quot;نورشينquot;الإسم الكردي لبلدة كردية عريقة تابعة لولاية بدليس. في عام1972 تم تبديل الإسم الكردي الى آخر تركي بإسمquot;Guroymakquot;. عملية تبديل أسماء القرى والمدن الكردية في تركيا بدأت بشكل مكثف في بداية خمسينات القرن الماضي. بعد ذلك حصل التبديل على دفعات بعد كل إنقلاب على التوالي: 1980،1972،1960.

قبل مايقارب من شهر قام رئيس الجمهورية السيد عبدالله غول بزيارة الى ولاية بدليس ماراً ببلدة نورشين. أستقبل السيد غول من قبل أهالي هذه البلدة إستقبالاً حاراً نظراً لجهوده وقيادته للحملة السلمية لحل القضية الكردية في الفترة الاخيرة. عند دخول موكب الرئيس البلدة إستقبله الآلاف بصيحات quot;نورشين تفتخر بك....نورشين تفتخر....الخquot; مرددين الإسم الكردي للمدينة.

من الأمور البديهية في المناطق المأهولة بالكرد أن ساكنيها لايستعملون الأسماء التركية quot;المخترعةquot; بالرغم من مرور عشرات السنين على عملية التبديل، اللهم في المعاملات الرسمية الإجبارية في دوائر الدولة. ونفس الحالة موجودة في المناطق الكردية في سوريا أيضاً.

في خطابه الى الجمهور في مدينة بدليس قال السيد غول: أنا قادم الآن من quot;نورشينquot;.....أي إستعمل الإسم الكردي الأصيل مهملاً الإسم التركي quot;المخترعquot;. في اليوم التالي تحركت قوى الشر والظلام وألقت بنيران أحقادها على الرئيس......quot;من أين هذه الجرأة...إنه يلفظ الإسم الغريب والأجنبي....quot;. ولا داعي للإستمرار في الدخول الى تفاصيل بقية الحملة المسعورة للعنصريين. في الواقع قوى الخيروالسلام كانت أقوى في الرد.

على رأس الذين لم يستطيعوا هضم ذكراسم quot;نورشينquot; كان السيد دولت بخجلي رئيس الحزب العنصريquot;MHPquot; والذي جن جنونه. السيد بخجلي كان في طريقه الى إستانبول بالسيارة، وعند مشارف المدينة شاهد لوحة ــ تلك اللوحة العادية الموجودة أمام كل مدينة ــ quot;استانبولquot; وإلتفت قائلاً: هل يعقل أن نبدل هذه اللوحة الى quot;كونستانتينوبوليسquot; أي القسطنطينية quot; konstantinopolisquot; بدلاً من إستانبول؟، ظناً منه أن استانبول هي تركية الأصل.

المثير للسخرية هو أن السيد بخجلي لم يكن يعلم أن إسم إستانبول هو اسم يوناني قح وتاريخياً هو أقدم من إسمquot; القسطنطينية quot;اليونانية أيضاً. كل الكلمات المشتقة من اليونانية وتنتهي بـquot;بولquot; تعني المدينة ومشتقاتها.... وفي النهاية تبدلت هذهquot;بولquot; الى بوليسquot;Polisquot;وأصبحت عالمية كما هو معروف اليوم.

المصدر الأصلي لإسم استانبول هو في الواقع يوناني أصيل وهو ستامبولquot;Stampolquot; أي بمعنى من المدينة أو يعود للمدينة {الكاتب ممتاز توركأونة ــ جريدة زمان التركية}. إلا أن الأرمن لفظوها بلكنتهم الخاصة فيما بعد وأصبحت إسدامبول quot;Esdambolquot; وعند الأتراك تحولت الى إستانبول وبقيت هكذا حتى يومنا هذا.

تصوروا الآن السيد بخجلي الذي يعتبرالشعبين اليوناني والأرمني من ألد أعدائه، يستعمل الإسم اليوناني ولكن باللكنة الأرمنية أي quot;إستانبولquot;وهو يعتقد جازماً أنها تركية.

الحقيقة أن معظم المدن الواقعة في مناطق غرب تركيا {المأهولة بالاتراك اليوم} تحمل الأسماء اليونانية مثل quot;مارماريسquot; وquot;أنتالياquot; وquot;إزميرquot;وquot;قيصريةquot;{من كلمة قيصر} وهكذا.....والسبب في ذلك هو أن تاريخ وجود الاتراك في المنطقة لايتجاوز الألف عام، بينما الأسماء تعود الى الشعوب الأصلية التي كانت تقطن تلك الجغرافيا الى عدة آلاف من السنين، قبل هجرة الاتراك إليها قادمين من أواسط آسيا.

هذه الأسماء التي كانت على لسان تلك الشعوب ولآلاف السنين تعرضت الى التبديل بين ليلة وضحاها على أيدي الأغبياء والعنصريين بشكل بدائي وهمجي. لا يعلم هؤلاء الجهلاء أن هذا التصرف إنما هو إلغاء وتشويه للتاريخ والتراث والثقافة.....هذا هو سماكة المخ العنصري الإسمنتي.

كاتب هذه السطور ينتمي الى بلدة تربسبي quot;Terbespiquot; السورية والعائدة لمنطقة القامشلي. تم تبديل إسم هذه البلدة أولاً الى quot;قبورالبيضquot; أي ترٌجمت حرفياً من الكردية إلى العربية، ومن ثم بٌدلت مرة أخرى الى quot;قحطانيةquot; تيمناً بالجد الأول للبعثيين. اسرائيل أيضاً تعلمت هذا الدهاء وإستولت على براءة الإختراع السورية وبدأت بتغيير الأسماء الفلسطينية. ما هو رد دهاقنة العروبة في دمشق في أمر إستيلاء العدو على إختراعهم؟. وغالبية هؤلاء لا يعلمون أن الكثير من أسماء المدن والقرى في سوريا ليست عربية أيضاً على غرار ما وجدناه في المثال التركي.

الأسماء غير العربية في سوريا وغير التركية في تركيا لا تبدل في المناطق التي يقطنها العرب والاتراك وإنما هي خاصة بمناطق الكرد.....الخوف لا يفيد في إطالة الأعمار.......

الاتراك باتوا يستوعبون المشكلة وهم الآن بصدد إعادة جميع الأسماء الكردية الأصلية الى سابق عهدها كاملةً غير منقوصة. ولكن يبدو أن حكام سوريا لايزالون ينبشون في القواميس لإستكشاف المزيد من الأسماء العربية للإستمرار في تبديل الأسماء الكردية وتغييرها. الآخرون يخترعون الصواريخ والطائرات والكومبيوتر...الخ.....بينما quot;سوريا الحديثةquot; لازالت تخترع الأسماء القومية......ويستغربون: لماذا نحن متأخرون؟.

وحتى في هذا الشأن يظهرغباءهم جلياً....

إسرائيل سهلت عليهم الأمر وهم لا يدرون......فكل إسم عربي تغيره اسرائيل الى إسم عبري، والإسم العربي الضحية في اسرائيل بإمكان البعثيين نقله مباشرة الى المنطقة الكردية في سوريا......تعاون مثمر حقاً....

[email protected]