بين وقت وآخر يطل عضو البرلمان الهولندي اليميني المتطرف وزعيم حزب quot; الحرية quot; خيرت فيلدرز ليتقدم بفتوى جديدة حول المسلمين المقيمين في هولندا. فبعد فتواه الشهيرة بضرورة تمزيق نصف القرآن وفيلمه البليد quot; فتنة quot; ظهر فيلدرز في إحدى جلسات البرلمان الهولندي التي انعقدت قبل فترة قصيرة وأفتى بضرورة دفع المحجبات لضريبة قيمتها quot; 1000 quot; يورو في السنة، في محاولة للتخلص من الحجاب الذي يحد من حرية المرأة حسب فتواه.


ردود أفعال أعضاء البرلمان وبعض الوزراء في الحكومة الهولندية كانت هذه المرة شديدة وصريحة ولا تقبل التأويل. فقد وصفه السياسي المعارض الكسندر بيختولد بالعنصري في وسائل الإعلام وتساءل بعض النواب فيما إذا كان فيلدرز جادا في مطلبه، وطالبه آخرون أن يوضح هل يشمل كلامه المحجبات المسيحيات أم لا؟


لسنا هنا بصدد تصريحات فيلدرز وفتاويه ولكننا نريد أن نعرف الدوافع التي تقف خلف هذا السلوك المنحرف وذلك العداء غير المسبوق ضد المسلمين المتواجدين في هولندا. لا يمكن بطبيعة الحال أن نستبعد الطموحات السياسية التي تدفع بالبعض من المرشحين إلى القيام بأفعال اكزوتيكية من اجل الوصول إلى أهدافهم، فالغاية هنا تبرر الوسيلة.


لنبدأ باسم عائلة خيرت فيلدرز quot; wilders quot; التي تعني باللغة الهولندية الوحشية والبرية والهمجية و quot; wildeman quot; التي تعني الرجل المتوحش او الفظ. ( لم يكن الهولنديون في السابق يستخدمون الاسم العائلي حتى فرضه عليهم نابليون ). إذن فالسيد خيرت فيلدرز ينحدر من هذه العائلة الاستعمارية في اندنوسيا أكبر الدول المسلمة.

وكما يقال عندنا quot; إذا عرف السبب بطل العجب quot; فإن السيد فيلدرز عندما انهى دراسته الثانوية ذهب إلى إسرائيل لكي يتعلم الكراهية من مصادرها وبقي هناك مدة سنتين هي كافية لكي يكره الإنسان حتى نفسه. يتحدث فيلدرز هذه الأيام عن الجزء الثاني من فيلمه البائس quot; فتنة quot; الذي فشل فشلا ذريعا في كل مكان عرض فيه والذي اثبت أن السيد فيلدرز لم يكن فاشلا في السياسة وحدها بل وفي الفن أيضا. لكنه هذه المرة سيستعين بخبراء من أمريكا وإسرائيل التي قد تكون هي المرجع الأول لكل تصرفاته، خصوصا وان لديه علاقات ممتازة بأكثر قادتها على حد قوله، وقد يكونون علموه الطرق التي يمكن له أن من خلالها طرد المسلمين من هولندا كما فعلوا هم عندما طردوا الفلسطينيين من أراضيهم.


يطمح السيد فيلدرز أن يكون رئيس وزراء هولندا بعد أن نجح حزبه باقتناص تسعة مقاعد في البرلمان الهولندي من أصل 150 مقعدا، والمهمة الأساسية التي ينوي القيام بها، إذا تحقق طموحه هو طرد المسلمين من هولندا كما يصرح بين وقت وأخر. فيلدرز لا يقصد المسلمين حديثي العهد في هولندا مثل المغاربة والأتراك ولكنه يشمل المسلمين الذين استعبدتهم هولندا طيلة اربعمئة سنة في اندنوسيا والسورينام أيضا.


أميركا التي لم تستفق حتى الان من صدمة 11 سبتمبر لا تريد أن تكون طرفا مباشرا في عدائها للإسلام لكن لديها بعض الحلفاء الأوربيين الذين يقومون بهذه المهمة مثل ساركوزي في فرنسا وفيلدرز في هولندا وقبلهما هايدر في النمسا. على العكس من بريطانيا وألمانيا اللتين تعيش فيهما جاليات مسلمة كبيرة تقدر بالملايين. المسألة إذن لا تتعلق بالسيد فيلدرز ولكنها تتعدى ذلك إلى إستراتيجية غربية طويلة الأمد هدفها تفكيك الكيانات التي تشكل مصدر خطر لأمريكا وأوربا، والإسلام اليوم هو الخطر الأكبر في نظر أميركا لأنه يمثل الوجه الأخر للإرهاب.


لن يكون من الغريب أن يظهر في المستقبل القريب أشباه لفيلدرز في أوربا او في مكان آخر في العالم طالما إن الحملة الأمريكية مستمرة بغض النظر عن الدوافع والأسباب خصوصا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. ولا ننسى الدعم الذي تقدمه البلدان الأوربية وأمريكا لدعم الأقليات في العالم العربي والإسلامي تحت ذرائع شتى من اجل الإساءة إلى الإسلام بوصفه ايديلوجيا وليس دينا كما يحلو لفيلدرز أن يقول.