لاننا امة تخلفت بشكل جوهري عن دورها الاخلاقي والاجتماعي وحتى الديني بل وانحدرت الى الدرجات البعيدة دون أدنى منازع من بقية الامم لذلك تجدها تمجد نموذج العكيد ابو شهاب بطل مسلسل الرسائل المفخخة والمتخلفة quot; باب الحارة quot; خاصة في الجزئين الثالث والرابع حيث ارتدى المسلسل ثوب ساعي البريد لبعض الرسائل السياسية والاجتماعية البائسة والتي لاتحاكي واقع حال امة اضطربت وتخبطت الى حد أبتدأت افطارها لاول يوم من شهر رمضان على مائدة ملء اقداحها دماء اكثر من الف مواطن عراقي ذهبوا ضحية لارهاب أسس ونفذ ودعم باموال و بفتاوى تكفير عربية صريحة.

حقيقة العكيد ابو شهاب هو نموذج الحاكم العربي الذي يحرم من يشاء ويعطي من يشاء وايضا يعزل من يشاء وهو مصون وغير مسؤول وهو ولي الامر دون منازع وهو الخصم والحكم في أن واحد وهو نموذج الحاكم العربي الذي يتقزم جميع ابناء الحارة امامه دون أدنى اعتبارات انسانية او منطقية وهو الحاكم العربي الذي يتبعه ويدعمة نموذج وعاظ السلاطين من اصحاب الفتاوى الجاهزة حسب الطلب وهو الذي يحاصر أمراة معزولة ويمنع من التعامل معها او حتى مجرد بيع رغيف الخبز لها وهو الذي يعامل زوجته كجارية. وحقيقة الامر ان الكثير من ابناء امتنا هم العكيد ابو شهاب داخل حارتهم الصغيرة التي تسمى العائلة او داخل العشيرة الواحدة او ضمن حدود دوائر العمل او حتى المحيط الاجتماعي اذا وجد لذلك سبيلا، والمشكلة هنا هي نتاج ثقافي عربي متراكم الاخطاء ومستمر في البناء رغم اعوجاج هذا البناء وبروز نتائجه الكارثية التي تجاوزت حدود الامة الى كل الكرة الارضية وبشكل سلبي.

في العام الماضي وبعد نهاية شهر رمضان عرضت بعض القنوات الاوربية وحتى قناة السي ان ان مقاطع من اغلب المسلسلات البارزة التي عرضت في عالمنا العربي والمفارقة ان في كل مقطع يوجد ضرب لطفل او أمراة او قتال بالسيف او الخناجر او مشاهد للعنف او التحايل. وبطبيعة الحال لايخلوا مجتمع من هكذا وقائع مع الاخذ بنظر الاعتبار النسبة النادرة في المجتمع الغربي والنسبة العالية والمتصاعدة في مجتمعنا العربي والتي تؤهلنا للحصول على المركز الاول بين كل الامم دون منازع. لكن المصيبة التي عندنا تاتي من خلال تشريع وتجميل هذا السلوك الشاذ انسانيا من خلال المسلسلات وبذات الوقت ومع حرص البعض القليل على عرض وانتقاد هذا الواقع فان حتى هذه الاعمال والنوايا الحسنة النادرة لاترافقها حزمة حلول واقعية لمجتمع يعاني من تخلف وتراجع خطير لدوره الانساني والتاريخي. شيء جميل ان ترى وتتابع مسلسل ذو ابعاد اجتماعية او تاريخية او عاطفية او فنية او تراثية واقعية، وهذا قد ينطبق بعضه على الجزء الاول من حلقات باب الحارة نفسه، لكن ان تتحول المسلسلات الى صناديق بريد سياسي او تزيف تاريخي او ترويج الفاحشة والقتل او بناء تقاليد ديكتاتورية او تجميل واقع مشوه فهذه مساهمة غير محمودة في ترسيخ واقع اجتماعي وسياسي دموي. وقد يكون حصار حارة الضبع واستخدام العكيد الاخر للفتونة والزعرنة والبلطجة quot; ابو النار quot; لمجاري المياه لاجل المساعدة هو اشارة الى حرب وحصار غزة، لكن السؤال المنطقي هل كان الشعب العربي والحكومات العربية بهذا المستوى من المسؤولية مع غزة !؟ او انها نوع من النفخ الفارغ لامة تحمل كل علامات الهزيمة وفي كل مجالات الحياة !! لقد وصلت السذاجة عند بعض العرب ان يحارب حتى هذا الفن السوري بالمسلسلات التركية المارثونية من لميس الحب وحتى مسلسل الحنش الاسود مع العلم هذا المسلسل الاخير حمل الكثير من ترويج الرسائل التاريخية والسياسية التي تخلوا من حسن النية و تروج لتحريف بعض الحقائق فالامة الان بدات تتحارب بينها بالانابة على شاشات الفضائيات ايضا.

وحتى لايزعل البعض علي فاني اشارك ابناء امتنا العربية احزانها لغياب العكيد ابو شهاب عن الجزء الرابع واختفائه بهذا الشكل المستفز وكتضامن مع امتنا على السراء والضراء فقد فاق حزني على غياب العكيد حتى على حزني العميق وبكائي على الالف انسان من أهلي العراقيين الذين تم ذبحهم وفطرت الامة يومها الاول من شهر رمضان المبارك على quot; سفرة quot; استباحة دمائهم وحرماتهم وعلى وطئة جراحاتهم واوجاعهم دون أدنى اهتمام او حزن يذكر، لكن مايخفف عني هذا الوجع العربي المزمن والتاريخي اني قد اكون اعرف جيدا اين ذهب العكيد ابو شهاب، فلقد ترك الاحتلال الفرنسي لحارة الضبع وترك نساء وعرض وشرف الحارة تحت رحمة المحتل الفرنسي وذهب ليقاتل quot; الاحتلال quot; الامريكي في العراق من خلال تفجيرات بغداد الدموية الارهابية. واللعنة الف مرة والف مرة على أم تاكل من ثديها.


[email protected]