في الوقت الذي لوّحت فيه إسرائيل بنيّتها لوقف إطلاق النار في غزة استعداداً للتهدئة مقابل الإفراج عن الأسرى، رفضت حركة حماس هذا المقترح الإسرائيلي، واشترطت اتفاقاً شاملاً لإنهاء الحرب يضمن وجودها سياسياً، مع عدم نيتها نزع سلاحها، معتبرةً هذا خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه بأي حال وتحت أي ظرف.

وبالرغم من أهمية هذا المقترح لحقن دماء الفلسطينيين الأبرياء، خاصة مع تسجيل الحرب الإسرائيلية على غزة نحو 52 ألفاً و908 شهداء، و119 ألفاً و721 جريحاً منذ أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2024 حتى الآن، إلا أن حركة حماس ما زالت تضع عينيها على المكاسب السياسية على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني الذي يُقتل ويُباد يومياً على يد الاحتلال الإسرائيلي.

وفي ظل هذا التعنّت الحمساوي، إلا أن الأوضاع في غزة الآن تتطلب قرارات جريئة وحاسمة لوقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية، لأن الاعتقاد بأن الحرب يمكن أن تنتهي باتفاق سياسي مع الأميركيين وحدهم هو اعتقاد خاطئ، حيث إن القضية تتطلب جهداً شاملاً ومتعدّد الأطراف، لذلك على قيادة "حماس" أن تفهم أن هذا ليس وقف إطلاق نار، بل مجرّد توقف مؤقّت، لن تُلغى المناورة البرية للاحتلال، والحملة ما زالت بعيدة عن النهاية.

لذلك فإن الوقت ليس في صالح حماس، وهذه الفرصة السانحة قد تكون الأخيرة قبل تدمير كل ما تبقّى في غزة، فكل ما يحتاجه أهالي القطاع أو المدنيون العزّل الذين دمّرت الحرب بيوتهم، والتهمت ذويهم، وشرّدتهم إلى الخلاء، هو اتخاذ قرارات جريئة نحو مستقبل غزة، ولو حتى قراراً ينهي مأساة الملايين الجوعى والمرضى الذين يصارعون في معركة البقاء، لذلك ليس هناك مزيداً من الوقت حتى تفكّر حماس في رد يرضي طموحها السياسي ويبقي سلاحها على كتفها.

إقرأ أيضاً: من يدفع ثمن فوضى المسلحين في نابلس؟

ربما يكون التأخير في اتخاذ القرارات أو الرد على إسرائيل بما ترتضيه من نزع سلاح حماس والإفراج عن جميع الأسرى مقابل وقف إطلاق النار، قد يؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية وتدمير البنية التحتية في غزة، خاصة وأن المناورات السياسية لن تحل الأزمة، بل إنها ستزيد من تعقيداتها وتؤخر الحل وتعمّق مأساة الأهالي.

وعلى حماس الآن التفاوض مع جميع الأطراف المعنية بقضية الحرب، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وذلك من أجل إيجاد حل شامل ودائم، خاصة وأن النظر في مصالح الشعب الفلسطيني الذي يموت ويُباد كل يوم ستظل القضية الأولى.

كما أن النظر في مصالح جميع الأطراف سيساهم في إيجاد حل يرضي جميع الأطراف ويحقّق الاستقرار في المنطقة، خاصة وأن الوقت ليس في صالح الحركة التي تحاصرها إسرائيل وتستهدف قياداتها بالقتل واحداً بعد الآخر، لذلك من المهم اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة تجاه مستقبل غزة، بإنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مع إمكانية التفاوض الشامل والجاد مع جميع الأطراف المعنية، لأنه هو السبيل الوحيد لإيجاد حل شامل ودائم يرضي جميع الأطراف ويحقّق الاستقرار في المنطقة.

إقرأ أيضاً: جنين بين مطرقة التوتر وسندان الحاجة

ومع استمرار رفض الحل من قبل حماس، ما زالت الضغوط الدولية تتزايد عليها لإنهاء الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات، لأن استمرار الحرب سيؤدي إلى تدمير كل ما تبقى في غزة، مما سيزيد من معاناة الشعب الفلسطيني. والآن، ومع تعقّد المشهد، على الحركة ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة وجريئة لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وأن تؤكد أمام العالم أنها ستنتصر ولو لمرة واحدة لمصلحة الشعب الفلسطيني في الوقت الذي من المهم فيه إيجاد حل شامل ودائم للأزمة، لأن استمرار الحرب سيؤدي إلى مستقبل مظلم للشعب الفلسطيني ولحركة حماس نفسها.

لذلك، هناك فرصة سانحة قد تكون الأخيرة قبل تدمير كل ما تبقى في غزة، فعلى حماس أن تستغلّها جيداً وأن تجلس للتفاوض الشامل والجاد مع جميع الأطراف والوسطاء الدوليين لوضع حد وحل نهائي لأزمة غزة.

إقرأ أيضاً: اقتصاد الضفة ما زال ينزف

ويبقى الرضوخ لحل سياسي هو الخيار الأمثل لإنهاء الحرب، وإنهاء المعاناة الإنسانية لأهالي القطاع، خاصة وأن استمرار الحرب سيؤدي إلى المزيد من التدمير، مما سيزيد من صعوبة الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني.