انتشار للجيش السوري في بلدة سقبا

يرى مراقبون أن حماسة الجهاديين تعاظمت لما يرونه أنه جبهة جديدة يمكن أن يتوجهوا اليها مع تحول الأزمة السورية من تظاهرات سلمية لاسقاط الرئيس بشار الأسد الى نزاع مسلح ينخرط فيه آلاف المنشقين عن الجيش النظامي والمواطنين الاعتياديين الذين حملوا السلاح.

quot;الجهاد هو السبيل الوحيد للثأر من مقتل اخوتناquot; ، كما اعلن الراوي فيما تصور الكاميرا انفجار عبوة ناسفة زُرعت على جانب الطريق مستهدفة عربات قوى الأمن السورية. وتابع الراوي أن التظاهرات السلمية لن تجدي.... فهذا النظام مدعوم من اسرائيل والولايات المتحدة ، وهو لن ينتهي إلا بالدم ، على حد تعبيره.

هذا المشهد جزء من شريط فيديو طوله 45 دقيقة بثته مؤخرًا على مواقع جهادية جماعة تطلق على نفسها quot;جبهة النصرة الاسلاميةquot; التي تشن على ما يبدو حملة اعلامية لاستغلال الانتفاضة السورية المستمرة منذ عام.

ويصور الفيديو أماً تنحب وهي تروي كيف اغتصبها جنود النظام على ما يُفترض وشابًا انتحاريًا يتعهد بالانتقام من الفظائع المرتكبة في مدينة حمص.

ويقول مراقبون إن حماسة الجهاديين تعاظمت لما يرونه أنه جبهة جديدة يمكن أن يتوجهوا اليها مع تحول الأزمة السورية من تظاهرات سلمية لاسقاط الرئيس بشار الأسد الى نزاع مسلح ينخرط فيه آلاف المنشقين عن الجيش النظامي والمواطنين الاعتياديين الذين حملوا السلاح.

لا أحد يعرف تمامًا من هي جبهة النصرة. فالجبهة ظهرت لأول مرة باعلان مسؤوليتها عن تفجيرات وقعت في دمشق وحلب في مطلع العام. ويقول ناشطون في المعارضة السورية إنها من اختراع النظام لتشويه صورة الثورة التي دأب على القول إنها من تدبير متطرفين اسلاميين في اطار استراتيجية هدفها تخويف الأقليات ودفعهم الى الوقوف مع النظام. ويرى آخرون أنها قد تكون مرتبطة بمجموعة من الجهاديين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين الذين يمارسون نشاطهم السري من مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

واياً يكن منشأ جبهة النصرة، فإن شريط الفيديو الذي بثته يسلط الضوء من جديد على المخاوف من أن يخطف متطرفون الثورة إذا اصبحت نزاعًا مديدًا بهدف تحويل سوريا الى جبهة للجهاديين الأجانب على غرار افغانستان في ثمانينات القرن الماضي والعراق بعد الغزو الاميركي.
وتوجه مقاتلون ليبيون بالفعل الى سوريا فيما يقول زعماء محليون في غرب العراق إن عشرات من مقاتلي تنظيم القاعدة عبروا الحدود بعد طردهم من محافظة الانبار.

لكنّ المراقبين يقولون إن العنصر الجهادي في الثورة ما زال محدودًا وأن قدرته على توسيع نفوذه غير معروفة لا سيما وأنه مدان من المعارضة العلمانية والاسلامية على السواء.

وحين دعا زعيم القاعدة ايمن الظواهري المسلمين الى دعم الانتفاضة السورية في شريط فيديو بُث في شباط/فبراير سارع الجيش السوري الحر الى رفض دعم القاعدة له.

يضاف الى ذلك أن المعارضة الاسلامية في سوريا تُدرك خطر انخراط متطرفين في الانتفاضة في وقت تحتاج الى طمأنة الأقليات بما في ذلك الأقلية العلوية التي تنتمي اليها غالبية اركان النظام. وحرصت المعارضة الاسلامية على الحيلولة دون تصوير الانتفاضة وكأنها حركة يقودها اسلاميون سنة متطرفون.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن الباحث بيتر هارلنغ من مجموعة الأزمات الدولية quot;أن من المحتم أن يكون الجهاديون جزءاً من الصورة في وقت يستهدف النظام كل المعارضة بحملته ويدفع المجتمع الى الحافة ويشعر السوريون بأن الغرب تخلى عنهم وتتقدم دول خليجية لمد يد العون. ولكن السؤال هو حجم الدور الذي سيقتطعونه لأنفسهمquot;.

وتساءل هارلنغ quot;هل ستكون لديهم قيمة مالية مضافة في اقتصاد النزاع؟ هل سيقدمون خبرة تكون هناك حاجة اليها؟ وهل سيمنح خطابهم شرعية حقيقية؟quot;

وقال ابو احمد، عضو كتائب عبد الله عزام الاسلامية في لبنان، التي يُعتقد أن لها ارتباطات بتنظيم القاعدة في العراق، إن سوريا الآن quot;أرض الجهادquot;. ولكن عندما سُئل عن دور جماعته في سوريا اشار الى أنه دور هامشي. واضاف بلغة مبهمة أنها تساعد الآخرين quot;بصورة غير مباشرةquot; مؤكدًا أن جماعته تتعامل بحذر مع المعارضة.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن ناشط من حمص لجأ الى لبنان أن الثورة quot;ذات روح اسلامية ولكنها ليست متطرفةquot;. وشدد على ضرورة التمييز بين اشخاص مثله سماهم quot;مسلمين وسطيينquot; والعناصر المتطرفة. واضاف الناشط أن الجميع يعرف أن هذه العناصر المتطرفة quot;تعمل لنفسها وليس للثورةquot;.

وقال مقاتل في الجيش السوري الحر انتقل الى لبنان من حمص إنه يريد من علماء الدين في سوريا أن يعلنوها ارض جهاد لاستقطاب مقاتلين اجانب.ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن المقاتل أنه quot;عندما ينتهي الظلم يعود الجميع الى بلدانهمquot;.

ولكن حتى هذا المقاتل اكد أنه ضد التعصب ووجه نداء على يوتيوب اوضح فيه أن لحيته التي اطلقها على طريقة السلفيين لا تعني أنه ضد المسيحيين.

وقال الباحث هارلنغ من مجموعة الأزمات الدولية إن غالبية فصائل المعارضة تدرك أنها ستفقد شرعيتها إذا سارت في طريق التطرف على أي صعيد.

لكنّ دبلوماسيين ومحللين يخشون أن هذه الحسابات يمكن أن تتغير مع استمرار حمام الدم. ويقول الناشط عمرو ابو العزم الذي يقيم في الولايات المتحدة أن الجهاديين في سوريا قلة ولم يحتضنهم السوريون حتى الآن. quot;ولكن مع تزايد اليأس يلجأ الناس الى اجراءات يائسةquot;.