quot; لو لم يكن في العراق ما يخشاه الأعداء لما حصل هذا quot;.. هذا ما قاله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عند زيارته للمناطق المتضررة من هجمات الأربعاء الدامية التي أوقعت المئات من القتلى والجرحى..
فهل هناك فعلا ما يخشاه الأعداء في العراق؟.
نعم هناك ما يرتعب منه أعداء العراق وليس فقط ما يخشونه، خصوصا وأنهم ليسوا ببعيدين عنه، بل يعيشون الى جواره. فكل المظالم والجرائم البشعة التي ترتكب في العراق يقف ورائها دولة من دول الجوارلغايات معروفة سلفا وهي إعاقة تقدم العراق وبناء أسس دولته الديمقراطية، خصوصا تلك الدول الحانية لـquot; الأمجاد quot; التي تركها البعث في العراق،والتي ما زالت آثارها شاخصة في المقابر الجماعية وجرائم الإبادة البشرية وإحتلال دول الجوار..
فهناك عملية ديمقراطية حقيقية غير مسبوقة لم تشهدها المنطقة برمتها منذ تحررها من الإستعمار في القرن الماضي.
وهناك عملية بناء لدولة دستورية حديثة على أنقاض أسوأ دكتاتورية شهدتها الكرة الأرضية منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية والقضاء على النازية والفاشية في أوروبا.
وهناك تصميم وإرادة وطنية بالتخلص من تبعات نظام الحزب القائد والدكتاتور الأوحد،و تبديله بنظام برلماني ديمقراطي عبر إنتخابات حرة وشريفة بعيدة عن الصيغ المعهودة في دول الجوار التي نادرا ما تلجأ الى صناديق الإقتراع للحصول على شرعية قيادة الدولة.
نعم ما يحصل في العراق يرعب دول الجوار ذات اللون الواحد والحزب الواحد والطائفة الواحدة، ففي ظل النظام الديمقراطي الجديد أصبح من المعتاد أن يكون هناك رئيس جمهورية سابق غير مقتول أو معدوم في العراق، وأن ينزل رئيس وزراء من موقعه بإرادة الجماهير، ويصبح إما وزيرا عاديا في الحكومة، أو مجرد نائبا في البرلمان.
لعل هذا التغيير المريع الذي يهز أركان دول الجوار يدفع بمن لا يعجبه الوضع الجديد أن يقتل تجربة العراق ولا يبالي بإراقة أنهار من الدماء كل يوم بإرسال المفخخات وتصدير الإرهابيين والإنتحاريين الذين يحبون الموت من أجل لا شيء؟؟!!..
من كان يجرؤ من دول الجوار المرعوبة كالجرذان في السابق أن يقترب من مخفر عراقي في زمن صدام الذي أشعل حربا ضروسا لثمان سنوات لمجرد إتهام إيران بمحاولة إغتيال نائب رئيس الوزراء العراقي في الجامعة المستنصرية؟؟!!.
من كان يجرؤ على مس شعرة من رأس عراقي عندما كان الدكتاتور الأرعن يذيق قادة الجوار عذاب الخوف والرعب من ترسانته العسكرية، ولا يرف له جفن في إحتلال دولة بكاملها وإبتلاعها ومحوها على الخارطة الجغرافية؟؟!!.
فإلى أي دكتاتور أرعن أو من على شاكلته يحن قادة الجوار حتى يريقوا يوميا كل هذه الدماء من أجساد العراقيين من خلال إغراق بلدهم بفلول البعث المنهار وإنتحاريي تنظيم القاعدة وتقديم كامل التسهيلات للإرهاب الأسود القادم من أقاصي الأرض لضرب وإيذاء العراق وشعبه؟؟!!.
الى متى يسكت قادة العراق على هذا الظلم المكرر كل يوم وكل ساعة، في وقت لا تهتز ضمائر قادة الجوار من رؤية شلال الدم العراقي؟ والى متى يستمر قادة العراق بمجاملة دول الجوار على حساب صيحات الأمهات وعذابات الثكالى ونحيب اليتامى؟؟!!.
لقد كتبت قبل أربع سنوات حول الدور التخريبي لدول الجوار بتصدير الإرهاب الى العراق، وشخصت الدول التي تقوم بابشع دور في هذا المجال، وهي سوريا وإيران حتى قبل أن يصرح قادة العراق بهذا الدور،ويعترفوا بخجل بدعم هاتين الدولتين للإرهاب الوافد كالريح السموم الى العراق..
ليس هناك صبي من رعاة الإغنام في الجنوب، ولا رديفه في جبال كردستان من لا يعرف الدور السوري في تصدير الإرهاب الى العراق عبر إيوائها للعشرات من قادة البعث المنهار، وهم من يخططون ويمولون معظم عمليات الإرهاب الدامي داخل العراق، فلماذا يتوسل السيد المالكي الى قادة هذه الدولة لتسليمه قيادات الإرهاب، ولا يلجأ الى المنظمات والقنوات الدولية المسؤولة بطلب إسترداد هؤلاء المجرمين، خصوصا وأنه كما ذكر في تصريحاته الأخيرةquot; أن المجرمين المقبوض عليهم أدلوا بشهادات تؤكد ضلوع قادة ذلك الحزب الإرهابي في عمليات الإجرام الأخيرةquot;. ولعل أسماء هؤلاء المجرمين موجودة لدى قادة سوريا كما لدى الحكومة العراقية؟؟!!.
لقد قالها المالكي بصريح العبارةquot;لقد كشفت إعترافات الذين قاموا بهذا العمل الإرهابي، إن هذه العملية ليست من نتاجات محلية، إنما قامت بها دول، وأتساءل هل الذي جرى هو من لائحة العمل المعارض، وهل ان ضرب وزارة الخارجية ومجمع الصالحية السكني من المقاومة، بالتأكيد الإجابة كلا، لأننا نعرف ان من قام بذلك وهو حزب البعث المعروف بجرائمه البشعة عبر التاريخ، فهو صاحب الإعدامات والجرائم الكبرى والمقابر الجماعية، وان تنظيم القاعدة شاركه بالجريمة، وعتبنا ليس على هؤلاء المجرمين، وإنما على من إستغل هذه الجريمة وجعلها فرصة لتصفية الحساباتquot;.
ويتابع القول quot;على دول الجوار أن يراعوا حسن الجوار، فليس من الصعب علينا أن نقوم بمثل ما فعلوه، ولكن يمنعنا عن ذلك قيمنا وحرصنا ورغبتنا لأن نصل مع هذه الدولة إلى إتفاق للتخلص من هؤلاء الذين يأوونهم وقد وجهنا نداءات متعددة في هذا الإطارquot;.
إذن ماذا ينتظر المالكي بعد أن وجه كل تلك النداءات الى دول الجوار؟..
وما نفع القيم والحرص والرغبة بالوصول الى تفاهم مع من لا يريد التفاهم مع العراق وكل يوم تراق المزيد من الدماء؟!.
وما الذي يمنع المالكي من أن يأمر بفعل ما يفعله هؤلاء، فهل يريد أن يصبح شريكا لهم في جريمة الإبادة الشاملة للشعب العراقي بسكوته وحرصه ومراعاة قيمه؟؟!!.
إن العراق هو جزء من منظومة إقليمية، وأمن الإقليم مسؤولية تضامنية مشتركة بين جميع دول المنطقة، فما دامت دول الجوار لا تراعي أمن العراق، فما الذي يدفع بالسيد المالكي وهو رئيس وزراء العراق ومسؤول عن شعبه وأمنه وفقا للدستور أن يراعي أمن تلك الدول إلتزاما بقيمه وحرصه على أمن الآخرين بجواره؟؟!.
لماذا يحق لمواطن دول الجوار أن ينام آمنا مطمئنا، ولا يحق للعراقي إلا أن يمضي أيامه في المناحي والمآتم، وينام على صوت المفخخات والمتفجرات وعلى فقد عزيز له، أخ أو أب أو إبن أو قريب؟!.
لماذا يجاهد السيد المالكي بضرب وطرد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في الوقت التي يعترف فيه جميع ساسة العراق بالدور التخريبي الإيراني في العراق، ولعل المالكي بذاته يعرف أكثر من غيره تفاصيل ذلك الدور الإيراني في العراق!!
لماذا يسكت السيد المالكي عن إيواء سوريا لفلول البعث المنهار، ولا يرد بإستدعاء معارضي سوريا الى العراق ليضرب ضربة بضربة والباديء هو الأظلم.
فما دام العراق حسب قول السيد المالكي quot; في حرب مفتوحة يقف إلى جانبها - للأسف الشديد - دول الجوار ولذلك حصل ما جرى وهم يريدون المزيدquot; فما الذي يمنعه من أن يرد الصاع صاعين دفاعا عن النفس وليس إعتداءا على الغير؟!
إن المجاملات وإخفاء الحقائق المروعة عن الدور التخريبي لدول الجوار لم تنفع في حماية أمن وإستقرار العراق الذي أصبح مصيره على كف عفريت، وقد آن الأوان لمكاشفة العالم بهذا الدور التخريبي، والتحرك دوليا لملاحقة فلول البعث المنهار في أي مكان كان عبر القنوات الرسمية بالوثائق والمستندات الجرمية لوقف هذا النزيف اليومي لدماء العراقيين الأبرياء، وكفى الله المؤمنين شر قتال...
التعليقات