تنظر دمشق بشيء من القلق الى التصريحات الاخيرة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسجلة بداية مرحلة اخرى من توتر العلاقات بين البلدين الشقيقين العراق وسوريا.
لكن هل تدرك بغداد حقيقة جوهرية بان سوريا ليست من الدول الموقعة على معاهدة اللاجئين لعام 1951، ومع ذلكتعهدت بتوفير الحماية للعراقيين وضمان سلامتهم، فسوريا تعتبر الدولة العربية الوحيدة اذن في تعاملها الأخوي- الإنساني مع العراقيين.


والسؤال الذي يطرح نفسه بعد مرور كل هذه الاعوام لماذا لم تتم عودة الملايين من العراقيين؟

غير ازمة الثفة في العلاقة بين تلك الفئات والحكومة العراقية ماذا طرح نور ي المالكي من مشروع حول حل تلك القضية عندما اتى الى دمشق؟!

هل قال للعراقيين هاتو ايديكم معي وتحملوا مسؤوليتكم الوطنية بالمساعدة على الحل؟!

لماذا لم يصحح الصورة للاخرين بان الطائفة ليست هي الاساس في المواطنة وانما الانتماء للوطن هو الشرط الاول والاخير.

ان لهذا الحكم مشاكل كبيرة مع اجهزته؛ مع الجيش كمؤسسة تعتبره المتسبب في انشطارها على ذاتها وفقدانها لدورها الوطني و مع الوزارات التي تعتبر انها تفهت وقزمت وصارت مجرد دوائر ملحقة بديوان رئاسة الوزراء.

حتى مع مجلس النواب اياه يعاني الحكم ازمة في العلاقة تكاد تعطل التواصل الضروري وتلغي دور هذه المؤسسة الدستورية المهمة.

فماذا تستطيع دمشق ان تقدم لهذا الحكم من حلول؟ واين يتمركز بالضبط حقه عليها بالمطالبة والى اي مدى يمكنها ان تصل بالاستجابة؟

وحتى لو قبل الحكم في بغداد بالخيار العربي واراد تحمل مسؤولياته القومية ووافقت سوريا على المساعدة في حل القضية العراقية فيبقى ثمة فارق كبير وخطير بين المساعدة على القضية العراقية وحل مشكلة او مشاكل نوري المالكي مع العاصمة والمناطق والطوائف والاحزاب والقوى ومؤسسات الدولة جميعا.

واذا كانت دمشق معنية باساس الموضوع فلا نظنها تعتبر نفسها معنية بتفاصيلها المتشابكة والمعقدة والمتداخلة.

اساس الموضوع هوية العراق وبالتالي موقعه من وفي محيطه، ودوره في معارك امته وحقوقه عليها، ومن ثم صيغته السياسية الداخلية التي تحفظ له الهوية والموقع والدور والحقوق.


اما معارك الحكم ومشاكله وخلافاته مع الطوائف والمدن والجهات والقوى فلا شان لدمشق بها بقدر ما تؤثر على احتمالات الحل الذي قالت دمشق قول العراقيين فيه بانه لا يكون الا على قاعدة الوفاق السياسي.


ان دمشق على علم بان الحكم هو بعض مشاكل العراق ومصدر بعضها الاخر وان كان مفهوما انه ليس مسؤولا عنها جميعها بكل تفاصيلها وتعقيداتها وتشابكاتها منذ بداية الاحتلال وحتى اليوم.

ان واجب دمشق ينتهي عند ايصال العراقيين الى التفاهم على مبدأ الوفاق الوطني واسكات الاصوات المعادية اما بعد ذلك فهو بالمطلق مهمة العراقيين انفسهم.

الدكتور راوند رسول
[email protected]