من أشهر العبارات التي قيلت في أعقاب تفجيرات 11 أيلول 2001، تلك العبارة التي أطلقها الكاتب الفرنسي جون ماري كولمباني مدير صحيفة لوموند الفرنسية، حين قال في رد على تلك التفجيرات ( نحن كلنا أميركيون )، فتلك التفجيرات المدوية لم توجع فقط نفوس الأميركيين، بل أوجعت نفوس البشر في جميع أنحاء العالم، بعد أن شهد ذلك اليوم المأساوي مصرع المئات من البشر معظمهم من المدنيين، واليوم وبعد حلول ذكرى ذلك اليوم الكارثي، لابد لنا من وقفة بإزاء ذلك الإرهاب الأعمى،الذي يمارسه بعض المتطرفون لدوافع وأهداف شتى، فهؤلاء المتطرفون أعدائنا جميعا، لأننا لا يجب أن ننظر لذلك الحدث على انه حدث أميركي محض على أساس انه استهدف أميركيون، فالإرهاب هو الإرهاب أيا كان المكان أو الزمان الذي يحصل فيه، ومادام الإرهاب يستهدف القيم التي يحاول البشر إرسائها كنهج أنساني عام، فهو يستهدفنا جميعا، وهو بالتالي خطر على البشرية جمعاء.
إن علينا أن نستذكر ذلك اليوم، ليس كحدث من الأحداث التاريخية البارزة وحسب، بل كحدث مفجع آلمنا جميعا، حيث هاجت مشاعرنا وضاقت نفوسنا لتلك المناظر المهولة، التي نقلتها لنا وسائل الإعلام أولا بأول، فقد تحولنا في لحظة من اللحظات إلى جزء من ذلك الحدث، الذي جعلنا جميعا أميركيين وان لم ننتمي لأميركا.
فالعبارة التي أطلقها كولمباني بعد يوم من ذلك الحدث المأساوي،هي عبارة تصلح لكل زمان ومكان، لأننا سنكون أميركيين وأسيويين وأفارقة وأوربيين واستراليين وو...الخ، إذا ما تكرر الحدث أو استهدف بلدا أو شعبا أخر، وسنتحول جميعا إلى بشر لا منتمين إلا إلى الرابطة البشرية التي تجمعنا جميعا، ولعل استعادتنا جميعا لتلك الذكرى المؤلمة، وبل واحتفالنا السنوي بها، هو خير تأكيد على إننا لا نقدم شيئا على هاجسنا البشري، الذي يضعنا في مستوى واحد مع الآخرين.
لقد أصبحت ذكرى 11 أيلول 2001 ذكرى عامة لكل البشر نحتفل بها في كل مكان من هذا العالم، وليس هذا وحسب بل ونتحول فيها إلى أميركيين مفجوعين نحمل ذات المشاعر والآلام، فما حدث في ذلك اليوم المأساوي لا يعنيهم وحسب، انه يعنينا جميعا، ومادام الأمر كذلك لابد أن نجعل من تلك المناسبة مناسبة لنا جميعا، نحتفل بها ونستذكرها في كل عام.
فهذه الحوادث المروعة لن تثنينا عن مواصلة سعينا لتمتين الرابطة البشرية، ولن توقف جهودنا في ترسيخ وتطوير قيمنا الإنسانية، بل على العكس لعلها ستكون دافعا لنا لمواجهة هذا التحدي النزق، والعمل على دحره بكل الوسائل المتاحة، فلا مكان للإرهابيين بيننا، ولا عودة لذلك الماضي الذي كنا فيه متعادين مختلفين، لان العودة إلى الماضي هو ضد سنة التاريخ، وتراجع عن مكتسبات حققها أجدادنا بشق الأنفس وبتضحيات جسام.
التعليقات