تتهم بعض الاوساط الشيعية قي المجلس الاعلى ان وراء عدم انضمام المالكي الى الائتلاف الوطني العراقي يرجع الى وجود اصوات شيعية من حزب الدعوة داخل القائمة المسماة بأئتلاف دولة القانون تريد ان تتظاهر بالوطنية لاكتساب وشراء الاصوات الانتخابية متهمة الائتلاف الجديد بانه لازالت صورته تنحصر على مكون واحد حتى وان يسعى الى تتغيير ذلك وبالتالي لايمكن لرئيس الوزراء الذي يمثل العراق كله ان ينظوي الى قائمة الاتئتلاف الوطني.
قبل ان نناقش هذه الاتهامات وبعيدا عن الدفاع عن المجلس او اي جهة اخرى لابد من طرح سؤال يخص سلوك شخصيات تمثل القيادات العليا في الحزب واعضاء في الشورى والمؤتمر على ان تجيب على السؤال بشرط ان تكون هذه القيادات صادقة امام نفسها وامام الله والسؤال هو هل اداء حزب الدعوة الان هو نفس ذلك الاداء الوطني والعقائدي في ستينيات أو سبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي ليس اكثر من تلك المدة لان الحزب بعد ذلك بدءت هجرته الى الخارج وبدء نشاطه من وراء الحدود العراقية منتشرا في ارض الله الواسعة بعيداً عن محرقة القتل والاعدامات الداخلية وهناك فرق كبير بين من يعمل من ساحات خارجية وبين المواجه الداخلية خاصة امام اعتى نظام قمعي في العالم شهده التاريخ المعاصر وشهده العراق ايام الديكتانور البائد. هل حزب الدعوة الان هو نفسه ذلك الحزب الذي ارعب صدام يوماً فقرر ان يصدر قرارا بأثر رجعي بالسجن والاعدام لكل من ينتمي اويروج لحزب الدعوة حزب دق مسامير الخوف والقلق في رأس صدام يومها. حزب قدم آلاف من الشهداء في الستينات او السبعينات والثمانينات. هل لازال حزب الدعوة قادرا ً على جذب قلوب العراقيين كما كانت تهفو وتهوى اليه الافئدة من كل حدب وصوب حتى وان لم تكن تشترك معه بنفس ايدولجية الفكر الاسلامي آنذاك. يقيناً لااعتقد ذلك لاشك انه التلوث الذي حصل للحزب بعد الهجرة وبعد التحرير خاصة بمغريات العراق وثرواته الواسعة والمواقع المغرية. وحتى ان لم اكن خاطئة لايوجد حزب دعوة ومنذ ان سقط الصنم وهو في تراجع مستمر. لاتوجد الان اي حلقات حزبية ولا لقاءات خاصة على المستوى الخارجي كل ماتبقى هي اوراق صفراء من مخلفات حزب كان اسمه يوماً حزب الدعوة الاسلامية لقد تحول الحزب الى علاقات خاصة لمجموعة من اصدقاء واقرباء فقط دائرة محصورة تفيد بعضها بعضا فالصفقات التجارية والمناصب والمواقع انحصرت بينهم لايسئلون عن محتاج ولا عن سائل ولا عن الاف الايتام ( اين منهم الان شهداء القوافل الاولى والكوكبة الخمسة من الدعوة الاولى. وهل تصح المقارنة، شتان بين الدعوتين).


لقد نسوا كل من حولهم حتى شركائهم القدماء وحتى من عمل بأخلاص وضحى بأهله واعزاءه وواكبهم عشرات من سنين بل ربما مايقارب نصف قرن من العمل و النظال، مجموعة بعيدة عن الرياء والتملق تعلو نفوسهم النزاهة والعفة والوطنية والاخلاص والصدق، مجموعة لايعتليها الزيف الدنيوي، بقيت مجمدة تلك الشريحة النزيه ولم تستطع ان تحصل حتى على ابسط حقوقها الوضيفية من التقاعد بفضل التسلق وسباق التنافس على المراكز والترصد لمن ينطق بالحق لاجل الوطن.


الرهانات لاجل المكاسب والمناصب اصبح هو الهاجس الاول لدى افراد الحزب القادة منهم والرعيل الثاني ايضاً. اما الفساد المالي والاداري فحدث ولاحرج فساد يستشري داخل جسد هذا الحزب ووزراءه والغريب ان حزب الدعوة جند نفسه للدفاع عن وزراءه المرتشين والمتورطين بالفساد المالي والاداري ويحاول افراده المتنفذين منع لجنة النزاهة من جلب ومسائلة وزراء آخرين من افراد الحزب متهمين بالفساد او عدم الكفاءة. مستشارون ووكلاء وزارات عينوا من افراد حزب الدعوة لم تشهد لهم الوزارة آلا اياماً معدودات من الدوام لطيلة السنة ولم يعرف اسماءهم حتى كادر الوزارة بسبب عدم تواجدهم، يقضون معظم ايامهم في وطنهم الثاني من الاراضي الاوربية،
نعم لقد طوى التاريخ منه ورقة كتب عليها يوماً حزب الدعوة الاسلامية كانت في زمن الماضي ناصعة ومميزة كانت نموذجاً يحتذى بها. ورقة خضراء من اصل شجرة خضراء اصلها ثابت وفرعها في السماء، لكنها لم تعد كذلك ولو كان للسيد الشهيد محمد باقر الصدر نصيباً من العمر لولى فرارا منهم.


متغيرات كبيرة طرءت على ذلك الحزب الذي تتصدر سماته وقسماته التنافس الدنيوي.انشقاقات عديدة تمثلت في خطوط اسموها لأنفسهم وجغرافيتهم ورغباتهم. دعوة بصرة، دعوة ايران،دعوة اوربا، دعوة الكوادر، والقائمة تطول في التشتت والتشرذم. وآخرها وليس آخيراً تيار الاصلاح الوطني بقيادة ابراهيم الجعفري الذي انشق على الحزب في ظل تداعيات الانتخابات الداخلية للحزب لعام 2007 والذي يسعى ان يكون تيارا وطنياً. هذه الانشقاقات جعلته يفقد الكثير من مصداقيته امام القاعدة الجماهيرية التي اكتسبها ايام النظام الصدامي.


حزب الدعوة الاسلامية وبكل مسمياته التي ظهرت في الخارج ومنذ الثمانينات مشمولاً بكل ساحاته الخارجية المهاجرة لم يقدم مشروعاً لتأسيس دولة في المستقبل ولم يقدم في وقته شيئأّ او برنامجاً مهما للعراق ولم يقدم دراسة وطنية عراقية شاملة للواقع العراقي لفترة مابعد السقوط ولم يؤسس الى ايجاد علاقات عربية ينال منها الثقة الدولية، وانما انشغل بالانقسامات الداخلية والتنافس. انحصرت آليات الحزب على منهجية فكرية اسلامية تستقطب الجماهير على اساس التعبئة الاسلامية الواسعة خصصت لشريحة واحدة ولفترة محدودة فقط ماقبل السقوط مبتعدة عن واقعية وارضية الشعب العراقي المتنوع التوجهات والميول والطوائف والقوميات. ولم يضع امامه احتمالات الساحة السياسية المتنوعة الهوى.


حزب الدعوة فقد شعبيته وقاعدته وجماهيره منذ اكثر من عقدين من الزمن عندما حصر اداءه في الهجرة على الشريحة الشيعية فقط.


اما بالنسبة الى فوز قائمة ائئتلاف دولة القانون في انتخابات مجالس المحافضات فلم يسجل ذلك الفوز حينها الى حزب الدعوة فالكثير اعتبر الفوز نصراً للمالكي ولشخصه بالذات ولجهوده الوطنية، ولازال من يتمنى على السيد المالكي ان يتجرد من حزب الدعوة حتى لا تصادر نجاحاته من قبل الحزب.


بعض المراقبين يرون قياساً الى الوضع الحرج والتآمرات التي تحيط بالبلد لابد للمالكي ان يستجيب الى دعوة الائئلاف الوطني العراقي والانظمام اليه من دون حزب الدعوة فهم في حاجة لشخصه وبسبب نجاحاته الوطنية لابد ان ينظر في اعادته لرئاسة الوزراء لدورة ثانية. وان يتم ترشيح وزراءه من قبل لجنة مستقلة لاتنتمي الى اي من الاحزاب والكتل تقيم الوزير على اساس الكفاءة والنزاهة وخدمة الشعب والوطن.

ملاحظة اتمنى ان يصل هذا المقال الى السيد نوري المالكي للاطلاع عليه.