لا شك ان التغيير الذي طرأ على المشهد السياسي في اقليم كردستان وظهور اول جيل من التكنوقراط بقيادة الدكتور برهم صالح هي احدى الظواهر الايجابية التي افرزتها انتخابات اقليم كردستان. وبالرغم ان العملية الانتخابية الاخيرة اتسمت بالفوضى والاضطراب في بعض مناطق الاقليم الا ان نتائجها كانت مرضية لانها كانت وليدة ظروف سياسية معقدة مر بها الاقليم في الاعوام الخمس الاخيرة.

فاقليم كردستان يواجه بعد كل هذه التطورات تحدي اكمال بناء حكومة مؤسسات فدرالية قوية تستطيع ان تقوي روح الانتماء للوطن ويرسخ مفهوم خدمة المصلحة العامة.فهذا المبدأ يرسخ سيادة القانون لا سيادة افراد في الحكم، فالساحة السياسية الكردية الحالية يجب ان تبتعد عن النظرة المصلحية والمزدوجة وعليها ان تطبق مفهومي الوطنية والتكنوقراطية.

ان تكليف رئاسة اقليم كردستان من نائب رئيس الوزراء العراقي المستقيل الدكتور برهم صالح بتشكيل الحكومة الجديدة و قيادة هذا المشروع الوطني قد يكون مهمة صعبة وتحتاج الى جهود كبيرة لانتشال هذه الجماهيير من الاوضاع السلبية وعلى المستويات كافة.

هذا المشروع بحاجة الى ادوات ومستلزمات ضرورية لانجاحه على الجانبين الكردي والعراقي. واهمها الحاجة الى التنسيق مع حكومة اتحادية قوية ومتماسكة في بغداد. وايضا ان تتقبل الاطراف الرئيسية في الاقليم شروط العملية الانتخابية بوصفها منافسة اجتماعية سليمة تقوم على التوافق والتراضي بين السلطة والمعارضة، وتؤدي بالاخير الى تشكيل حكومة وطنية تضم جميع الاطراف لادارة المرحلة القادمة. والاتفاق على مبدا الشراكة السياسية في الحكم من اجل طمأنة الجميع لدورهم في اعادة انتاج السلطة السياسية في كردستان.

ان الطريق الحقيقي لبناء مجتمع مدني وفاعل في اقليم كردستان هو تقوية المجتمع والبدء في البناء من القاعدة، وتطوير المؤسسات والمنظمات غير الحكومية وتعزيز دورها في بناء المجتمع السليم، شريطة ان تكون اداء هذه المؤسسات وجميع اشكال المجتمع المدني احترافية لا فئوية( عرقية،عشائرية، مناطقية، حزبية ) تكنوقراطية في طبيعتها مرتبطة بمعايير المواطنة والمصلحة العامة. فنمو هذه العملية الديمقراطية ستؤدي الى بناء الهياكل المؤسسية الرسمية.وستخلق الشروط الموضوعية الملائمة لنمو هذه الهياكل عبر عملية محكمة، تستوعب روح العصر في احتواء الاختلاف و التماييز في الافكار والسياسات.وستحقق بالاخير النشاط السياسي والاجتماعي المطلوب لكل المؤسسات.

في الختام اود ان اشير بان ظاهرة نائب رئيس الوزراء العراقي المستقيل الدكتور برهم صالح التي برزت بقوة في الانتخابات الكردية الاخيرة( صاحب مشورع تحديث اقليم كردستان لبراليا واكمال اعادة اعماره) سيفعل الدور المهم والحيوي لاقليم كردستان في قلب العراق. وخاصة ان دكتور برهم صالح يتمتع بعلاقات مميزة مع بغداد و يحظى بدعم دولي و عربي واسع.


وسيفرض بالتاكيد على الاخرين وبالتحديد على قوى المعارضة ان تطور لغتها ومناهجها بحيث تقترب من اصول اللعبة الديمقراطية. حتى يتلاقى الجميع على استنباط حل وطني يحقق عدالة في الحقوق والواجبات بين المواطنين كافة، ويرسخ مفهوم الخدمة العامة مع الاخذ بنظر الاعتبار تعدد الانتماء السياسي لجميع المواطنين في الاقليم.

الدكتور راوند رسول
[email protected]