لا أشعر بالمبالغة اذا قلت ان كل شيء متوقع في العراق ولم يعد هناك من تصرف او تصريح او سلوك ممكن ان يكون تحت طائلة quot; الصدمة او المفاجاءة quot;، فكل شيء دون استثناء اصبح قابل للقسمة وللمساومة التي تصل في بعض تفاصيلها الى حد التراشق العلني والرخيص. الخاسر الاكبر هو المواطن العراقي حتى اصبحت دماء وحرمات العراقيين الاكارم وقود اساسي ورئيسي لاستمرار هذه المعادلات السياسية البائسة التي تسود بين الواجهات السياسية في عراق اليوم، لذلك اعتقد ان من الانصاف والشفافية ان يطلق وبصوت عالي مصطلح quot; المعادلات الدموية quot; على مايجري في عراق اليوم.

وقد يكون التناطح العلني بين تصريحات وبيانات مجلس الرئاسة العراقي من جانب وبين رئيس الوزراء العراقي من جانب اخر وايضا بين اعضاء الكتل البرلمانية حول جريمة الاربعاء الدموي هي مثال ساطع على بناء فيه الكثير من الاخطاء الستراتجية الكبرى تم تشيده لعراق مابعد نيسان 2003. وتشكيلة مجلس الرئاسة هي في حقيقة الامر تشكيلة طائفية بامتياز لاتحاكي الواقع الديمقراطي والدستوري في البلد، فالواقع الديمقراطي لاينعكس بنتائجه على واقع هذا المجلس وايضا يسجل المجلس مخالفة دستورية كبرى لمجرد تحوله الى مجلس لان الدستور العراقي لاينص على هذه الفقرة اطلاقا بل يشير وبشكل صريح الى منصب quot; الرئيس quot;.

ومن هذا المنطلق يمكن تفهم ودراسة تحول هذا المجلس الى معوق حقيقي للكثير من القرارات البرلمانية والسيادية بل وحتى القضائية لذلك ترى ان مجرم ارهابي مثل الكمياوي مازال حتى يومنا يتمتع بحقوق غير دستورية وغير قانونية بسبب تعنت طارق الهاشمي احد اعضاء مجلس الرئاسة العراقي وعدم مصادقته على تنفيذ قرار القضاء العراقي، واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الهاشمي حصل على منصبه الخطير هذا من خلال فقط 40 مقعد لجبهة التوافق في حينها !! مع ملاحظة انه الان تم عزله حتى من اي منصب في الحزب الاسلامي الذي ينتمي اليه بسبب اعترافات الارهابي ابو عمر البغدادي الخطيرة حول ماقيل عن علاقة مع قيادة الحزب الاسلامي التي كان يقودها طارق حينها، ورغم كل هذا مازال في مكانه!! فتلك هي الكارثة نفسها.

ان ازهاق ارواح اكثر من 1000 مواطن عراقي في يوم الاربعاء الدموي بين شهيد وجريح يبدو غير كافية وغير مقنعة لحد الان لكي تتوحد مواقف الواجهات السياسية ضد مرتكبي هذه الجرائم الارهابية بحق أهل العراق. لذلك فان حتى الامل بحدوده الدنيا بمثل هكذا اشخاص يبدو في غير مكانه، وان هذه الخيبة تضيف اعباء وواجبات على العراقيين الاكارم قبل غيرهم وذلك من خلال الواقع الملح بترتيب بيتهم الداخلي قبل العبور بخطوات دولية وقضائية جديدة الى الخارج المتربص بهم، وهذا الترتيب يجب ان يكون عراقي شعبي اولا من خلال الانتخابات البرلمانية القادمة وتغير هذه الواجهات التي تتسوق وتسوق الدم العراقي دون أدنى خجل من ابناء العراق او مخافة من الله، وثم يجب ان تكون الصدمة بالخطوة الاخرى بان نتقدم كعراقيين بشكوى الى المحاكم العراقية ضد كل الواجهات السياسية التي جعلت من حرمات ودماء العراقيين بحار للخوض بها والوصول الى مناصبهم البرلمانية والرسمية وايضا لمغازلة وتنفيذ أجندة داعميهم من خارج الحدود. ان الدم العراقي يجب ان يستعيد حرمته المفقودة منذ عقود طويلة واذا كانت أراوح الاف شهيد وجريح في يوم الاربعاء الدموي لم تحرك ساكنا عند البعض فالافضل والاجدر ان نقدمهم الى المحاكم العراقية تحت طائلة quot; التقصير بحماية الدم العراقي quot; وبعدها نتفرغ الى المجرمين من خارج الحدود اما غير ذلك فهو مجرد دوران بحلقة فارغة.

محمد الوادي
[email protected]