حكومة الاحتلال تعمل على مدار الساعة من أجل تصعيد عدوانها الشامل في الضفة الغربية، وكان آخرها اقتحام مدينة ومخيم طولكرم ومواصلة العدوان على مدينة جنين ومخيمها. بات واضحاً أن هذه الجرائم تأتي في سياق مخطط له، وفي سيناريو مشابه لما جرى في قطاع غزة من عمليات حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي، ومقدمة للتهجير القسري وطرد الفلسطينيين من أرضهم.

الاحتلال، بذريعة "الدفاع عن النفس"، يرتكب المجازر وعمليات القتل الوحشي، إذ إن هذه الادعاءات تأتي لتبرير انتهاكاته وجرائمه ضد المدنيين العزل، وتنفيذ مخططات الضم والتهويد. إن استمرار هذه السياسات العدوانية يهدف إلى تصعيد الوضع في المنطقة، مما يشكل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين، خصوصاً في ظل الدعوات العنصرية العدوانية إلى تهجير الفلسطينيين وإعادة توطينهم، وهي ممارسات يعتبرها القانون الدولي الإنساني جريمة حرب.

تصعيد إسرائيل لهجماتها على المواطنين في بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، واعتداءات قوات الاحتلال والمستعمرين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، أسفرت عن استشهاد أكثر من 70 مواطناً، بينهم 6 أطفال، وإصابة المئات منذ بداية العام الجاري. كما تتواصل الاعتداءات المتكررة على مراكز الرعاية الصحية، في حين تستمر قوات الاحتلال بشن غارات على القرى والبلدات ومخيمات اللاجئين، وتنفيذ اعتقالات جماعية يتعرض خلالها المواطنون لانتهاكات وتعذيب لا يوصف.

إقرأ أيضاً: نحو ضمان إنهاء الاحتلال الظالم

تواصل حكومة الاحتلال سياستها التي تعتمد على الاستفزاز والتحريض المستمر ضد شعبنا والأماكن المقدسة في القدس المحتلة، حيث تقوم بتشديد القيود المفروضة على حركة المواطنين، ووضع بوابات جديدة على مداخل القرى، مما يمنع الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات وأماكن العمل.

حصيلة الاحتلال كبدت شعبنا آلاف الشهداء والجرحى، إضافة إلى العديد من الأرواح التي لا تزال معرضة للخطر نتيجة لسوء التغذية والأمراض والإصابات، بينما لا يزال الآلاف في عداد المفقودين في قطاع غزة. لذلك، بات من الضروري إجراء تحقيقات دولية مستقلة ومحاسبة كل مرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وأعمال الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني.

ومع تعثر التهدئة في قطاع غزة، يجب العمل على مضاعفة الجهود لضمان استمرارها، والحفاظ على الوصول الإنساني السريع وغير المقيد إلى غزة، للتخفيف من الوضع الكارثي. كما يجب السماح للأونروا بمواصلة عملياتها المنقذة للحياة في غزة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

إقرأ أيضاً: ترحيب دولي بإعلان وقف إطلاق النار في غزة

لا بد لمجلس الأمن من التخلي عن سياسة ازدواجية المعايير الدولية، واتخاذ موقف واضح مما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع الإسراع في التحرك لدراسة الواقع الخطير في الأرض الفلسطينية المحتلة للحفاظ على وقف إطلاق النار، وحماية شعبنا، وضمان المساءلة، ورسم مسار يحقق حلاً عادلاً ودائماً على أساس حل الدولتين على حدود عام 1967، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية.

يجب على مجلس الأمن الدولي التحرك الفوري لوقف جرائم إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني، ووقف الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والاستعمار، والضم، وإنهاء هذا الاحتلال غير القانوني ونظام الفصل العنصري. كما لا بد للمجتمع الدولي من تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والعمل على وقف هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، والوقوف إلى جانب شعبنا ودعم نضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية.