في الوقت الذي تحاول فيه معظم الدول التوصل إلى حلّ يوقف حملة القمع الوحشية التي يشنها الرئيس السوري بشار الأسد ضد المعارضين لنظامه، تستثمر فنزويلا جهودها لدعم الأسد والمحافظة على موقعه في السلطة.

الحقائق والأرقام الواردة من سوريا، أقل ما يقال عنها أنها مروعة، مع أكثر من 9000 قتيل منذ الربيع الماضي. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 50 مواطناً سورياً يلقون حتفهم يومياً على يد قوات الأمن الحكومية، كما يتم تفجير الجسور والطرق المؤدية إلى خارج البلاد لمنع المدنيين من الفرار.

وتشير بعض التقارير إلى أن الحكومة السورية أمرت الأطباء بتخدير ضحايا التعذيب بعقارات وأدوية تمنعهم من الكلام، كي لا يتحدثوا مع المراقبين الدوليين ويروون تجاربهم.

وقال موقع quot;هافينغتون بوستquot; الإخباري إن بشار الأسد، جنباً إلى جنب مع والده حافظ الأسد، حكما سوريا طوال 41 عاماً، ما يضع هذا الثنائي بين الأب وابنه، مع كوريا الشمالية وكوبا في خانة أطول الأسر الديكتاتورية الحاكمة.

وأشار الموقع إلى أنه، وعلى الرغم من اشتداد حملة القمع السورية، توفّر الحكومة الفنزويلية كل الاحتياجات اللازمة للحفاظ على الآلة العسكرية السورية القاتلة. وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي أعلن التوقف عن بيع النفط لسوريا، عقاباً على انتهاكها لحقوق الانسان، إلا أن التعاون ما يزال قائماً مع فنزويلا التي أرسلت أكثر من 600،000 برميل من النفط إلى سوريا في الأشهر القليلة الماضية.

أما روسيا، التي تربطها علاقات استثمارات اقتصادية واستراتيجية مع سوريا، فتستمر أيضاً في دعم الأسد، لا سيما وأن البوصلة الأخلاقية ينتفي وجودها في ظل المصالح الوطنية.

في هذه الأثناء في فنزويلا، وافق حزب هوغو تشافيز بالإجماع على التضامن مع النظام السوري، مشيداً بما يسمى الاصلاحات التي وصفها بأنها quot;نموذجا يحتذى بهquot;. وتستمر صحيفة quot;كورو ديل أورينوكوquot;التي تمولها الدولة، بنشر المقالات والتحليلات الداعمة للأسد، فيما يحرص تشافيز وحكومته، في مناسبات عديدة، على الدفاع علناً وبشدة عن دعمهم القوي للأسد.

واعتبر موقع quot;هافينغتون بوستquot; أن ولاء تشافيز للأسد ليست بالتطور الجديد، لا سيما وأن علاقات وثيقة تجمعهما منذ سنوات. وزار تشافيز سوريا مرتين بصفته الرئاسية، وخلال رحلته الأخيرة، تمت تسمية أحد شوارع مدينة دمشق على اسم الزعيم الفنزويلي، تقديراً لدعمه.

ويشار إلى أن تشافيز يخاطب الأسد دائماً بصفة quot;شقيقناquot; مع الإصرار على أن أقوى العلاقات بين سوريا وفنزويلا من شأنها أن quot;تضمن عالماً حراً وديمقراطياً يسوده السلام والاحترامquot;.
أما في الشارع الفنزويلي، فأشارت الإحصاءات إلى أن أكثر من مليون مواطن هم من أصل سوري. وقام العديد منهم مؤخراً بتنظيم مسيرات في شوارع كراكاس احتجاجاً على دعم تشافيز للأسد.

ويبقى السؤوال: لماذا يصر تشافيز على دعم الديكتاتور السوري المنبوذ عالمياً، مخاطراً بفقدان مصداقيته في الخارج والداخل؟
يقول بعض المحللين إن السبب يعود إلى اتفاق بين الدولتين عام 2010 ينص على توريد ديزل فنزويلا إلى سوريا مقابل المواد الغذائية. وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لا ينجز الكثير من وجهة نظر استراتيجية أو اقتصادية، إلا أنه ساعد تشافيز في بحثه عن الصور التذكارية مع أسوأ قادة الحكومات في العالم.

وأشار quot;هافينغتون بوستquot; إلى أن تشافيز يرتبط بعلاقات مشابهة مع إيران، وزيمبابوي وليبيا، وكل ذلك يشكل دليلاً على سجل تشافيز الحافل بشخصيات بارزة في مجال انتهاك حقوق الانسان.
يقول الزعيم الفنزويلي إن الانتفاضة في سوريا هو مؤامرة غربية، وليست تمرداً شعبياً. وهذا الكلام بمثابة صدى لموقف الرئيس السوري الذي يزعم أن بلاده ضحية لـ quot;تسلل الارهابيين إلى سوريا الذين يسببون العنف والموتquot;، متهماً وسائل الاعلام الدولية بالتحريض ضده.

وختم الموقع بالقول: quot;قرار تشافيز ليس نتيجة العمى أو الجهل، فأجهزة الاستخبارات تنقل له كل ما يجري من أحداث في سوريا، لكن يبدو أن تشافيز لا يزور أصدقاءه في المقبرة وحسب، بل يدفن نفسه معهم أيضاًquot;.