مع سباق الزمن العراقي المنهك و في الطريق للإنتخابات البرلمانية القادمة التي ستحدد مستقبل القوى السياسية العراقية الراهنة في أوائل العام القادم، تعمد جميع القوى المتنافسة و المتخالفة حتى الثمالة لفتح جميع الملفات دفعة واحدة و لإستحضار مسلسلات الفضائح إن وجدت في سبيل رفع الأسهم أو التقليل من مزايا الأطراف الأخرى.

و فضائح الأحزاب السياسية الطائفية المهيمنة على الحياة السياسية في العراق منذ سقوط النظام العراقي السابق بالقوة الأمريكية قد بلغت في شهرتها و إنتشارها الآفاق لا بل أن بعضها قد غادر الضفة العراقية لينتشر في دول العالم، فبعيدا عن ساحة التصفيات الدموية الساخنة بين القوى الطائفية العراقية المتنافسة و التي بات الشعب العراقي بأسره يدفع أثمانها كما حصل في المحرقة البغدادية الأخيرة ليوم الأربعاء الدامي و مواقف سابقة أخرى، فإن فضائح فتح الملفات بين الأحزاب العراقية قد وصلت أصداؤها لأقصى شمال العالم، و تحديدا صوب مملكة الدانمارك التي كانت و لا زالت قبلة للاجئين العراقيين و ضمت كشقيقاتها في السويد و النرويج أعداد كبيرة جدا من اللاجئين العراقيين وصل بعضهم للقفز على قمة السلطة في العراق بعد الإحتلال الأمريكي و التي كانت الدانمارك أيضا أحد أطراف قوات التحالف الدولي التي غزت العراق و أسقطت نظام صدام حسين!!

إلى هنا و المسألة طبيعية، و لكن ما هو غير طبيعي أن تثار و من على صفحات الصحف الدانماركية فضيحة جديدة تتعلق بأحد أعضاء البرلمان العراقيمن المعميينو احد رموز حزب السلطة في بغداد وحيث فتحت صحيفة ( إكسترا بلادت ) الدانماركية ملف مهم و لكنه صامت و يتعلق بالأحوال المادية للاجئين العراقيين السابقين الذين تحولوا لقادة و زعماء في النظام العراقي الجديد الذي أقامته قوات التحالف و ستكون المسألة عادية للغاية و لا تثير الريبة لو أن أولئك اللاجئون الذين أصبحوا قادة و زعماء قد عادوا لأوطانهم بعد أن أنتهت مبررات منحهم للجوء السياسي و ما تبعه من إمتيازات وهي قضية حدثت مع العديد من الزعماء السياسيين المنفيين الذين عادوا لقيادة شعوبهم بعد فترات النفي أو المطاردة !

ولكن في المسألة العراقية كل شيء مختلف و يمر بأطوار مضحكة بل سوريالية في سخفها و تهافتها، فمن عاد إلى العراق من لاجئي الماضي عادوا جميعا و هم يحملون جنسيات تلك البلدان بالإضافة لحصولهم على التقاعد المبكر و لسبب مثير للسخرية وهو سبب صحي بحت يتعلق بحالتهم النفسية و السلوكية و السايكولوجية!!

أي أنهم متقاعدون لأسباب صحية ناتجة عن أمراض نفسية تعيقهم عن إداء أي عمل ليتمتعوا بالتقاعد المريح و برواتب مجزية و برعاية صحية و سكنية إستمرت حتى بعد عودتهم للعراق و تسلمهم لمناصب مهمة في إدارة الدولة العراقية و مؤسساتها السياسية و الإدارية رغم كونهم و بشهادة طبية موثقة مرضى نفسانيون و القوانين المعمول بها في البلدان الأوروبية تمنع عليهم العمل إلا وفق ضوابط و شروط معينة، و قد فتحت الصحيفة الدانماركية هذا الملف الذي سحب فضائحا أخرى، حيث ذكرت الصحيفة بأن هنالك عدد من اللاجئين الأكراد أصبحوا نوابا في برلمان كردستان وهم متقاعدون في الدانمارك لأسباب صحية و نفسية!! و يتسلمون من حكوماتهم رواتب مجزية إضافة لراتب التقاعد الدانماركي!!

و من السياسيين العرب نشرت الجريدة إسم وصورة المعمم العراقي و ذكرت أنه يتقاضى رواتبا سنوية من البرلمان العراقي تجاوزت النصف مليون كرونه دون أن يدفع عنها ضريبة الدخل في بلده ( الدانمارك ) ووصفته بكونه ( الإمام الذي يتحايل على إدارة الضرائب )!!

وهذه التهمة تعتبر في الدول الإسكندنافية من أبشع التهم التي تؤدي مباشرة إلى السجن و الغرامة و سوء المنقلب، و الطريف أن هنالك عدد آخر من السياسيين العراقيين كان لاجئا في بريطانيا وهو متقاعد لأسباب صحية أيضا !!!، المهم أن من أعطاهم الغرب صفة المرضى النفسيين و وفر لهم التقاعد المريح على هذا الأساس قد تحولوا لقادة يقررون مستقبل الديمقراطية في العراق الجديد!! وهي مهزلة وفقا لكل المقاييس، و يبدو أن فضائح الطائفيين ستستمر في وتيرة حسابية متوالية حتى يقرر الله أمرا كان مفعولا؟.

[email protected]