تحت عنوان quot; الافلاس والفشل يلاحقان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب quot; نشرتْ أيلاف خبراً للسيد سعيد الجابر ذكرَ فيه ما حققته أجهزة الأمن السعودية من نجاح في حربها الخفية والمعلنة ضد القاعدة. وقد لفتَ نظري في الخبر بعض فقراته عن quot; عنجهية تنظيم quot;القاعدةquot; في جزيرة العرب التي أخذت تتخاذل محاولاتها التخريبيّة وتنتهي بالفشل quot; وأضافَ quot; في خضمّ الأعوام السبعة الماضية، حقّقت الأجهزة الأمنيّة السعوديّة نجاحًا في مكافحتها لتمويل quot;الإرهابquot;، إذ كشفتْ حركة الأموال التي تغذّي عمليات التنظيم quot;.


وكان تعليق أحد القراء على المقال نفسه quot; أن تنظيم القاعدة يعتبر الشكل الحديث للجريمة المنظمة، فعقيدة منتسبيها أصبح يتحكم فيها منطق تحويل أموال من العملة الصعبة من الخارج. فأقرب مثال للقاعدة هو المافيا التي عرفتها أوروبا في السبعينات من القرن الماضي وإيطاليا الألوية الحمراء بالذات. وقد تمكن الغرب من السيطرة عليها عبر التعاون المُحكم بين مختلف الأجهزة الأمنية وملاحقة المجرمين، وستكتشف الشعوب العربية والإسلامية أن من يدعي الجهاد ليس سوى لص حي أكتشف كيف يعتاش على مصدر رزق آخر يتفوق فيهquot;.


وماأرغب أضافته وبكل صريح العبارة هو أن التمويل المالي وسهولة تدفق العملة وتهريبها الى حركات أرهابية رغم الرقابة المصرفيّة على تحويل الأموال، هو فشل ولاأستطيع أن أتخيله نجاحاً بمفهوم العصر، وأننا كأفراد ومؤسسات ودول، فشلنا في فهم ألأرضية المُهيأة للأرهاب ونجاح اللعبة المُستمرة للصوص التحويلات المالية. فالأخفاقات تفوق الأنجازات، وما تخصصه جمعيات ومؤسسات خيرية مالية لجهات خيرية أخرى لأغراض التعليم والتثقيف والصحة والتدريب المهني وفتح دور الخدمات الأجتماعية والأنسانية، يتحول معظمه عن طريق قوى متخصصة في التحويلات المالية والمصرفية الألكترونية، الى عصابات تحمل نفس الأفكار والنزعات ألأصولية الشديدة التزمت، و تساهم مساهمة حقيقية في قتل الأبرياء كما يحدث في العراق يومياً. فلا يخفى أن ألأمدادات المالية والتسهيلات المصرفية في مصارف أسلامية توفر الفرص المناسبة لهذه العصابات المُجرمة وأنصار القاعدة وذيولها الممتدة من بلاد العرب الى أفغانستان وباكستان في الأستمرار بالأعمال التي لم يُقطع دابرها منذ سنين، الأمر الذي زاد من تعبأة الشباب المُغرر بهم وتمكينهم من ألأستمرار في أعمال أجرامية.


ليس جديداً أن يزاح الستار عن حركة طالبان الأفغانية كحركة تهريب للمخدرات وبيع الاسلحة، وليس جديداً أن يتعرف المسلم بأنها حركة خاوية من أية معالم دينية ذات توجه أسلامي أو أنساني، وليس جديداً أن تكون منظمات وهيئات أسلامية وعربية قد نبذتها ونددتْ بافعالها الشنيعة ضد الأسلام والمسلمين، وأنما الجديد هو التعاطف العلني والخفي مع رموز الشر في القاعدة التي تعيق على المسلمين تقدمهم الحضاري وتشق وحدة صفوفهم.


والنجاح الذي يحققه رموز القاعدة ممثلةً في بن لادن والظواهري و زمرهم المُرسلة تحت راية الجهاد، بدأ يشعرنا بأننا لابد وأن نكون شعوباً مُخدرة بمادة ما. وبفضل نجاحهم نرى أنشقاقاً في صفوف المسلمين وتلاشياً في قيم الأسلام وأيات القرآن الكريم لتصبح بفضلهم quot; وتفرقواquot; بدلاً من quot; وأعتصموا بحبل الله جميعاً quot;. وأكاد أكون متفقاً مع أنصار القاعدة وطالبان وتأخيهم المؤقت مع البعث العشائري، أن أفضل وسيلة لزعزعة نظام سياسي هو أطلاق قذائف الهاون وتفجير محطات الكهرباء وأسالة الماء النظيف الى بيوت الناس، لا ليتذمر العامة منهم، وأنما لينزلوا تذمرهم ولعناتهم على ولاة الأمر والمؤسسات البالية. كما أتفق بأن أفضل وسيلة للوصول الى سدة الحكم وتشكيل الأمارات الأسلامية الموعودة هو الأستمرار في الدعوات المبطّنة وتخدير العامة وترويعها والتحريض على تحليل سفك الدماء و قطع رؤوس الكفار.


لا أظن أن quot;الافلاس والفشل يلاحقان تنظيم القاعدة في جزيرة العربquot; مع أنه الرغبة الحقيقية لجموع العرب والمسلمين وطموحهم في مقاومة التطرف والأرهاب الديني. والدليل على أخفاقنا، نجاحهم من جديد في تأليب الطبقات الشعبية الفقيرة في أفغانستان و باكستان كجماعة quot;تحريك طالبانquot; الباكستانية ومدها بالمال والحشيش والسلاح للأطاحة بالنظام في باكستان.


ولا يوجد أي اعتبار سياسي أو أخلاقي يمكن أن يوصلنا الى الأستنتاج بأن أطلاق قذيفة هاون على مُجمع سكني وتفجير أماكن العبادة والأسواق العامة في العراق مثلاً، تعود أسبابها الى التذمر والنقمة لعدم وفاء الحكومة بربط شبكات الكهرباء ببيوت الناس ولايُعتبر أرهاباً تموله زمر الظلام لأغراض أخرى. أنه النجاح في خنق كل جهد وطني مخلص وأفشاله في أعادة الخدمات الأساسية للسكان، كأعادة تأهيل محطات توليد الطاقة الكهربائية هو مثل واحد على الأخفاق. أننا نعيش في عالم تسوده وثنية الفكر السياسي والتخويف الديني لأنتشار مصادره وهراء وكذب وشذوذ مروجيه الذين يمتلكون الواسطة والوسيلة والتقنية الحديثة للبث الأألكتروني من مواقع تدعي الأسلام وهي لا تمت الى الاسلام بصلة، أضافة الى حلقات تعليم الكراهية في جحور وكهوف القاعدة وطالبان.


أننا نعيش في عالم تهريب مقيت تُحوَلُ فيه أموال زكاة المسلم التقي الى زُمر تجارية بعمولة، تستخدمه في تشويه الاسلام في ربوعنا ونشر الإرهاب على أرضنا.


وتقع أجزاء كبيرة من المسؤولية في ذمة حكومات لاتحمل صدق محاربة التيارات المُخرِبة في بلدانها، وترضخ بأساليبها الأدارية لأجندات وبرامج عمل خارجية. ويستطيع الأنسان أن يكتشف ويرى همجيتها وتخبّطها في أيجاد عمل أستراتيجي موحَد الأسلوب والهدف لمنع حصول هذه الحركات على الأموال المُهربة التي تُجمع كتبرعات خيرية في مساجد بلاد المغرب العربي وأماكن العبادة في مشرقه تحت مرأى ومسمع من المسؤولين وأئمة الجوامع رغم التشديد الظاهري. أنها تُجمع وتُغذّي تنظيماتهم وتكتسب( التعاطف والتأييد الدعائي)، بأستغلالها لجهل الناس بمعتقدات أقرب ما تكون الى الوثنية الجاهلية منها الى الأسلام ومبادئه الخُلقية.


لقد جاء الأسلام ليُخرجَ الناس من الظلمات إلى النور، لا الى جحور التخلف والتخدير والتبخير والعودة إلى ظلمات العصر الجاهلي. والمجتمعات العربية والأسلامية تتجه إلى نور الله وهدايته وتتناقض في مضمون رسالتها مع ما تحمله زمر القاعدة و ملثمو طالبان ألأفغانية من رسالة شيطانية مخالفة لأبسط التعاليم السماوية.


لن يلاحق الفشل تنظيم القاعدة ولا تجار التهريب في حركة طالبان أِلا بالعمل المُحكم والنية الصادقة. وستكتشف الشعوب العربية والإسلامية أن من يدعي الجهاد لقتل الأبرياء ماهو أِلا لص حي أكتشفَ كيف يعتاش على مصدر رزق آخر يتفوق فيهquot;.


[email protected]

ملاحظة : لأسباب تتعلق بأصول النشر، يرجى عدم الأقتباس دون الرجوع الى الكاتب.