لاسباب انسانية افرجت السلطات الاسكتلندية يوم امس عن عبد الباسط المقرحى ضابط المخابرات الليبى الشهير المحكوم علية بالسجن المؤبد لضلوعة فى تفجير طائرة امريكية فوق مدينة quot; لوكبرىquot; فى عام 1988 والتسبب فى قتل جميع ركابها وعدد اخر من سكان المدينة التى سقط حطام الطائرة فوق روؤسهم وقد بلغ عدد الضحايا 270 فرد.
وبعد ساعات قليلة من الافراج عنة غادر المقرحى اسكتلندا على متن طائرة ليبية ارسلت خصيصا لنقلة الى ليبيا.. وفور وصول الطائرة الى مطار العاصمة الليبية كان المئات فى انتظارة حاملين الزهور والاعلام الليبية والهدايا وراحوا يغنون الاناشيد القومية والوطنية احتفالا بعودتة.. كما لو انة عاد الى بلادة متوجا بجائزة نوبل للسلام او انجز للبشرية ما لم ينجزة غيرة من البشر!!
وكان من الطبيعى ان يحتج اهالى الضحايا واسرهم ضد قرار اطلاق سراح المقرحى quot;لاسباب انسانيةquot; رغم ان الاطباء اكدوا انة فى طريقة الى الموت قريبا بسرطان البروستات ربما بعد ايام او اسابيع قليلة.. كما اعربت الادارة الامريكية عن خيبة املها فى الافراج عن المتهم المحكوم علية بالمؤبد وطلبت من السلطات الليبية وضعة تحت الاقامة الجبرية وعدم معاملتة كبطل قومى الا ان طلب الادارة الامريكية واحتجاجات الاهلى لم تجد اذان صاغية من الحكومة الليبية وقامت باستقبال قاتل ركاب الطائرة بطريقة استفزازية غير مراعية لمشاعر اسر واهالى الضحايا.. والادهى ان ابن الرئيس القذافى اسرع واطلق تصريحا عجيبا غريبا ادعى فية ان المقرحى برىء بدلا من شكر الحكومة الاسكتلندية التى اطلقت سراحى كنوع من الرحمة والشفقة لكى يمضى ايامة الاخيرة مع اولادة وزوجتة وبقية افراد اسرتة.
والسؤال هنا: اذا كان الرجل برىء من تهمة قتل 270 من ركاب الطائرة الامريكية وسكان مدينة لوكبرى الاسكتلندية فمن هو المجرم والقاتل الحقيقى؟؟ واذا كانت السلطات الليبية متاكدة تماما من براءتة فلماذا قبلت بدفع بلايين الدولارات تعويضا لاسر الضحايا؟؟
لقد كان من اللياقة والذوق والاصول الا تستقبل السلطات الليبية عبد الباسط المقرحى التى ثبتت ضدة تهمة قتل 270 نفس بشرية بدون ذنب بهذة الطريقة الاستفزازية لمشاعر اهالى واسر الضحايا.
اننى لا افهم كيف يتحول قاتل _ سواء بطريقة مباشرة او غيرمباشرة_ الى بطل قومى عند بعض العرب يستقبل استقبال الابطال او الملوك.. ولا اعرف ما الذى حققة المقرحى هو اومن كانوا وراءة بتفجيرالطائرة الامريكية المدنية فى عام 1988 فوق سماء مدينة لوكربى التى كانت تحمل مئات الاطفال والنساء وكبار السن باستثاء الخزى والعار وتخريب مصالح الشعب الليبى ومحاصرة بلدة وفرض عقوبات اقتصادية امتدت لسنوات عديدة؟؟
لقد خسرت ليبيا كثيرا بسبب جريمة تفجير الطائرة الامريكية وعودة المقرحى لايعنى انتصار ليبيا او برأتة هو او من كانوا وراءة ولكنة يعنى بكل تاكيد انتصار قيم العطف والانسانية والرحمة عند الشعوب وحكومات الغرب بدليل انهم سمحوا لة بالعودة الى بلدة لكى يمضى ايامة الاخيرة مع اسرتة قبل موتة رغم انة وغيرة لم يظهروا نفس الرحمة والانسانية تجاة ركاب الطائرة الابرياء!!!
على اى حال فليست هذة هى المرة الاولى ولا اعتقد انها سوف تكون الاخيرة التى نجد فيها القتلة والمجرمين من امثال محمد عطا اللة واسامة بن لادن والظواهرى والزرقاوى والمصراوى ونصر اللة وعشرات بل ومئات غيرهم يكرمون ويمجدون عند شعوب وحكومات بعض الدول العربية ويعاملون كما لو انهم ابطال قوميين عظماء حققوا لبلادهم والبشرية ما لم يحققة غيرهم عبر التاريخ..
دعونا نامل ونحلم بان نرى فى حياتنا اليوم الذى يعلم فية العرب والمسلمين ابناءهم واحفادهم ان الامم تبنى وتتقدم ويعلو شانها بالعلم والمعرفة والابتكار والعمل ووالتمسك بالقيم الانسانية والحرية والديمقراطية وقبول الاخر بغض النظر عن دينة او لونة.
اما هذا التهريج والعبث والتعطش المجنون لسفك الدماء الذى نراة يحدث يوميا فى العديد من الدول العربية والاسلامية فانة لن يقود فى نهاية المطاف الا الى مزيد من الخراب والتخلف والتراجع عن موكب الحضارة والبشرية والافلاس فى كل المجالات.
كما اننى امل ان يكون القرار الانسانى الذى اتخذتة المحكمة الاسكتلندية بالافراج الانسانى عن المقرحى يكون عبرة ودرس لجميع حكومات وانظمة وقضاة وشعوب العالم العربى والاسلامى.