صحيح ان اسامة بن لادن لم يقع في قبضة القوات الامريكية رغم مرور ثماني سنوات على هجمات 11 سبتمبر وربما يتمكن اتباعه من ضرب أهداف امريكية او غربية أخرى في المستقبل لكن من المؤكد أن تنظيم القاعدة لم يحقق أي من أهدافه!

فهجمات 11 سبتمبر التي وقعت في نيويورك وواشنطن والهجمات التي سبقتها في كينيا والتي تلتها في لندن ومدريد وبالي وغيرها كشفت أن النجاح الوحيد الذي حققته القاعدة هو القتل الجماعي دون تمييز.

بالتأكيد تصدرت عمليات القاعدة عناوين الصحف ووسائل الإعلام واستنفرت اجهزة المخابرات محليا وعالميا وشغلت اذهان صانعي السياسات في الغرب والشرق لكن عملياتها أثارت استنكارا واسعا لفظاعتها ودموية اساليبها.

والمؤكد ان القاعدة فشلت طوال السنوات الثمان الماضية في تحقيق استراتيجيتها الخاصة باطلاق ثورة اسلامية عالمية تنهي النفوذ الامريكي في العالم الاسلامي وتطيح بالنظم السياسية المتحالفة مع الغرب وتعيد الخلافة الاسلامية.

بل إن اسامة بن لادن الذي تخيل ان هجمات 11 سبتمبر سوف تضعه على رأس ثورة عالمية تجتاح العالم الاسلامي من ادناه الى اقصاه انتهى به المطاف هو وكبار معاونيه للاختباء في منطقة الحدود الافغانية الباكستانية.

أما تنظيم القاعدة فقد أصبح مطاردا من كل أجهزة المخابرات في العالم لدرجة أفقدته القدرة على الحركة وجعلت النشاط الوحيد لقادته الهاربين هو تسجيل وتهريب ومحاولة بث شرائط الفيديو التي تقول إن القاعدة مازالت موجودة!

كما ان الانظمة والحركات الاسلامية التي تشاطر القاعدة عدائها التقليدي لأمريكا وإسرائيل كايران وحماس والاخوان وحزب الله لم تشترك معها في استراتيجيتها الخاصة باعلان الجهاد العالمي اكتفاء باجندات محلية و اقليمية.

والاهم من ذلك من ذلك أن الرأي العام العربي والاسلامي فقد اي تعاطف له مع القاعدة والجماعات المنبثقة عنها لأنه لم يعد يتقبل فكرة القتل الجماعي دون تمييز مهما كان هدفها وأيا كان مرتكبها.

ومن الغريب ان عمليات القاعدة التي استهدفت حشد الرأي العام الاسلامي حققت نتائج عكسية لدرجة ان كثير من المسلمين مازالوا يعتقدون رغم مرور ثمان سنوات على هجمات 11 سبتمبر أنها من صنع المخابرات الامريكية والموساد!

ورغم اعتراف أسامة بن لادن بمسئوليته عن هجمات 11 سبتمبر إلا أن الكثيرين مازالوا يرفضون تصديق ذلك لرفضهم الربط بين الاسلام والقتل الجماعي دون تمييز.

بل ان غزو العراق في عهد ادارة الرئيس بوش والذي وسع دائرة العداء للولايات المتحدة في العالم الاسلامي لم تستفد منه القاعدة. بل على العكس فشلت كل محاولاتها في السيطرة على المقاومة العراقية بعد ان رفض المسلحون السُنة الذين يقاتلون الوجود الاجنبي في بلادهم أفكارها وأساليبها.

وفي كل الاحداث التي تلت هجمات 11 سبتمبر سواء في العراق او افغانستان أو لبنان أو غزة كان من الطبيعي ان تتسع دائرة العداء لأمريكا واسرائيل وكان مثيرا للدهشة أن القاعدة لم تستفد من ذلك و ظلت تنظيما هامشيا.

وحتى لو نجحت القاعدة في تنفيذ هجمات جديدة في المستقبل على غرار هجمات 11 سبتمبر فإن ذلك لن يكسبها تعاطف أحد ولن يساعدها على تحقيق هدفها في إطلاق ثورة اسلامية عالمية.

باختصار القاعدة فشلت لأن الضمير العربي والاسلامي لم يعد يتقبل فكرة القتل الجماعي دون تمييز!