المبعوث الدولي كوفي أنان

إذا التزم النظام السوري بوقف إطلاق النار، فإن المعارضة ستضع على محك التجربة العملية حق التجمع السلمي الذي تنص عليه خطة المبعوث الدولي كوفي أنان بتظاهرات جماهيرية بعد صلاة الجمعة، كما دأب المحتجون منذ اندلاع الانتفاضة قبل 13 شهرًا، وعلى الرئيس بشار الأسد أن يقرر إن كان سيسمح لهم بالتظاهر.


تراجعت أعمال العنف في سوريا بعد بدء تطبيق وقف إطلاق النار صباح الخميس، رغم بعض الخروقات التي تسببت الخميس بمقتل عشرة اشخاص. واعلنت وزارة الداخلية السورية الخميس ان اي تظاهرة يجب ان تحصل على quot;ترخيص من الجهات المختصةquot;.

من الضروري أن يلتزم المحتجون المطالبون بإسقاط بشار الأسد بالتظاهر اللاعنفي لتفادي أي ذريعة قد يستخدمها النظام السوري فينقض عليهم بآلته القمعية. ومن المرجح ان تخرج تظاهرات رسمية موالية في مواجهة تظاهرات المعارضة، وان تحدث استفزازات وتحرشات يمارسها أزلام النظام.

ومن شأن وجود المراقبين والاعلام، كما تنص خطة المبعوث الدولي كوفي أنان أيضًا، أن يشجع المناوئين لنظام الأسد. ولا يمكن تنفيذ خطة أنان من دون مراقبين محايدين.

ويوجد في دمشق فريق بقيادة جنرال نروجي يعمل تحت راية الأمم المتحدة ولكن ليس هناك اتفاق حتى الآن على جنسيات المراقبين وصلاحياتهم وأعدادهم وشروط انتشارهم. وكان النظام السوري تفاوض طويلاً بشأن بعثة مراقبي الجامعة العربية في كانون الأول (ديسمبر) التي عُدت أصغر من حجم مهمتها وسيئة التجهيز وسرعان ما باءت بالفشل.

ونقلت صحيفة الغارديان عن مصادر دبلوماسية أن خطة أنان أعدتها جهات غير سورية وهي تحتاج إلى إضفاء طابع ملموس على مفرداتها وتكييفها مع الواقع على الأرض. وإن حرية الوصول إلى الأماكن التي يريد المراقبون الوصول اليها ودخولها هما عنصر أساسي في تفعيل الخطة، كما أكد الدبلوماسيون.

ويُرجح أن تُرفد بعثة المراقبين في البداية من نظيرتيها في الجولان والقدس. وأقرب قوة دولية هي التي تتمركز في جنوب لبنان حيث ترابط منذ عام 1978.

وتصر دمشق على أن تلتزم المعارضة أيضًا بوقف إطلاق النار لكنها تتجاهل حقيقة صارخة هي أنّ أسلحتها الثقيلة وقواتها العسكرية لم تنسحب من المدن والبلدات كما كان مطلوبًا قبل 48 ساعة من وقف إطلاق النار.

وهناك مشاكل جدية أخرى. إذ بدا الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي مرتبكًا حين سُئل خلال مقابلة مع بي بي سي عن quot;العملية السياسيّة بقيادة سوريةquot; التي تعتبر جزءًا لا ينفصل من خطة أنان. وأكد مقدسي أنّ التغيير السياسي في سوريا ليس من شأن quot;الغربquot;.

ويفترض خصوم الأسد السوريون وفي الخارج أن أي محادثات بين النظام والمعارضة يتعيّن أن تنتهي برحيله. ومن المتوقع أن تنقسم فصائل المعارضة انقسامًا مريرًا حول التفاوض مع النظام. ويذهب منتقدون إلى أن أنان ساذج إذا كان يعتقد أن الأسد سيتعامل مع خطته بحسن نية.

ويلفت ناشطون سوريون بغضب إلى أن بطش النظام استمرّ بلا هوادة بل وحتى تصاعد قبل موعد وقف إطلاق النار فجر الخميس. ونقلت صحيفة الغارديان عن ناشط سوري استغرابه من تفاؤل أنان مشيرًا إلى تصريح المبعوث الدولي حين قال إنه الآن متشجع بالهدوء النسبي في سوريا.

ويقول أصدقاء أنان إن مواجهة التحديات هوايته وإن كان من الحكمة أن يتفادى هذه المرة التحدي الصعب الذي تطرحه الأزمة السورية. ولكن كما قال أنان نفسه حين تساءل عن خطته quot;إذا أردتم إبعادها عن الطاولة فما هو البديل؟quot;

في هذه الأثناء، ما زالت لدى الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى شكوك عميقة في آفاق استمرار وقف إطلاق النار وتنفيذ بنود الخطة المتبقية.

ومن المرجح أن يجري السكوت عن خروقات معزولة ولكن عندما تقرر هذه القوى أن الخطة انهارت بلا رجاء في أحيائها فإن الضغوط ستتزايد للعودة الى مجلس الأمن الدولي بأمل ان ينفد صبر روسيا التي دعمت الأسد حتى الآن وتتخذ موقفا اشد حزما منه. ولكن سفير روسيا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أشار يوم الخميس إلى أن تقييم الوضع سيحتاج الى وقت.

ومن القضايا الأخرى التي يتعين التوقف عندها موقف المملكةالعربية السعودية وقطر اللتين تتحدثان عن تسليح مقاتلي الجيش السوري الحر، وهي فكرة يدعمها الجمهوريون في الولايات المتحدة، كما تلاحظ صحيفة الغارديان.

وتشعر تركيا بالقلق من تدفق اللاجئين والخروقات الحدودية ولكنها لن تتحرك من دون دعم دولي واسع. وإذا فشلت خطة أنان، فالمرجح أن تُرفع مطالب جديدة بفتح ممرات إنسانية لحماية المدنيين أو فرض منطقة حظر جوي توفر ملاذًا آمنًا للمعارضة.