كتبت كثيرا مدافعا عن وحدة الصف الاخواني، وآخر ما كتبته كان عن تلك الاقلام التي تقتات على أزمات الاخوان.الا ان ذلك لم يشفع لي على ما يبدو لدى كثيرين ممن يرون انني انضويت من حيث لا اعلم في حملة مشبوهة ضد الجماعة،فكان ردي انهم لا يجيدون القراءة ما بين السطور، فقد قيل قديما quot; من مأمنه يؤتى الحذرquot;.

ثمة معضلة حقيقية في الداخل الاخواني تكون في كل مرة السبب الحقيقي لازمات الاخوان المتلاحقة لكن لا احد يريد الاعتراف بها، فيما يمارس البعض لعبة اطلاق الاتهامات الجاهزة والمعلبة.


لا انكر ان ثمة من يتربص بالاخوان ويتصيد لهم، لكنني في المقابل اعتقد جازما ان عدو الاخوان الحقيقي هو داخل الجماعة نفسها وبين افرادها، انهم اولائك الذين يسارعون الى نشر اسرارها واخبارها ساخنة بعد كل اجتماع تحت مسمى quot; التسريباتquot;.


هذه التسريبات تأخذ منحى غير صحي ومؤذ للجماعة وتحمل في الغالب طابعا شخصيا هدفه الاساءة والانتقام من الخصوم داخل التيارات الاخوانية المتصارعة.
المشكلة ان من يسرب هم من القيادات الاخوانية العليا، والمعضلة ان هؤلاء معروفون لدى اصغر فرد في الجماعة، لكن احدا لا يجرؤ على المطالبة بمحاسبتهم.
الاختلاف حق، والخلاف لا يفسد للود قضية، شعار يرفعهquot; المسربونquot;، متناسين ان ثمة فارق كبير بين الخلاف والاختلاف، فالاول يحمل معنى الصراع والشجار والثاني يعني التباين والتنوع.


وما لا يعلمه كثيرون، ان الخلافات الداخلية الاخوانية احيانا تصل حدا من العصبية لا يمكن تخيله، الى درجة التراشق باكواب المياه والتنابز بالالقاب والصياح وتبادل الشتائم.
في ازمة الاخوان الاخيرة سربت مصادر وقيادات اخوانية ما من شأنه تفخيخ وتفجير الداخل الاخواني وتوتير الاجواء لفترة طويلة.


الازمة الاخيرة بالأصل قامت لأن تجاوزات quot; التسريباتquot; وصلت حدا لم تعد معه بعض قيادات الاخوان قادرة على الصمت اكثر من ذلك.
والحاصل، ان ثمة ضخ اعلامي وحركي غير مسبوق من قبل بعض التيارات الاخوانية التي تمتلك ناصية اعلامية تتيح لها الانتقاص من جانب تيارات اخرى مناوئة لها، مما يظهر بعض الاصطفافات الاخوانية الداخلية احيانا بشكل غير مفهوم، وغريب وبعيد عن بنية الحركة الاسلامية والنهج الاخواني.


منذ ان تفيأت ظلال الدعوة الاخوانية قبل نحو 10 سنوات وانا معتاد على ظاهرة التسريبات الاخوانية، في ذلك الوقت كان احدنا يضطر الى مطالعة صحيفة المجد الاسبوعية لمعرفة تفاصيل الداخل الاخواني.


وحتى عندما عملت في صحيفة الاخوان quot; السبيلquot; لخمس سنوات متتالية كنت لا ازال محافظا على اقتناء quot; المجدquot; لابقى مطلعا على خفايا الاخوان، لكن حتى اللحظة لا استطيع استيعاب وجهة نظر الزميل والصديق عاطف الجولاني رئيس تحرير السبيل الذي يصر على عدم نشر السبيل لغسيل الاخوان في صحيفتهم، حتى بعد ان تحولت الى يومية !
لا زلت مقتنعا ان اغلب الاخبار والتحليلات والتخرصات وحتى المسميات التي تتناول الشأن الاخواني مصدرها داخلي، وبخلاف اعتقادي هذا يؤمن quot; المسربونquot; انهم يخدمون جماعتهم فيما هم في حقيقة الأمر يطعنونها في مقتل !.


bull;كاتب وإعلامي أردني