قبل عدة سنوات تم إفتتاح دورات لتعليم اللغة الكردية من قبل البعض من الكرد المخلصين في استانبول وآمد ومدن عديدة أخرى في المناطق الكردية والمدن التركية الكبيرة. في البداية كان الإقبال على تلك الدورات كبيراً ومثيراً للدهشة. ولكن بعد ثلاث أو أربع سنوات تلاشى ذلك الإندفاع وأضطرت معظم تلك المعاهد والأندية الى إغلاق أبوابها لعدم وجود العدد الكافي من الراغبين في الدراسة، وبالتالي حدوث صعوبات مادية، على الرغم من أن أكثر المدرسين لم يطلبوا رواتب أو أية حوافز مادية، بل الكثير منهم كان يدفع من جيبه ويتبرع من لقمة عيش أسرته بدافع الإخلاص لشعبه.

لماذا حدث ذلك؟

ان الهدف من كل تعليم ودراسة، سواء كان دراسة اللغة أو غيرها، هو الإستفادة مادياً أوثقافياً أومهنياً. كل هؤلاء حصلوا على وثيقة النجاح في تلك الدورات، ولكن ماذا بعد؟. لا شيء......مجرد ورقة عادية للزينة عٌلقت على حائط في البيت أو في المكتب........

في هذه الفترة التي تبدي الحكومة التركية نيتها في حل القضية الكردية وتكثرالآراء حول شروط حلها، يظهر أن الشرط الأساسي في الإتفاق لا بد أن يكون تعلم وتدريس اللغة الكردية. اللغة هذه يجب أن يكون تدريسها إلزامياً في جميع مدارس المنطقة الكردية الى جانب اللغة التركية.

إجادة اللغة الكردية في تلك المنطقة لا بد من أن يكون شرطاً أساسياً للقبول في الوظائف الحكومية والبلدية مثل المحاكم ودوائرالأمن والبوليس والصحة وجميع دوائرالبلدية والمجالات الأخرى الضرورية في المجتمع.

القصد من كل ذلك ليس الدافع العنصري، بل هو خدمة المجتمع للتعرف على تراثه وإحياء هذه اللغة التي هي لغة شعب تعداده أربعين مليون نسمة في الشرق الأوسط، تلك اللغة التي حوربت لأكثر من 80 عاماً دون أي وجه حق.

الهدف من كل ما ورد أعلاه هو أن يكون تعلم اللغة سبيلاً الى باب الرزق قبل كل شيء آخر، حتى يصبح حافزاً للجميع للإقبال على الدراسة والتعليم بها. والباب مفتوح لمن يريد الإستزادة في التعليم الأكاديمي في الجامعات لاحقاً.

إدا لم يتم تثبيت هذا الشرط في أية إتفاقية لحل القضية الكردية فإن اللغة الكردية مصيرها الفناء بعد سنوات معدودة، أي نفس مصير ومآل تلك الدورات المذكورة أعلاه، وسنجد أن الجميع يتكلمون التركية بعد عقد أوعقدين من الآن.
أي تهاون في هذا المجال، انما يعني تصفية للقضية الكردية ولكن علىquot; نارهاديةquot; وببرودة أعصاب، دون اي ضجيج يذكر....

د.بنكي حاجو
[email protected]