تحدثنا سابقاً أن السيد أحمد الشرع لا يشبه إطلاقاً قادة حركات الإسلام السياسي الذين مروا على المنطقة، على الأقل خلال الخمسين سنة الماضية، لا في خطاباتهم العابرة للحدود، ولا في تصوراتهم عن السياسة والحكم والإدارة، على الأقل حتى الآن.
الرسائل التي بعث بها المنتصرون الجدد لدول العالم تدل على نضج سياسي حقيقي.
حين سأل طاهر بركة، مذيع قناة العربية، السيد أحمد الشرع عن ولادته في الرياض، وماذا بقي لديه من ذكريات هناك، قال:
"أعتز بولادتي في الرياض، وأشعر بالهوى تجاه المملكة العربية السعودية، إني أذكر الحي والحدائق، وطيبة الناس هناك".
في مؤتمر دافوس، قدم وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، رؤية واعية وواعدة لمستقبل سوريا، وقال: "سوف نستلهم رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وتجربة سنغافورة".
في الحقيقة، العلاقات السعودية - السورية تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالدين والعروبة والمصير المشترك كانت حاضرة دائماً في كل نقاط التماس بين هذين البلدين الكبيرين.
في عام 1927، وعندما كانت سوريا تحت الوصاية الفرنسية، قرر الفرنسيون، ولأسباب غير مفهومة حتى الآن، تسليم الحكم أو جزء منه للسوريين، ممثلين بالكتلة الوطنية آنذاك. وأيضاً، ولأسباب غير مفهومة، قرر السوريون تنصيب الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملكاً على عموم سوريا! إلا أن الملك عبد العزيز لم يتحمس لهذا القرار؛ بحكم أن السوريين أدرى بشؤون بلادهم من غيرهم، إضافة إلى كون البلاد ما زالت رسمياً تحت الانتداب الفرنسي.
روى الأمير مساعد بن عبد الرحمن طرفاً من هذه القصة في البرنامج السعودي الشهير "شريط الذكريات"، الذي بدأ الأستاذ عبد الرحمن الشبيلي تقديمه منتصف السبعينيات الميلادية.
إنَّ تضعضع النظام العربي العام خلال سنوات ما عرف بالربيع العربي فتح المجال واسعاً لبروز حركات إسلام سياسي أكثر تطرفاً، وتدخلات أجنبية متعددة ذات مصالح متضاربة.
كل هذا يمكن تجاوزه والعمل على معطيات جديدة، خاصة بعد انهيار النفوذ الإيراني داخل سوريا، وانكفاء مشروع حزب الله في لبنان وعموم المنطقة.
إنَّ الدول العربية الفاعلة في الشرق الأوسط، ممثلة في المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا المستقبل، مطالَبة أكثر من أي وقت مضى بإعادة صياغة المناخ الجيوسياسي وفق المصلحة العربية المشتركة وأمن وسلامة واستقرار المنطقة.
المستقبل مشرق وواعد، وكما يقول المثل الصيني القديم: "مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة".






















التعليقات