على خلفية التدهور الامني الاخير الذي حدث في بغداد حدث ايضا شيء غير ملفت ومتكرر عادة من قبل السياسيين بشكل عام ومن قبل نواب البرلمان العراقي بشكل خاص، فلإن الكلام ليس عليه ضريبة ولإن السياسيين لا يتخوفون كثيرا من ردة فعل القضاء على خلفية توجيه اتهامات غير مصحوبة بالادلة لهذا الطرف او ذاك.. لذلك ولغيره شن النواب المتقاعسون كثيرا في اداء واجباتهم حملة شرسة جدا على الاجهزة الامنية وعلى غرفة عمليات بغداد بالذات واتهموهم بقائمة طويلة من الاتهامات وفقا لما يشتهيه المزاج بغظ النظرعن التقصير الحاصل من الاجهزة الامنية والذي اجمع عليه المتابعون للشأن الامني.
نواب البرلمان لم يتورعوا عن إلقاء اللوم فقط وفقط على عاتق الاجهزة الامنية وعلى عاتق الحكومة فيما اخرجوا انفسهم من نطاق ايّّة مسؤولية بكل سهولة.
فهل نسي او تناسى السياسيون انهم اصحاب مشروع العفو العام الذي رفع القيود عن آلاف المجرمين والذين قدمت الاجهزة الامنية مئات الشهداء من اجل القاء القبض عليهم؟!
هل نسيت او تناست كتل البرلمان انهى مارست ضغوط كبيرة من اجل دمج الجماعات المسلحة والمليشيات ورجال الصحوات في مختلف اصناف الاجهزة الامنية وان العديد من تلك العناصر عليها علامات استفهام؟!
هل تناسى السياسيون انهم طالبوا بشدة من اجل اعادة العديد من عناصر الاجهزة الامنية السابقة الذين يعرف القاصي والداني ملابسات الظروف المشبوهة التي تحيط بهم وكذلك اعادة اغلب الضباط البعثيين الى مناصب حساسة جدا في الدولة؟!
هل يستطيع رجل الامن اخضاع المواكب الكبيرة جدا للمسؤولين الكبار في الدولة ولاعضاء مجلس النواب الى الاجراءات الامنية المعتادة؟! بل هل يستطيع رجال الامن تفتيش الحمايات ممن يسيرون في المركبات ذات الدفع الرباعي؟
هل نسى هؤلاء ان من اوصل المواد المتفجرة الى مجلس النواب هو زميل مقرب لهم حتى هذه اللحظة وانه يوجد امثاله بكثرة في البرلمان العراقي يمكن ان يكرروا المأساة مرة اخرى؟
هل نسى السياسيون ان كفاءة المنظومة الامنية العراقية لازالت بمستوى ملاحقة ومحاربة ارهاب الجماعات المسلحة وليست قادرة على رصد او منع تحركات على مستوى دول وبلدان وهذا تحد كبير على المسؤولين العراقيين معالجته بشكل فوري.. وان اغلب ما حصل اخيرا من خروقات امنية في بغداد بالتحديد هو من هذا النوع الذي ربما سوف نشاهد على شاكلته مرة بل مرات اخرى لان آليات المعالجة تعتمد على اجراءات قانونية يجب ان يقرها البرلمان؟!
لقد نسي السياسيون كل ذلك وتربصوا شرّا بالحكومة وبالاجهزة الامنية، فهم يغوصون في سبات عميق من كثرة العطل والمقاطعات ومواسم الحج والزيارات ولا ينتفضون الا من اجل التنكيل بالاجهزة الامنية وتصفية الحسابات مع الحكومة!

كاتب عراقي
[email protected]