على إنفراد أو مجتمعين، يضيقان الخناق على الانسان و يطاردانه بظليهما الداکنين في حرب صامتة باردة خفية لا تضع أوزارها إلا بإلقاءه جثة هامدة في حفرة ينام فيها نوما طويلا ليس يضاهيه أي نوم آخر في هذا الکون.

الموت و الشيطان....عالمان غريبان يرسمان آفاقا بألوان سوداء و صفراء ليست في نهاياتهما سوى أصداء و مزامير و ترانيم تدعو الانسان لرقصة ينضو فيها من ما لصق به من أدران الدنيا و رمادها وحينا آخرا يتدثر بکل اسمال القذارة و الانحطاط و التسافل، وتجده يتعرى حتى من جسده و يلقي بروحه صاغرا ذليلا مهانا مقهورا أمام مجهول يهزه و يزلزله من الجذور، وذلك هو سوط الخوف الذي يلسع به الموت أغوار الانسان و يدفعهquot;بتشديد الفاء و کسرهاquot; ضرائب لم تکن تتمکن أن تستحصلها منه حتى أقوى الانظمة الضرائبية و أمنعها في العالم برمته، أما الشيطان، ذك الذي أبى السجود لمن کان معدنه الاساسي طينا، فهو الآخر يحاصر بعربة اللذة و المتعة و الطيش أبن آدم من کل الجهات و يطلبه دونما کلل فيما لايملك هذا شيئا سوى الانبهار بعربته و القفز إليها أو منها بين الفينة و الاخرى مستغفرا تارة و محوقلا مرة أخرى وهو يدرك تماما ان هذه العربة هي ذاتها التي رکبها جده قبل قرونا غابرة و خرج من على متنها من فرودس لم ينعم به طويلا.

الموت و الشيطان، يحرکان و يؤلبان الناس ضد بعضها البعض، بل حتى يدفعان بالانسان لمقارعة ذاته و تمزيقها شر ممزق، لکن لکل منهما طريقته و اسلوبه المميز، والانسان الذي(ليس له من الامر شئ)يسعى عبر خيط رفيع من تفويض مائل الى الضبابية أن يمسك بتلابيب أکبر سرين يواجهان وجوده و کينونته، ورغم ان جهوده بهذا الاتجاه لاتفضي الى نتيجة تذکر، بيد انه رغم ذلك لايستسلم و يظل مقارعا لعدوين قاهرين جبارين يستمدان قوتهما من ضعفه و خوفه و شکوکه وبين حروبه المستمرة المتقطعة و جولات إستسلامه الکثيرة(المخجلة و المشينة تارة أخرى)والتي تداف في أغلب الاحيان بأسمال المبررات و المعاذير و(السهو و الغفلة و النسيان و.....)، صراع مستمر و ازلي من دون أي تراجع أو تهاون وليس هنالك أي حسم أو نصر مبين فيه أبدا وانما مجرد جولات معارك طاحنة و ناعمة و سريعة و طائشة و حتى نزقة يکون بطلها الاکبر الانسان ذاته سواءا کان الغالب أم المغلوب.