إيلاف- محمد السيف: أشارت "إيلاف" في الحلقة الأولى، إلى أن الطريقي قد انتقل في طفولته من مسقط رأسه "الزلفي" إلى الكويت، وقضى هناك شطراً من حياته وتعلّم فيها ودَرس، وأشارت "إيلاف" إلى أنه من غير المستغرب ذهاب الطريقي، في طفولته إلى الكويت، إذ انتظمت وتعانقت رقاب الإبل العربية، في دربٍ من دروب التجارة، فيما بين نجد والكويت، والحقيقة أن الباحث لا يجد أدنى صعوبة في اكتشاف الروابط الاجتماعية القوية، التي تربط بين الزلفي والكويت، منذُ أن اتخذ منها أبناء الزلفي وجهةً يأوون إليها سِني المسغبة، فآوتهم وكفتهم، وقد استقر بعضُ أبناء الزلفي في الكويت، بل إن أسراً من الزلفي بكاملها قد هاجرت واستقرت هناك، ويقدر عدد الأُسر المستقرة في الكويت، والتي تعود في أصولها إلى الزلفي بأكثر من (150) أُسرة، وقد تسنّم أبناء الزلفي مناصب قيادية في الكويت، وتعيّن منهم (5) وزراء في حكومة واحدة!
وآل الطريقي، واحدة من الأسر التي استقر عدد من أبنائها في الكويت، وحينما سافر الطريقي في طفولته إلى الكويت، فإنما قد سافر، حسب قوله، إلى أهله ووطنه، لذلك جاء عتبه كبيراً وموجعاً حينما تصدى للرد على صحيفة "الرأي العام" الكويتية، التي شنّت هجوماً عليه، في ثلاثة أعداد صدرت في شهر يناير 1966م طالبةً منه أن يوفّر نصائحه التي يتبرع بتقديمها للحكومة الكويتية، معتبرةً أن نصائحه هي السبب في تكبد السعودية لخسائر فادحة! وكان الشيخ الطريقي يقدم نصائحه ورأيه للحكومة الكويتية، منذُ وقتٍ مبكر، وبالتحديد منذُ أن التقى بأمير الكويت الشيخ عبدالله السالم، في بيروت عام 1953م .
تعرض "إيلاف" في هذه الحلقة أهم ما جاء في رسالة الشيخ الطريقي، الموجهة لرئيس تحرير صحيفة الرأي العام، والتي نشرها في مجلته "البترول والغاز العربي" بعددها السادس، الصادر في عام 1966م وقبل أن نُشير إلى حديث الطريقي الموجع وعتبه الحاد، وتذكيره الكويتيين بأفضاله عليهم جراء نصائحه وآرائه، التي قدّمها لهم، نعرض آراء الطريقي حيال الكويت، وما كتبه عنهم وعن دورهم في لم الشمل العربي، واحترام الحكومة الكويتية للإنسان العربي فيها، وما إلى ذلك.
تعرض "إيلاف" في هذه الحلقة أهم ما جاء في رسالة الشيخ الطريقي، الموجهة لرئيس تحرير صحيفة الرأي العام، والتي نشرها في مجلته "البترول والغاز العربي" بعددها السادس، الصادر في عام 1966م وقبل أن نُشير إلى حديث الطريقي الموجع وعتبه الحاد، وتذكيره الكويتيين بأفضاله عليهم جراء نصائحه وآرائه، التي قدّمها لهم، نعرض آراء الطريقي حيال الكويت، وما كتبه عنهم وعن دورهم في لم الشمل العربي، واحترام الحكومة الكويتية للإنسان العربي فيها، وما إلى ذلك.
&
الكويت في نظر الطريقي:
كتب الطريقي في مجلة "البترول والغاز العربي" قائلاً: "الكويتُ، دولة فتية صغيرة الحجم والعدد، لكنها تريد أن تثبت للعالم أنها موجودة ويمكن أن تستمر في الوجود، ولا يسع أي منصف إلا أن يُقر بأن الأمور تجري هناك وفقاً لخطة ذكية تحاول إسعاد الفرد وربط مصيره بمصير حكومته، وهي لا تكتفي بهذا، بل إنها تراقب الأحداث حولها وتتحرك في الوقت المناسب لتقوم بالعمل المناسب، كما تجلى ذلك في تصريح وزير خارجيتها بأن انسحاب إنكلترا من الخليج العربي يجب أن يجمع شمل العرب ويوحد كلمتهم على سواحل الخليج وأن ما يضر أرضاً عربية يصيب أثره البلاد العربية الأخرى" ويضيف الطريقي قائلاً: " إن الكويت تستطيع ولا شك أن تساهم مساهمةً فعالة في لم الشمل والحفاظ على عروبة الخليج، فهي ذات علاقات طيبة في كل البلاد العربية هناك، وهي لاتطمع في سيطرة جغرافية ولا حجمها يهيؤها لذلك، والجميع في الخليج يقدرون لها مجهوداتها، والعرب الآخرون يباركون ما تقوم به من مساعٍ حميدة لتوحيد الصف العربي بجانب رعايتها لأبناء الخليج بإقامة المدارس والمرافق الصحية ومشروعات المياه للمناطق التي ليس لديها موارد نفطية" .
&وعن الإنسان العربي في الكويت، كتب الطريقي في مجلته " نفط العرب" في عام 1971م وهو يتحدث عن الجزيرة العربية، قائلاً: "إن معالم الحضارة في جزيرة العرب لا تظهر والحق يقال، إلا في أماكن قليلة جداً كمدينة الكويت، حيث يعامل الإنسان كما يعامل في البلاد المتمدينة، أما الإنسان في الرياض وصنعاء وعدن ومسقط، فهو لأسباب مختلفة لا يجد ما يكفيه من الضروريات من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وعناية صحية، وأهم مظاهر الحضارة في معظم هذه البلاد هي قصور الحكام والطرق المؤدية إلى قصورهم وسياراتهم الفارهة، أما ما عدا ذلك فمعظم الناس يعيشون حياة أرقى قليلاً من حياة الإنسان في العصر الحجري! " ولا يُخفي الطريقي رغبته فيما لو انضمت الكويت إلى العراق، نحو تكوين دولة الوحدة العربية، وفي ذلك يقول: " إن موضوع الخلاف بين الكويت والعراق وتخطيط الحدود بينهما يجرح شعور كل عربي وحدَوي، فالموضوع المختلف عليه لا يعادل الفوائد العظمى التي يمكن الحصول عليها لو أزيلت هذه العقبة وتعاون الشعبان الشقيقان لخلق حياة أفضل للإنسان في العراق والكويت".
كتب الطريقي في مجلة "البترول والغاز العربي" قائلاً: "الكويتُ، دولة فتية صغيرة الحجم والعدد، لكنها تريد أن تثبت للعالم أنها موجودة ويمكن أن تستمر في الوجود، ولا يسع أي منصف إلا أن يُقر بأن الأمور تجري هناك وفقاً لخطة ذكية تحاول إسعاد الفرد وربط مصيره بمصير حكومته، وهي لا تكتفي بهذا، بل إنها تراقب الأحداث حولها وتتحرك في الوقت المناسب لتقوم بالعمل المناسب، كما تجلى ذلك في تصريح وزير خارجيتها بأن انسحاب إنكلترا من الخليج العربي يجب أن يجمع شمل العرب ويوحد كلمتهم على سواحل الخليج وأن ما يضر أرضاً عربية يصيب أثره البلاد العربية الأخرى" ويضيف الطريقي قائلاً: " إن الكويت تستطيع ولا شك أن تساهم مساهمةً فعالة في لم الشمل والحفاظ على عروبة الخليج، فهي ذات علاقات طيبة في كل البلاد العربية هناك، وهي لاتطمع في سيطرة جغرافية ولا حجمها يهيؤها لذلك، والجميع في الخليج يقدرون لها مجهوداتها، والعرب الآخرون يباركون ما تقوم به من مساعٍ حميدة لتوحيد الصف العربي بجانب رعايتها لأبناء الخليج بإقامة المدارس والمرافق الصحية ومشروعات المياه للمناطق التي ليس لديها موارد نفطية" .
&وعن الإنسان العربي في الكويت، كتب الطريقي في مجلته " نفط العرب" في عام 1971م وهو يتحدث عن الجزيرة العربية، قائلاً: "إن معالم الحضارة في جزيرة العرب لا تظهر والحق يقال، إلا في أماكن قليلة جداً كمدينة الكويت، حيث يعامل الإنسان كما يعامل في البلاد المتمدينة، أما الإنسان في الرياض وصنعاء وعدن ومسقط، فهو لأسباب مختلفة لا يجد ما يكفيه من الضروريات من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وعناية صحية، وأهم مظاهر الحضارة في معظم هذه البلاد هي قصور الحكام والطرق المؤدية إلى قصورهم وسياراتهم الفارهة، أما ما عدا ذلك فمعظم الناس يعيشون حياة أرقى قليلاً من حياة الإنسان في العصر الحجري! " ولا يُخفي الطريقي رغبته فيما لو انضمت الكويت إلى العراق، نحو تكوين دولة الوحدة العربية، وفي ذلك يقول: " إن موضوع الخلاف بين الكويت والعراق وتخطيط الحدود بينهما يجرح شعور كل عربي وحدَوي، فالموضوع المختلف عليه لا يعادل الفوائد العظمى التي يمكن الحصول عليها لو أزيلت هذه العقبة وتعاون الشعبان الشقيقان لخلق حياة أفضل للإنسان في العراق والكويت".
&
رسالة الطريقي إلى الرأي العام:
&أما رسالته الموجهة إلى "الرأي العام" الكويتية، فقد صدّرها بهذه القول& "تصدر في الكويت جريدة يومية تحرر باللغة العربية، ولكنها تعبر عن آراء وتدافع عن مصالح لا تمت في أغلب الأحيان للأمة العربية وآمالها ومطامحها المشروعة بأية صلة، وقد دأبت تلك الجريدة في المدة الأخيرة على مهاجمة المجهودات التي يحرص أحد ناشري هذه المجلة على بذلها في الكويت لتحقيق مبدأ "بترول العرب للعرب"& بعد ذلك قال الطريقي: " تطرقتم أثناء بحثكم إلى عدة أمور بعضها يمسني شخصياً ويمكن بسهولة التغاضي عن التجريح الشخصي ما دمتم تؤمنون بحرية الصحافة وأنكم لا تهدفون من وراء ما تكتبون إلا وضع الحقائق أمام القراء ومنع أي ضرر قد يصيب المصلحة العامة لشعب وحكومة الكويت.
&ويستطرد الطريقي قائلاً: " أما ما ذكرتموه تحت عنوان "بالعلم وعلى ضوء المصلحة" ما ملخصه أن على حكومة الكويت، التي يعتمد شعبها في معيشته على موارد البترول اعتماداً يكاد يكون كلياً، أن تلجأ في حل مشاكلها البترولية إلى العلم والمعرفة وتجارب الدول الأخرى، فأنا أوافقكم على هذا كله، كل الموافقة، فرفاهية شعب الكويت ومستقبله يتوقف بالدرجة الأولى على استخدام العلم في حل كل المشاكل البترولية،& وأن الدراسات العديدة والنزيهة التي يمكن وضعها أمام رجال الحكومة ستنير لهم الطريق وتساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة تحقق مصلحة الشعب العربي في الكويت، وما دامت شركات البترول تطلبُ منا ألا نُدخل أيةَ تعديلات أو نُبدل بشروط الامتيازات بعد توقيعها، فيجبُ علينا والحالة هذه،& ألا نوقعها إلا بعد أن نتأكد من أنها تحقق مصلحة هذا الجيل من الكويتيين وكذلك مصالح الأجيال القادمة" .
&وحينما تتهمه "الرأي العام" بأنه قد قال للوفد الكويتي أثناء مفاوضات المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت (قوموا أنتم وهاتوا الإنجليز يفاوضوني) فإنه يُطالب الصحيفة بالرجوع إلى محاضر تسجيل تلك الاجتماعات! يقول الطريقي: " أما ما ذكرتموه في مقالكم عني شخصياً وهو قولكم بأنني ممن يتبرعون بالنصائح لحكومة الكويت وأنني لا أخجل من ذلك، وأنني قلتُ لوفد الكويت عندما كنتُ أترأس وفد المملكة العربية السعودية في المفاوضات التي كانت تجري بين الحكومتين لتسوية المسائل المعلقة في المنطقة المحايدة الكويتية السعودية "قوموا أنتم وهاتوا الانجليز يفاوضوني" فالجواب على هذا كله، أنني لستُ متبرعاً بإسداء النصيحة لحكومة الكويت لأني اعتبر نفسي من أهل الكويت، حيثُ تربيتُ وترعرعتُ وتعلمتُ فيها، هذا من ناحية الشعور والواجب، أما من الناحية الرسمية فإنني أقدم النصيحة تنفيذاً لعقد رسمي بين مكتبي وحكومة الكويت الموقرة، ونحن نقدم النصيحة أيضاً لكل من حكومتي الجزائر وفنزويلا، أما قولكم بأنني قلت لوفد الكويت"قوموا أنتم .." فهذا شيء لم يحدث ويمكن بسهولة مراجعة محاضر تلك الاجتماعات للتثبت من ذلك " .
&أما ما حملته إيّاه صحيفة "الرأي العام" حول الخسائر المزعومة، فيرد الطريقي قائلاً: " أما ما ذكرتم في أن نصائحي قد تسببت في خسارةٍ كبرى للمملكة العربية السعودية، فأرجو أن أضع أمام القراء الكرام هذه الحقائق، وهي أن نصائحي للملكة لم تؤد إلى خسارة، بل أدت إلى مضاعفة دخل المملكة وبالتالي دخل المنطقة من عوائد البترول، فقد عدتُ للمملكة عام 1948 وكان أولُ ما قمتُ به أن قدمت للحكومة السعودية مذكرة أطلبُ فيها أن تُعامل الشركات البترولية العاملة في المملكة حكومةَ المملكة، كمعاملتها لحكومة فنزويلا في أمريكا الجنوبية، وذلك بأن تحصل الحكومة على نصف أرباح الشركة، كما هي الحال في فنزويلا، وقد دخلت الحكومة السعودية في مفاوضات انتهت باتفاقية مناصفة الأرباح التي رفعتْ دخل المملكة، وهذا الذي حصلت عليه المملكة حصلت عليه بعد ذلك البلاد العربية الشقيقة كالكويت والعراق وقطر وكذلك إيران، كلٌ على حسب ظروفها، وهكذا ترون أن نصائحي في المملكة العربية السعودية لم تكن خسارة لها بل كانت مكسباً لها وحكومات المنطقة" .
أما ما تناولته الصحيفة، حول تبرعه بالنصائح للحكومة الكويتية، يستعرض الطريقي تاريخ العلاقة بينه وبين الحكومة الكويتية، قائلاً: " أما النصائح التي تقولون بأنني أتبرع بها للكويت، فقد بدأتْ في شهر أغسطس 1953م عندما تشرفتُ بمقابلة المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، وكان يومها ينزل بفندق سان جورج في بيروت، وقد تشرفتُ بمقابلة سموه بحضور السيد عزت جعفر، وشرحتُ له كيف أن الشركات تعطي خصميات كبيرة من الأسعار المعلنة لمالكيها وأن حكومة الكويت تخسر مبالغ كبيرة نتيجةً لهذه العملية، ثم قدمتُ له تقريراً عن الخصميات والخسائر التي تتكبدها الحكومة المنتجة في الخليج العربي نتيجة لهذه الخصميات، وقد أخذ سموه التقرير، وبدأت حكومة الكويت سلسة طويلة من المفاوضات بينها وبين شركة البترول، انتهت بأن وافقت الشركة بأن تعوّض الحكومة عن نصيبها من الخصميات، وهكذا ترون أن حكومة الكويت لم تخسر باتصالي بها بل بالعكس ربحت، والشاهد على ذلك أنه في 27 أكتوبر 1961م تفضل صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم، باستقبالي وبصحبتي وزير البترول الفنزويلي السيد جوان بيرس الفونسو، وكنا في طريقنا من السعودية إلى طهران لحضور اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول، وقد كان المترجم للحديث بين صاحب السمو والوزير الفنزويلي الأخ بدر الملا، وقال الرجل الكبير (يقصد عبدالله السالم): إنني لا أنسى النصيحة التي قدمتها لنا فيما يتعلق بالخصميات، وكنتُ أظنُ عندما تقابلننا في فندق السان جورج ، أن الأمر لم يكن بهذه الجدية، ولكن تعاون الحكومات وتساندها يقوّي من مركزها حيال الشركات، ولا بد من استمرار تضامن الشعوب المنتجة والمصدرة للبترول، وإن فكرة منظمة الدول المصدرة للبترول لفكرة عظيمة" .
&ولكي يحفظ الطريقي دوره الرائد مع الحكومة الكويتية، للأجيال القادمة، يذكر مفتخراً أنه قدّم نصيحةً غايةً في الأهمية للكويتيين، فيقول: " أما النصيحة التي قدمتها بكل فخار لحكومة الكويت، فقد كانت منح المنطقة المغمورة للمنطقة المحايدة للشركة اليابانية وذلك عندما تشرفتُ بمقابلة الأمير الراحل في قصره بشتورا صيف عام 1957م وعرضتُ عليه مشروع الاتفاقية اليابانية، وأخبرته أنّ من مصلحة الحكومة الكويتية والسعودية أن يمنحا امتياز المنطقة المغمورة للمنطقة المحايدة لشركة واحدة بدلاً من شركتين، كما هي الحال في امتياز المنطقة اليابسة، وقد طلب مني رحمه الله الانتظار في لبنان وطلبَ حضور السيد أشرف لطفي من الكويت، وقد حضر المذكور واجتمعنا سوياً ثم طلبَ مني سموه مقابلة وكيله في لندن وشرْح الاتفاقية له، ولما كانت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة مقطوعةً في ذلك الوقت، فقد ذهبتُ لمقابلة ممثل الشيخ في لندن، في مدنية لاهاي في هولندا، وقضيتُ معه ومساعده أربعة أيام، شرحتُ له فوائد الاتفاقية ومزاياها، ثم بعد ذلك دخلتْ الحكومة الكويتية والشركة في مفاوضات انتهت بتوقيع اتفاقية بينهما " .
&ويُذكّر الطريقي "الرأي العام" بعلاقته بأهل الكويت، بأنها علاقة أهل، وليست كما تريدون أن تُصوروها، وأنني لستُ من قبائل الطوارق في الصحراء الأفريقية، وليس لديّ أسياد يوحون إليّ، كما تقولون، وكان الشيخ الراحل يستشيرني في بعض المواضيع البترولية، وكان يرسل لي إشعاراً للحضور إلى الكويت، لهذا الغرض عن طريق السيد بدر الملا، وكنتُ أعتبر ثقة الشيخ الراحل بي شرفاً ومسؤولية كبرى، فأي نصيحة تقدم بدون سابق علم ومعرفة وتجرد من العاطفة تشكلُ خطراً كبيراً على الطرف الذي يتقبلها، والمستشارون الفنيون إن لم تتوفر فيهم العفة والنزاهة المطلقة، كانوا أخطر على البلاد المنتجة من الشركات الأجنبية ".
&أما رسالته الموجهة إلى "الرأي العام" الكويتية، فقد صدّرها بهذه القول& "تصدر في الكويت جريدة يومية تحرر باللغة العربية، ولكنها تعبر عن آراء وتدافع عن مصالح لا تمت في أغلب الأحيان للأمة العربية وآمالها ومطامحها المشروعة بأية صلة، وقد دأبت تلك الجريدة في المدة الأخيرة على مهاجمة المجهودات التي يحرص أحد ناشري هذه المجلة على بذلها في الكويت لتحقيق مبدأ "بترول العرب للعرب"& بعد ذلك قال الطريقي: " تطرقتم أثناء بحثكم إلى عدة أمور بعضها يمسني شخصياً ويمكن بسهولة التغاضي عن التجريح الشخصي ما دمتم تؤمنون بحرية الصحافة وأنكم لا تهدفون من وراء ما تكتبون إلا وضع الحقائق أمام القراء ومنع أي ضرر قد يصيب المصلحة العامة لشعب وحكومة الكويت.
&ويستطرد الطريقي قائلاً: " أما ما ذكرتموه تحت عنوان "بالعلم وعلى ضوء المصلحة" ما ملخصه أن على حكومة الكويت، التي يعتمد شعبها في معيشته على موارد البترول اعتماداً يكاد يكون كلياً، أن تلجأ في حل مشاكلها البترولية إلى العلم والمعرفة وتجارب الدول الأخرى، فأنا أوافقكم على هذا كله، كل الموافقة، فرفاهية شعب الكويت ومستقبله يتوقف بالدرجة الأولى على استخدام العلم في حل كل المشاكل البترولية،& وأن الدراسات العديدة والنزيهة التي يمكن وضعها أمام رجال الحكومة ستنير لهم الطريق وتساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة تحقق مصلحة الشعب العربي في الكويت، وما دامت شركات البترول تطلبُ منا ألا نُدخل أيةَ تعديلات أو نُبدل بشروط الامتيازات بعد توقيعها، فيجبُ علينا والحالة هذه،& ألا نوقعها إلا بعد أن نتأكد من أنها تحقق مصلحة هذا الجيل من الكويتيين وكذلك مصالح الأجيال القادمة" .
&وحينما تتهمه "الرأي العام" بأنه قد قال للوفد الكويتي أثناء مفاوضات المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت (قوموا أنتم وهاتوا الإنجليز يفاوضوني) فإنه يُطالب الصحيفة بالرجوع إلى محاضر تسجيل تلك الاجتماعات! يقول الطريقي: " أما ما ذكرتموه في مقالكم عني شخصياً وهو قولكم بأنني ممن يتبرعون بالنصائح لحكومة الكويت وأنني لا أخجل من ذلك، وأنني قلتُ لوفد الكويت عندما كنتُ أترأس وفد المملكة العربية السعودية في المفاوضات التي كانت تجري بين الحكومتين لتسوية المسائل المعلقة في المنطقة المحايدة الكويتية السعودية "قوموا أنتم وهاتوا الانجليز يفاوضوني" فالجواب على هذا كله، أنني لستُ متبرعاً بإسداء النصيحة لحكومة الكويت لأني اعتبر نفسي من أهل الكويت، حيثُ تربيتُ وترعرعتُ وتعلمتُ فيها، هذا من ناحية الشعور والواجب، أما من الناحية الرسمية فإنني أقدم النصيحة تنفيذاً لعقد رسمي بين مكتبي وحكومة الكويت الموقرة، ونحن نقدم النصيحة أيضاً لكل من حكومتي الجزائر وفنزويلا، أما قولكم بأنني قلت لوفد الكويت"قوموا أنتم .." فهذا شيء لم يحدث ويمكن بسهولة مراجعة محاضر تلك الاجتماعات للتثبت من ذلك " .
&أما ما حملته إيّاه صحيفة "الرأي العام" حول الخسائر المزعومة، فيرد الطريقي قائلاً: " أما ما ذكرتم في أن نصائحي قد تسببت في خسارةٍ كبرى للمملكة العربية السعودية، فأرجو أن أضع أمام القراء الكرام هذه الحقائق، وهي أن نصائحي للملكة لم تؤد إلى خسارة، بل أدت إلى مضاعفة دخل المملكة وبالتالي دخل المنطقة من عوائد البترول، فقد عدتُ للمملكة عام 1948 وكان أولُ ما قمتُ به أن قدمت للحكومة السعودية مذكرة أطلبُ فيها أن تُعامل الشركات البترولية العاملة في المملكة حكومةَ المملكة، كمعاملتها لحكومة فنزويلا في أمريكا الجنوبية، وذلك بأن تحصل الحكومة على نصف أرباح الشركة، كما هي الحال في فنزويلا، وقد دخلت الحكومة السعودية في مفاوضات انتهت باتفاقية مناصفة الأرباح التي رفعتْ دخل المملكة، وهذا الذي حصلت عليه المملكة حصلت عليه بعد ذلك البلاد العربية الشقيقة كالكويت والعراق وقطر وكذلك إيران، كلٌ على حسب ظروفها، وهكذا ترون أن نصائحي في المملكة العربية السعودية لم تكن خسارة لها بل كانت مكسباً لها وحكومات المنطقة" .
أما ما تناولته الصحيفة، حول تبرعه بالنصائح للحكومة الكويتية، يستعرض الطريقي تاريخ العلاقة بينه وبين الحكومة الكويتية، قائلاً: " أما النصائح التي تقولون بأنني أتبرع بها للكويت، فقد بدأتْ في شهر أغسطس 1953م عندما تشرفتُ بمقابلة المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، وكان يومها ينزل بفندق سان جورج في بيروت، وقد تشرفتُ بمقابلة سموه بحضور السيد عزت جعفر، وشرحتُ له كيف أن الشركات تعطي خصميات كبيرة من الأسعار المعلنة لمالكيها وأن حكومة الكويت تخسر مبالغ كبيرة نتيجةً لهذه العملية، ثم قدمتُ له تقريراً عن الخصميات والخسائر التي تتكبدها الحكومة المنتجة في الخليج العربي نتيجة لهذه الخصميات، وقد أخذ سموه التقرير، وبدأت حكومة الكويت سلسة طويلة من المفاوضات بينها وبين شركة البترول، انتهت بأن وافقت الشركة بأن تعوّض الحكومة عن نصيبها من الخصميات، وهكذا ترون أن حكومة الكويت لم تخسر باتصالي بها بل بالعكس ربحت، والشاهد على ذلك أنه في 27 أكتوبر 1961م تفضل صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم، باستقبالي وبصحبتي وزير البترول الفنزويلي السيد جوان بيرس الفونسو، وكنا في طريقنا من السعودية إلى طهران لحضور اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول، وقد كان المترجم للحديث بين صاحب السمو والوزير الفنزويلي الأخ بدر الملا، وقال الرجل الكبير (يقصد عبدالله السالم): إنني لا أنسى النصيحة التي قدمتها لنا فيما يتعلق بالخصميات، وكنتُ أظنُ عندما تقابلننا في فندق السان جورج ، أن الأمر لم يكن بهذه الجدية، ولكن تعاون الحكومات وتساندها يقوّي من مركزها حيال الشركات، ولا بد من استمرار تضامن الشعوب المنتجة والمصدرة للبترول، وإن فكرة منظمة الدول المصدرة للبترول لفكرة عظيمة" .
&ولكي يحفظ الطريقي دوره الرائد مع الحكومة الكويتية، للأجيال القادمة، يذكر مفتخراً أنه قدّم نصيحةً غايةً في الأهمية للكويتيين، فيقول: " أما النصيحة التي قدمتها بكل فخار لحكومة الكويت، فقد كانت منح المنطقة المغمورة للمنطقة المحايدة للشركة اليابانية وذلك عندما تشرفتُ بمقابلة الأمير الراحل في قصره بشتورا صيف عام 1957م وعرضتُ عليه مشروع الاتفاقية اليابانية، وأخبرته أنّ من مصلحة الحكومة الكويتية والسعودية أن يمنحا امتياز المنطقة المغمورة للمنطقة المحايدة لشركة واحدة بدلاً من شركتين، كما هي الحال في امتياز المنطقة اليابسة، وقد طلب مني رحمه الله الانتظار في لبنان وطلبَ حضور السيد أشرف لطفي من الكويت، وقد حضر المذكور واجتمعنا سوياً ثم طلبَ مني سموه مقابلة وكيله في لندن وشرْح الاتفاقية له، ولما كانت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة مقطوعةً في ذلك الوقت، فقد ذهبتُ لمقابلة ممثل الشيخ في لندن، في مدنية لاهاي في هولندا، وقضيتُ معه ومساعده أربعة أيام، شرحتُ له فوائد الاتفاقية ومزاياها، ثم بعد ذلك دخلتْ الحكومة الكويتية والشركة في مفاوضات انتهت بتوقيع اتفاقية بينهما " .
&ويُذكّر الطريقي "الرأي العام" بعلاقته بأهل الكويت، بأنها علاقة أهل، وليست كما تريدون أن تُصوروها، وأنني لستُ من قبائل الطوارق في الصحراء الأفريقية، وليس لديّ أسياد يوحون إليّ، كما تقولون، وكان الشيخ الراحل يستشيرني في بعض المواضيع البترولية، وكان يرسل لي إشعاراً للحضور إلى الكويت، لهذا الغرض عن طريق السيد بدر الملا، وكنتُ أعتبر ثقة الشيخ الراحل بي شرفاً ومسؤولية كبرى، فأي نصيحة تقدم بدون سابق علم ومعرفة وتجرد من العاطفة تشكلُ خطراً كبيراً على الطرف الذي يتقبلها، والمستشارون الفنيون إن لم تتوفر فيهم العفة والنزاهة المطلقة، كانوا أخطر على البلاد المنتجة من الشركات الأجنبية ".
&
دور الحكومة السعودية في إثارة قضايا النفط
لا ينس الطريقي، وهو يردُ على "الرأي العام" أن يُبرز دور حكومة بلاده في إثارتها لعددٍ من القضايا النفطية، لما فيه صالح المنطقة، يقول الطريقي: "بقيتْ كلمة أخيرة وهي أنه يجب أن تعلموا أن كل القضايا البترولية القائمة الآن بين منظمة الدول المصدرة للبترول والشركات البترولية، كلها قضايا أثارتها المملكة العربية السعودية، عندما كنتُ مديراً ووزيراً فيها، فقضية المحاسبة على أساس السعر المعلن أثارتها المملكة العربية السعودية في مؤتمر البترول العربي الثاني عام 1960م ومسألة تنفيق العائدات أثارتها المملكة العربية السعودية في مؤتمر البترول الثالث، ومسألة تحديد الإنتاج بحيث يتناسب مع الطلب في الأسواق أثارتها المملكة" .
ويُطالب الطريقي صحيفة "الرأي العام" أن تنكر أو تفنّد شيئاً مما ذكره، واصفاً بأنّ ما كتبه حقائق، " ولا على الذين يمولون هذه الحملة الظالمة ويكتبون ما تنشرونه باللغة الإنجليزية أولاً، والذين لا يبغون من ورائها إلا أن تظل الكويت نادياً للعاطلين عن العمل،& بحيث لا تقام فيها صناعات ويعيش أهلها على عوائد الأموال، التي تعمل لتعمير بلاد الآخرين ويكون اقتصاد بلادنا متأثراً برغبة وسياسات البلاد الأخرى، فما على هؤلاء إلا أن ينكروا حقيقة واحدة مما ذكرت، وأعلموا أن الرائد لا يكذب أهله، وشكراً "!
لا ينس الطريقي، وهو يردُ على "الرأي العام" أن يُبرز دور حكومة بلاده في إثارتها لعددٍ من القضايا النفطية، لما فيه صالح المنطقة، يقول الطريقي: "بقيتْ كلمة أخيرة وهي أنه يجب أن تعلموا أن كل القضايا البترولية القائمة الآن بين منظمة الدول المصدرة للبترول والشركات البترولية، كلها قضايا أثارتها المملكة العربية السعودية، عندما كنتُ مديراً ووزيراً فيها، فقضية المحاسبة على أساس السعر المعلن أثارتها المملكة العربية السعودية في مؤتمر البترول العربي الثاني عام 1960م ومسألة تنفيق العائدات أثارتها المملكة العربية السعودية في مؤتمر البترول الثالث، ومسألة تحديد الإنتاج بحيث يتناسب مع الطلب في الأسواق أثارتها المملكة" .
ويُطالب الطريقي صحيفة "الرأي العام" أن تنكر أو تفنّد شيئاً مما ذكره، واصفاً بأنّ ما كتبه حقائق، " ولا على الذين يمولون هذه الحملة الظالمة ويكتبون ما تنشرونه باللغة الإنجليزية أولاً، والذين لا يبغون من ورائها إلا أن تظل الكويت نادياً للعاطلين عن العمل،& بحيث لا تقام فيها صناعات ويعيش أهلها على عوائد الأموال، التي تعمل لتعمير بلاد الآخرين ويكون اقتصاد بلادنا متأثراً برغبة وسياسات البلاد الأخرى، فما على هؤلاء إلا أن ينكروا حقيقة واحدة مما ذكرت، وأعلموا أن الرائد لا يكذب أهله، وشكراً "!
&
ظلم ذوي القربى!
&ولأن الطريقي، قد أعلن في أكثر من موضع أن أهل الكويت، ذوو قربى، فقد جاء تهجمهم عليه، أشدَ مضاضةً من وقع الحسام المهند! فتأثر بما كتبوه، فانبرى ليذكّرهم بما فعله معهم، وبما أسداه لهم من نصائح، وأنه لم يكن متطفلاً بآرائه، إنما استجابة لرغبات الشيخ عبدالله السالم، الذي اعتبر ثقته وساماً يتقلده، فأخلص له القول وصدقه النصيحة، فكان ما كان!
&ولأن الطريقي، قد أعلن في أكثر من موضع أن أهل الكويت، ذوو قربى، فقد جاء تهجمهم عليه، أشدَ مضاضةً من وقع الحسام المهند! فتأثر بما كتبوه، فانبرى ليذكّرهم بما فعله معهم، وبما أسداه لهم من نصائح، وأنه لم يكن متطفلاً بآرائه، إنما استجابة لرغبات الشيخ عبدالله السالم، الذي اعتبر ثقته وساماً يتقلده، فأخلص له القول وصدقه النصيحة، فكان ما كان!
&
الحلقة الثانية:
&&
الحلقة الثالثة:
&
الحلقة الرابعة
&
الحلقة الخامسة
&
الحلقة السادسة
&
الحلقة السابعة
&
الحلقة الثامنة
الوزير الأسبق للنفط السعودي&حلل واقع العراق كما هو اليوم
نعيق الغربان في العراق لن يعيد له رفاهيته ومجده
نعيق الغربان في العراق لن يعيد له رفاهيته ومجده
التعليقات