لا تزال الصحافة المطبوعة تحقق فوائد مالية في مجال الإعلان تزيد عن المواقع الالكترونية بعشرين مرة، لكن ذلك لن يستمر طويلاً. فوسط النجاح التي تحققه مواقع الانترنت، خصوصًا تلك التي تعزّز التّواصل، يدور السؤال اليوم حول امكانية إنقاذ الصحف المطبوعة من قبل مصممي مواقع الانترنت؟


يمكننا أن نرى ما يعنيه التصميم والتفكير في بداياته خلال تعاملنا مع مواقع الانترنت مثل الفايسبوك وتويتر ووتيوب، لكنّ مأزق الأخبار المطبوعة يظل قائمًا بلا أي حل. وفي هذا الاطار، يبحث المصمّمون عن امكانية مواجهة التحديات التي تواجه الصحف المطبوعة اليوم مثل نيويورك تايمز، وتقديم تصاميم بديلة تمكن المطبوعات من البقاء على قيد الحياة.

لعلّ هذا الإيمان بقدرة المصممين على إنقاذ الصحافة المطبوعة يعود إلى طبيعة التصميم الذي أصبح مخترقًا لكل عناصر الحياة المعاصرة ابتداءً من تصميم الهواتف الجوالة ومواقع الانترنت وانتهاءً بتصميم الأجهزة التي تستعملها البنوك ومحطات الدفع الذاتي في الأسواق المركزية والألعاب الالكترونية، ناهيك عن التصاميم التقليدية التي تتضمن المباني والملابس والحلى والأحذية والالعاب.

تستشهد الغارديان بمؤسس ويكيبيديا جيمس ويلز الذي وصف ما قام به بأنه quot;تصميم للمجتمعquot;. فهذا الوصف يعني قدرًا من الهندسة الاجتماعية لكن ما كان يقصده بهذا التعبير هو أن موقع quot;ويكيبيدياquot; (الانسكلوبيدية المجانية على الانترنت) ليس موقعًا فوضويًّا تحتشد المواد فيه من دون تنظيم بل هو مصمم بعناية لتلبية احتياجات الناس. فإذا كان الناس يودّون العمل على انسكلوبيديا مجانًا، فإن عليك أن تخلق الظروف التي تجعلهم راغبين في العمل بهذا الشكل من خلال إعطائهم اعترافًا بمجهودهم من دون أن يستفيدوا ماليًا من ذلك المجهود. لذلك كان من الضروري بالنسبة إلى ويلز أن يجعل تصميم quot;ويكيبيدياquot; نظامًا مفتوحًا.

وهذا ما جعل التصميم مؤسسًا على أساس مبدأ يرى أن كل الناس صادقون وأن نواياهم حسنة بدلاً من جعله دكّانًا مغلقًا لإقصاء القليل الفاسد من الفاكهة التي تصل إليه، وهذا يتمثل بتلك الأقلية التي تريد كتابة أشياء زائفة ومعيبة. مع ذلك، وعلى الرغم من أن الجميع يستطيعون أن يكتبوا ويحرروا مقالات لويكيبيديا فإن كل شيء فيها موضع تقصٍّ. وإذا كان الموقع يوصف عادة بـ quot;الديمقراطيquot; فإن ويلز يراه quot;ملكيًّاquot; لأن هناك فريقًا من المحررين يشرفون على ما يقدمه الكتّاب وفوق هؤلاء وأولئك هناك الملك جيمبو كما يسمي ويلز نفسه.

ومباشرة، يستطيع المرء أن يرى الفارق ما بين تصميم ويكيبيديا وفايسبوك. فمارك زكربرغ متحمّس جدًّا لفكرة الانفتاح ايضًا. فهو يؤمن بقوة أن تصميم منصّة للناس يتمكنون من خلالها إشراك الآخرين بمعلومات شخصية عنهم يساعد على جعل العالم مكانًا أكثر انفتاحًا. ولذلك جعل تصميم موقع فايسبوك، الناس يشعرون أنهم أكثر حضورًا وتفاعلاً مع وسط اجتماعي بدلاً من التفاعل مع شخص واحد.

وتطرح الغارديان السؤال: الجميع يعرف أن الإعلام المطبوع يمر بفترة مضطربة لكن بأي وسيلة يمكن لـ quot;التصميمquot; أن يساعد؟

توقعت باولا انتونيل المصممة الرفيعة في متحف نيويورك للفن الحديث في مجلة الايكونوميست أنه في المستقبل القريب سيكون المصممون طرفًا معنيًّا في كل شيء ابتداء من العلوم وانتهاء بالسياسة. فهي ترى عمل التصميم متجاوزًا لحقول الاختصاص المختلفة وحدودها. وتبرر ذلك قائلة إن quot;إحدى مهام التصميم الأساسية هي مساعدة الناس في التعامل مع حالة التغيّر المتواصلةquot;.

لكن السؤال الآخر الذي قد يحضر في ذهن القارئ: متى ستتحقق هذه النبوءة؟

ترى الغارديان أن هناك سببًا واحدًا جعل الصحافة المطبوعة لا تتحول إلى الانترنت هو أنها ما زالت تحقق فوائد في مجال الاعلان تزيد عن المواقع الالكترونية بعشرين مرة، لكن إلى متى ستستمر هذه المعادلة؟