهبوط المرن" الذي يتضمن إمكانية أن تعبر الولايات المتحدة أزمة الارتفاعات الحادة في معدلات التضخم دون الدخول في حالة من الركود.
البيانات الاقتصادية
ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يُعد أحد المؤشرات في سلسلة يعتبرها الفيدرالي الأكثر مصداقية واعتمادية في التعبير عن حالة التضخم في الولايات المتحدة، على أساس شهري بواقع 0.2 بالمئة في حزيران (يونيو) الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا أكبر بنحو 0.4 بالمئة، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أشارت إلى احتمالات عدم تغير القراءة مقارنة بسابقتها. كما ارتفعت القراءة السنوية لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة بواقع 2.5 بالمئة في حزيران (يونيو) الماضي مقابل نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت ارتفاعًا أعلى عند 2.6 بالمئة. وجاءت هذه الأرقام متوافقة مع توقعات الأسواق التي أشارت إلى نفس الرقم. وأشارت قراءة مؤشر الناتج المحلي الأميركي إلى ارتفاع بواقع 2.8 بالمئة في الربع الثاني من هذا العام مقابل القراءة السابقة التي سجلت 1.4 بالمئة، وهو ما تجاوز توقعات الأسواق التي أشارت إلى 2.00 بالمئة إلى حدٍ كبيرٍ. وبينما ارتفع النمو الأميركي إلى هذا الحد، لا تزال هناك مخاوف حيال إمكانية استمرار تراجع الأسعار الذي ظهر في أداء مؤشر أسعار الناتج المحلي الأميركي، إذ تراجع المؤشر إلى 2.3 بالمئة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 2.6 بالمئة، وهو على الأرجح ما أدى إلى تراجع توقعات الأسعار وهبط بمؤشر الدولار إلى أسفل.
وظهرت دفعة من بيانات التوظيف الأولية ألقت الضوء على تحسن في أوضاع سوق العمل إلى مستويات أعلى من توقعات الأسواق. كما ارتفعت قراءة مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن كونفرنسبورد، والذي جاء أيضًا أعلى من توقعات السوق.
وأثارت هذه البيانات تكهنات بأن الاقتصاد الأميركي بدأ يظهر بعض إشارات توقف الأسعار عن الارتفاع، وهو ما من شأنه أن يدعم قرار خفض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو ما من شأنه المزيد من الدفع بالفيدرالي في اتجاه خفض الفائدة.
أبعد من الخفض
ويتوقع على نطاق واسع أن يتخذ الفيدرالي القرار بالإبقاء على معدل الفائدة عند نفس المستويات المرتفعة القياسية التي يتبناها منذ العام الماضي، لذلك سوف يكون التركيز على ما هو أبعد من قرارات البنك المركزي الأربعاء المقبل. ونتوقع أن ينصب اهتمام المستثمرين في الأسواق على اللغة التي من المنتظر أن تظهر في بيان الفائدة الذي يصدر عقب إعلان قرارات السياسة النقدية.
كما يلتمس المستثمرون في الإشارات إلى توقيت وعدد مرات خفض الفائدة في تصريحات باول أثناء المؤتمر الصحفي الذي ينعقد عقب إعلان قرارات البنك المركزي ونشر بيان الفائدة، وهو ما يأتي وسط توقعات تسيطر على الأسواق بأن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قد تبدأ خفض الفائدة في اجتماع أيلول (سبتمبر) المقبل. وهناك شبه يقين في الأسواق بأن الفيدرالي قد يبدأ خفض الفائدة للمرة الأولى في أربع سنوات في اجتماعه الذي ينعقد على مدار 17-18 أيلول (سبتمبر) المقبل. ويحتفظ البنك المركزي بمعدل الفائدة الفيدرالية في منطقة 5.25 بالمئة - 5.50 بالمئة منذ عام كامل، إذ رفع الفيدرالي الفائدة إلى هذا المستوى في اجتماع تموز (يوليو) 2023. أما فيما يتعلق باجتماع يوليو الذي ينتهي الأربعاء، فهناك قلة من المتداولين في الأسواق يرون إمكانية للبدء في خفض الفائدة من قبل الفيدرالي خلال الساعات المقبلة، لكن السواد الأعظم من توقعات الأسواق يشير إلى أن الخفض قد يبدأ في أيلول (سبتمبر) المقبل مع ترقب إشارات أكثر وضوحًا إلى ذلك في بيان الفائدة وتصريحات باول.
التعليقات