كما كان متوقعا ارتفعت حدة التهديدات الامريكية لايران بعد رفضها بحث برنامجها السري للتسلح النووي خلال الجولة الجديدة من المحادثات التي تجريها مع الدول الست المعنية بملفها النووي في اوائل اكتوبر المقبل.

وقال الناطق باسم البيت الابيض روبرت جيبس ان الرفض الايراني يتعارض مع موقف الدول الست والذي يطالب طهران بمزيد من الشفافية وان تتخلى عن اي خطط لعسكرة برنامجها النووي.

وكان طبيعيا ان ترد ايران سريعا على هذه التهديدات حيث أكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان بلاده ليس لديها النية لوقف تخصيب اليورانيوم أو التفاوض حول حقوقها النووية لكنها راغبة في التوصل الى حل دبلوماسي للازمة.

وقال رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية على اكبر صالحي ان طهران مستعدة للاجابة عن كافة الاسئلة المتعلقة ببرنامجها النووي لكنها غير مستعدة للتنازل عن حقها في حيازة الطاقة النووية.

ويبدو أن المحادثات القادمة بين ايران والدول الست المعنية بملفها النووي (الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا وروسيا والصين) سوف تعقد دون اتفاق على جدول الاعمال مما يرجح انها ستكون نسخة طبق الاصل من المحادثات السابقة.

ومن الواضح ان ايران لم يكن امامها خيار غير الذهاب إلى المفاوضات بعد تحذير الرئيس الامريكي باراك اوباما لها باستئناف الحوار حول برنامجها النووي أو التعرض لمزيد من العقوبات.

وكان اوباما تحت ضغط من حلفائه الاوروبيين واسرائيل ونواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس قد حدد 15 سبتمبر الحالي موعدا نهائيا لايران للرد على العرض الغربي باستئناف المفوضات أو مواجهة ما يترتب على ذلك من نتائج.

وجاء الرد الايراني بالموافقة على استئناف الحوار متضمنا حزمة من المقترحات ليس من بينها تخصيب اليورانيوم مما اثار غضبا امريكيا وأوروبيا لكن منوشهر متكي وزير خارجية ايران لمح الى امكانية بحث الملف النووي الايراني اذا توافرت quot;الشروط المناسبةquot;!

ومع تأكيد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة ان ايران قادرة على انتاج سلاح نووي اذا ارادت ان ترفع درجة مخزونها الحالي من اليورانيوم المنخفض التخصيب قررت الدول الست المعنية بالملف النووي الدخول في مفاوضات جديدة مع ايران رغم عدم اتفاقها على موقف موحد.

فروسيا والصين تعارضان فرض عقوبات جديدة على ايران على اساس ان هذه العقوبات سوف تجعل التوصل الى حل دبلوماسي اكثر صعوبة، وحسب ماقاله فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا فانه من الافضل التوصل الى ضمانات مع الايرانيين للحيلولة دون عسكرة برنامجهم النووي بدلا من انكار حقهم في تخصيب اليورانيوم لأهداف سلمية.

لكن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وفرنسا يرون ان ايران الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي تخالف هذه المعاهدة بالقيام سرا بتطوير اسلحة نووية، فتجميع دورة الوقود النووي وتخصيب اليورانيوم سوف يمنح الايرانيين البنية الاساسية اللازمة لانتاج قنبلة نووية.

والسؤال المطروح: هل يمكن أن تسفر المحادثات المقبلة بين الجانبين عن حل دبلوماسي للأزمة خاصة بعد قبول الايرانيين لفكرة تعزيز مراقبة واشراف الوكالة الدولية للطاقة على برنامجهم النووي؟

بالتأكيد هذا وارد في حالة استعداد الغرب لتقديم تنازلات ورغبة الايرانيين في التوصل الى حل وسط وأن يتم ذلك كله في إطار المهلة النهائية غير الرسمية التي حددها الرئيس الامريكي باراك اوباما لإيران والتي تنتهي بحلول الخريف المقبل.

فالاسرائيليون يرون أن الوقت يمضي لصالح ايران ويهددون واشنطن بتوجيه ضربة عسكرية أحادية لمنشآت إيران النووية مالم يتم التوصل إلى حل سريع للأزمة في موعد غايته 31 ديسمبر المقبل.


لكن الايرانيين لا يبدون أي استعداد من جانبهم لقبول المقترحات الغربية بتجميد تخصيب اليورانيوم مقابل استيراد وقود نووي من الخارج والحصول على حوافز اقتصادية مؤكدين أن الحل الوحيد المتاح هو تعزيز نظام التفتيش الدولي وتقديم ضمانات بعدم عسكرة منشآتهم النووية مقابل تجميد العقوبات المفروضة عليهم.

ومن الواضح ان الرئيس أوباما لن يكون امامه خيارات كثيرة في المستقبل غير فرض عقوبات جديدة على ايران عبر الامم المتحدة او من جانب واحد مما يضع نهاية فورية للتوصل الى حل دبلوماسي.وهكذا تتزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لمنشآت ايران النووية بكل ما سيترتب عليها من نتائج.

ويبدو ان الانفجار قادم في المنطقة مالم يطرأ تطور ايجابي في آخر لحظة على الموقف الايراني