(1 من 2)
1- هي عائشة
زوجات رسول ا لله صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين، ذلك هو نص الكتاب العزيز، ولكن قد يتبادر الى الذهن إنهنّ أمهات أولئك الذين عاصروا رسول الله، ثم انتهى الوصف بإنهاء ظرفه الزمني، فهي أ مومة محصورة بمجموعة من البشر، هم الأصحاب الذين عاصروا النبي الكريم، وتمتد إلى نهاية حياة آخر زوجة بقيت على قيد الحياةhellip;
فهي ليست أمومة خالدة، بل اقتضتها ظروف عابرة، توقفت بتوقف زمنها العابر، أو إنتفت حقيقة وأثرا ومعنى باختفاء ضروراتها في حينهاhellip;
ولكن هي أمومة خالدة، ذلك ما نستوحيه من فضاء الاية الكريمة، فهن أمهات المؤمنين في كل زمان وفي كل مكان، وبالتالي، تسري أمومتهن بحق المؤمنين إلى يوم يبعثون.
ولقد منّ الله على كاتب هذه السطور أن عاش مع أمهات المؤمنين من خلال سبر حياتهن وسيرتهن، فوجد أن كل أم منهن تجسد سرا خاصا من خصائص الأمومة العظيمةhellip;.
خديجةhellip;
نقرأ حياة خديجة الطاهرة فنستجمع من كل طرف من اطراف حياتها ذلك الحنان الامومي الخالد، يحتضننا بكل هدوء وشموخ وصبر وعنتhellip;
أم سلمةhellip;
نقرا حياة أم سلمة الجليلة فنحس أن هناك نداء يهتف بأسماعنا من بعيد أنْ تعالوا وضمنّوا أسراركم في أعمق أعماقي فأنا أمكم الامينةhellip;
عائشةhellip;
تلك هي آية الآيات في معنى الامومة رغم صغر سنها، تلومها وتحبها، تحتار لسلوكها وتنغمس في عشقها، تمضي معها مسافة طويلة لتقف في منتصف المسافة الطويلة لتحزن، ولكن في الوقت ذاته تنتصر لها، وتغوص في كبريائها لتجد هناك ما يغذيك كبرياء التمرد على الفراغ، ولكن هل كل فراغ يستوجب التمرد؟
أية من آيات التاريخhellip;
وآية من أيات الحياةhellip;
وأية من أيات الطبيعةhellip;
اجتمعت هذه الايات لتشكل مسيرة خالدة، وعندما تخدش المسيرة مواقف ما كان لها أن تكون، تعود مضطرا لتقول ولكنها أم المؤمنين، ثم، هي الام التي يمكن أن أستجمع من كل طرف من أطراف حياتها ذلك التمرد الحاد على الفراغhellip;
التمرّد على الفراغhellip;
ولكن ليس كل فراغ يستوجب التمرد، وليس كل تمرد على الفراغ يحمل طابع الرضا من التاريخ، ولا طابع الرضا من الاولاد مهما كانوا مخلصينhellip;
ولكنها تبقى أماhellip;
إيه أيها الحبيبةhellip;
عائشةhellip;
وهل هي نجم ألق ثم هوى؟ إم هي نجم يهوي ليعاود الألق من جديد، نقطة بداية، ونقطة نهاية، وبين البداية والنهاية مسافة محسوبة بكسور الاعداد الصحيحة، وليس بالاعداد الصحيحة، لانها تأبى الفراغ، ولانها تأبى النهاية!!!
عائشةhellip;
دعها تغار من صويحباتها كي نتعلم فن الغيرة لا عفوية الغيرةhellip;
ودعها تقود الجيوش حتى وإن أخطأت كي نتعلم من خطأها فن التصحيح!
ودعها تتمرّد على الفراغ كي نتعلم من تمردها كياسة التمرد، وفنونه الماهرة.
دعها تتكلم عن الجسد، كي نتجسد بجسدنا، كي نكتب حرية جسدنا، كي ننقش على الجسد ما نريده فيستجيب بكل حنان وعفوية بل وبـ ( فن ) يفوق من يدعي فنون الجسد بامتيازhellip;
رضي الله عنهاhellip;
أمناhellip; وأكرم بها من أمhellip;
عرس رسول اللهhellip;
تعلمنا فن العرسhellip;

2- بين جرأة الجسد وجسد الجرأة
تقول الرواية (عن أبي النضر، أن عائشة بنت طلحة أخبرته إنها كانت عند عائشة، فدخل عليها زوجها وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، فقالت له عائشة: ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتلاعبها وتقبلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟ قالت نعم) (موطا مالك نقلا عن فتح الباري 5 ص 4).
لعبة الجسد هنا هي اللغة التي تتكلم بها أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي لعبة كاملة الاوصاف في مسيرتها، تبدا من الملاعبة لتمر بالقبلة لتنتهي بما يمكن أن تنتهي إليه القبلة العميقية في أكثر الاحيانhellip;
يخطا من يتصور إنها القبلة العابرة، قبلة الصمت الشفوي، بل هي هنا قبلة الإلتصاق الشفوي بما يذيب سكّراً في سكَر، فإن القبلة العميقة لذة مضاعفة، تلتذ الشفة بحرارتها وحرارة الشفة الاخرى في لحظة سحرية خالدة، ترى كيف تكون القبلة بعد الملاعبة؟
فن جسدي، ومدرسة في لقاء اللذتين المحللتين في شرع الله، لا ظالم ولا مظلوم، فما جزاء الإحسان إلاّ الإحسان، وإحسان شفة يجب أن يعادل بإحسان مثيلتها، تلتقي بها كي يتذاوب السكر المتبادلhellip;
هل هي جرأة جسد، أم جسد جرأة قد وعى حظه من الحضور على لسان ام المؤمنين لانه حق، ولانه ربيب الطبيعة، وقبل هذا وذاك، هي سنة الله في الخلقhellip;
جسد الجرأة وليس جرأة الجسد، تملتها أم المؤمنين من تجربة سابقة بكل تأكيد، تلك هي القبلة المشتركة بين أم المؤمنين وأبي المؤمنينhellip;.
هيhellip; رضي الله عنهاhellip;
وهوhellip; صلوات ربي عليه ما دام الكون يسبح للحبhellip;
القبلة هنا في درس أ منا رحمها الله خلاصة مسيرة جسدية، فاللعب الجسدي تماهي بين جسدين كاملين، يتمخض عن خلاصة مركزة، تلك هي القبلة، خلا صة تنهي المسيرة بما تنتهي به عادة أ و غالبا، كي يعود النشيد الجمل من جديد!!
تقول الرواية (hellip; عن ابن عروة بن الزبير إن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكتhellip;) ( البخاري كتاب الحيض، 1 / 176 ).
هل كانت في معرِض الا خبار؟
هل كانت في معرض التشويق؟
هل كانت في معرض فضح المستور؟
ترى أي فائدة من ذلكhellip;
كان النبي الكريم يقبل بعض زوجاتهhellip; هكذا تقول السيد الكريمة، فإذن كان نساء النبي يتحادثن بعض ما كان يمارس النبي من هوامش الحب معهن.
يبدو أن حديث القبلة لذيذ كما هي القبلة ذاتهاhellip;
والحديث عن القبلة يمتلك روح القبلة، سخونتها، وضحكة عائشة هي ضحكة العفاف في خدر القبلة الشرعية التي ينبغي أن تصل الذروة في التذاوب المتبادل.
كلام عائشة الكريمة عن القبلة لا يشي بمعادلة المثير والإجابة، ولا بمعادلة الطلب والإجابة، ولا بمعادلة المرسل والمستقبل، ولا بمعادلة الفاعل والمنفعلhellip;
كلامها فاعلان ومنفعلانhellip;
كلاهما يطلب الأخرhellip;
ليست قبلة المناصفة، بل قبلة التكامل، تذاوت، تذاوب، هناك يحترق سكر في داخل سكر، وما هو بحديث الجوى العابر، ولا حديث الحس المبتذل، بل هو حديث المسيرة الانسانية، وحديث القبلة الخالدةhellip;
ليست جراة جسدhellip;
بلhellip;
جرأة وعيhellip;
يتبع
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه