رغم انها سارت لفترة ليست قصيرة بساق مقطوعة نتيجة الانسحابات المتكررة من هذا الطرف او ذاك ورغم ان طريقة تشكيلها تأتّت وفقا لمبدأ الديمقراطية التوافقية الذي يفرض على رئيس الحكومة العديد من الوزراء والقيادات في مختلف مرافق الدولة وهذا ما جعل المالكي يدفع ضريبة ذلك في مناسبات كثيرة رغم جميع ذلك الا ان حكومة المالكي نجحت وبنسبة كبيرة في ارساء وضع امني شبه مستقر حتى لو تخللته في بعض الاحيان خروقات امنية على شاكلة يوم الاربعاء الاسود 19/8/2009 خصوصا وان الاختراق الامني كان في كثير من المناسبات نتيجة اخطاء لقرارات مجلس النواب تحملت وزرها الحكومة.. كمشروع قانون العفو العام الذي اطلق سراح المئات من المجرمين والذين عاد بعضهم الى ممارسة هواية الجريمة مرة اخرى كما هو الحال مثلا مع جريمة الاعتداء على الصاغة من ابناء الصابئة او الانتحاري الذي قام بتفجير شاحنة مفخخة امام وزارة المالية او ماشابه ذلك.

اضافة للوضع الامني المتردي جدا الذي ورثته حكومة المالكي فقد ورثت ايضا كما هائلا من الازمات السياسية التي تلقي بظلالها بقوة على الصعيد الامني خصوصا في المناطق المتنازع عليها والتي طالما كانت ولازالت مادة خلافية دسمة بين الاقليم والمركز مما جعلها مناطق رخوة لمن يتصيدون في المياه العكرة ويريدون استهداف المواطن العراقي.

اضف لذلك فانها اكثر الحكومات العراقية مشروعية كونها جاءت وفقا للمباديء الديمقراطية وعبر ممثلي الشعب وهذا يعتبر احد اهم عناصر القوة فيها كما انها مثلت جميع المكونات العراقية الرئيسية لا بل هي جاءت من رحم الديمقراطية التوافقية كحكومة للوحدة الوطنية.

لكن ابرز ما كانت ولازالت تعانيه هذه الحكومة انها تشكلت من مكونات سياسية تمارس دور الموالاة والمعارضة من ذات الموقع! وهذا ما جعلها تقف على ارضية هشة ناتجة عن العلاقة المتنافرة والمتوترة بين التكتلات التي افرزت هذه الحكومة ولهذا تراها تعاني ظاهرة الانسحاب او التهديد به لابسط الاسباب بين الحين والاخر.

كما ان مشكلة ازلية اخرى لازالت تؤاخذ على حكومة المالكي وهي ظاهرة الفساد الاداري المستشري في مختلف دوائرة الدولة العراقية والذي لم يجد قوة رادعة من قبل الجهاز التنفيذي من اجل الحد منه رغم وجود محاولات هنا وهناك ولكنها لا تمثل استراتيجية لمحاربة الفساد الاداري وهذا ربما ناتج عن نظرية التخادم السياسي الذي تجيد تطبيقها معضم الكتل السياسية من اجل تهدئة اللعب وعدم فتح الصراع على مصراعيه.
وبشكل عام يمكن القول: ان حكومة المالكي هي حكومة الاستقرار الامني النسبي الذي يمكن للعراقيين ان يتعايشوا معه خصوصا اذاما قورن بالوضع العراقي قبل ثلاث سنوات اما في بقية المجالات فانها لازالت ترواح مكانها للاسف الشديد.


كاتب عراقي
[email protected]