تظاهرات ضد الأسد قرب ادلب في 17 شباط (فبراير) |
يؤكد الناشط السياسي السوري عمر الأسعد أن الثورة في بلاده وفية لأهدافها المتمثلة بإسقاط نظام بشار الأسد. ويقر الأسعد أن الوضع في سوريا بات معقداً لكنه يستدرك قائلاً إن الشعب مؤمن أن كلمة الفصل في الصراع القائمة بينه وبين السلطة ستكون له.
صحافي وناشط سياسي سوري، بدأ نشاطه منذ بداية الأحداث في سوريا، وشارك في بناء التنسيقيات، وكان على تواصل مع الأرض ومع قنوات الإعلام، وكتب مقالات رأي تعبر عن هذا الحراك.
اعتقل عدة مرات، الأولى في الرابع من تموز واستمرت 14 يوماً، والثانية في الرابع من آب واستمرت أربعة أشهر، ووجهت له مجموعة من التهم منها إضعاف الشعور القومي، والنيل من هيبة الدولة، والتظاهر والتحريض على التظاهر، ونشر الأنباء الكاذبة التي من شأنها أن توهن نفسية الأمة، وإنشاء جمعية محظورة تهدف إلى تغيير كيان الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
عمر، أنت ناشط ميداني وإعلامي واكب الثورة منذ بدايتها وحاولت دعمها بشتى السبل، هللا تزال الثورة السورية وفية لمبادئها التي انطلقت لأجلها؟ وإلى أين يتجه مسارها؟
بالتأكيد الثورة السورية وفية لمبادئها، وأهم من هذا إنها وفية لأهدافها وهي الحرية وإسقاط نظام الاستبداد والفساد، الثورة السورية انطلقت سلمية من خلال تظاهرات حملت أغصان الزيتون في وجه البنادق والمدافع والدبابات، وكما ترى فإن النظام يدفع بأقصى طاقته نحو عسكرة هذه الثورة ليحرفها عن مسارها، لكنه فشل في جعل حالة العسكرة حالة شعبية وأهلية، واليوم من يحمل السلاح هم من الشرفاء الذين رفضوا إطلاق النار على شعبهم الأعزل فقرروا الانشقاق عن النظام، وحالة (العسكرة) هنا هي في موضع الدفاع عن النفس أمام همجية لم يعرف تاريخ المنطقة مثيلاً لها، أما إذا كنت تقصد في انحرافها عن مبادئها طلب بعض المعارضين للتدخل الخارجي، فيجب أن نعلم أن من يسعى اليوم إلى التدويل هو النظام أيضاً، فهو يرى أن تحويله سوريا إلى ساحة صراع دولية يطيل في عمره ويبقي أبواب المساومات مع الخارج مفتوحةً، والنظام السوري كان تاريخياً يستمد شرعيته من الخارج والمساومات معه قبل الداخل، لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه فاقد للشرعية داخلياً، لذلك لو حللت خطاب النظام طوال العقود السابقة لوجدته يربط دائماً بين الوطنية ومعاداة الخارج أياً كان هذا الخارج، وها هو اليوم يستعيد الخطاب نفسه، يستقدم روسيا وبوارجها ويتهم غيره بالتعامل مع الخارج!!
مسار الأمور في سوريا بات معقداً بعض الشيء، لكن هذا لا ينفي الإيمان بالشعب السوري الذي أثبت إلى الآن أن كلمة الفصل في هذا الصراع القائم لن تكون إلا له، وبالتأكيد في النهاية ستنتصر إرادة الشعب الذي حطم التماثيل ومزق الصور وأسقط النظام قبل أن تسقطه الجامعة العربية أو هيئة الأمم المتحدة أو حتى المعارضة السورية، الشعب السوري سبقهم جميعاً لأنه مؤمن بقضيته، وهو ما يجعلني مطمئنا إلى هذه الثورة ومسارها.
حدثنا عن مساهمتك في العمل الميداني والعمل الثوري بوجه عام؟
لا أريد التحدث عن دوري وهو ليس دورا إنما واجبي تجاه وطني والشعب الذي أنتمي إليه وأحمل هويته، لذلك لا أرى في دوري ما يميزه عن دور أي شاب في سوريا، وأنا لم أكن وحدي إنما كنت أعمل مع مجموعة من الشباب والشابات الذين أفتخر بكل واحد منهم، ومعهم ساهمت في التظاهرات (ما استطعت إليها سبيلا)، كذلك في التحضير لهذه التظاهرات وشعاراتها وهتافاتها ولافتاتها ونقل أخبارها إلى الإعلام، وغيرها من العمل الميداني والإغاثي والتقني أو التكنولوجي الذي يقوم به أي شاب سوري اليوم، ولا ميزة لما قمت به ولذلك أتحفظ على إكمال الإجابة كي لا أتحدث عن نفسي أو عن غيري من النشطاء السوريين الذين لا يطلبون الشهرة من وراء عملهم، والذين لا أريد ذكر أسمائهم خشيةً عليهم، ربما فقط ما أعتز به على الصعيد الشخصي أني عرفت كيف أكون quot;مراسل حربquot; في كثير من اللحظات الصعبة وهذا ما أفخر به على الصعيد المهني بالتحديد.
ماذا عن تجربة اعتقالك، وما هي التهم التي وجهت إليك؟
مررت بتجربتي اعتقال خلال الثورة، الأولى استمرت لأسبوعين، أما الثانية فاستمرت لأربعة أشهر، أعلم أن الحديث عنها قد يطول، لكنها لا تشكل إلا جزءاً بسيطاً من معاناة الشعب السوري، في السجن تعرفت إلى الثورة أكثر، وتعرفت إلى وجهٍ آخر لسوريا مختلف عن فئة النشطاء والمثقفين والصحافيين والحقوقيين، هناك فهمت معنى الثورة الشعبية، وتعرفت أكثر إلى أشخاص مختلفين بسطاء وربما غير متعلمين، وعندما كنت أسألهم quot;لماذا خرجتم في التظاهرات؟quot; يجيبوني (منشان الحرية والكرامة والناس يلي عبتموت)، هنا لا يعود للسجن معنى، ولا يعود التحدي بينك وبين الجلاد الأجير، إنما التحدي بينك وبين ذاتك، بقدر ما تصمد في التحقيق والتعذيب بقدر ما تنتصر، وبقدر ما تخرج من السجن وأنت مؤمن بالهدف الذي دخلت لأجله السجن تكون بالفعل انتصرت، وفي القضية نفسها أو الملف الأمني لم أكن وحدي بل كان معي مجموعة من الأصدقاء والنشطاء ووجهت لنا جميعاً التهم الباطلة والملفقة نفسها ومنها إضعاف الشعور القومي، ونشر الأنباء الكاذبة التي من شأنها أن توهن نفسية الأمة، والنيل من هيبة الدولة، وإنشاء جمعية محظورة تهدف إلى تغيير كيان الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهي جملة من التلفيقات باتت معروفة ليس فقط للمعارضين السوريين إنما للمجتمع السوري كله، وهنا دعني أستغل سؤالك عن السجون لأوجه نداءً إلى جميع حقوقيي العالم وليس فقط سوريا، وإلى كل صاحب ضمير حي ليعمل من أجل إنقاذ معتقلينا، لا تتخيل أبداً أن الاعتقال حالة بطولية وردية، في معتقلاتنا بالفعل تخون اللغة عن هول وحجم الفظائع والانتهاكات التي شاهدناها وعشناها، الاعتقال فيلم رعب مستمر حتى بعد الخروج من السجن.
التعليقات